الانتخابات في العراق… بين مزادات الذمم ومسرحية الشعارات

الانتخابات في العراق… بين مزادات الذمم ومسرحية الشعارات

المشهد السياسي يتكرر، ولكن بأقنعة مختلفة، بينما تبقى همومالمواطن كما هي

الانتخابات في العراق تعد من المحاور المهمة في الحياة السياسية، وهي غالبا محط جدل واسع بسببالأوضاع الأمنية، والطائفية، والتدخلات الخارجية، والتشكيك بنزاهة العملية الانتخابية

تجرى كل أربع سنوات، ينتخب الشعب مجلس النواب، وهو الجهة التشريعية، البرلمان بدوره يختاررئيس الجمهورية، والذي يكلّف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة

لحد الان يبدو كل شيء منظم حال الدول المستقرة، لكن ما يحدث في العراق وخصوصا عند اقترابكل موسم انتخابي، تنشط معه أسواق السياسة، حيث تعرض الذمم وتشترى الأصوات وتخاضمعارك لا هدف لها سوى تثبيت نفوذ قديم بثوب جديد. المشهد السياسي يتكرر، ولكن بأقنعة مختلفة،بينما تبقى هموم المواطن كما هي وربما أسوأ

100 مليون دينار مقابل ألف صوت: مزادات الذمم على قارعة الانتخابات

في الخفاء وأحيانا في العلن تعقد مزادات لشراء الأصوات كأن الناخب مجرد ورقة تجارية تساوموتباع. عشرات الشهادات الميدانية ومقاطع الفيديو المتداولة توثق عروضا تصل إلى 100 مليون دينارعراقي مقابل ألف صوت، خصوصا في المناطق الريفية أو المهمشة، حيث يزداد الضغط الاقتصاديوتضعف مقاومة الإغراء، باتت قوة الجيوب أهم من البرامج السياسية، وغدا المواطن يستغل لا يمثل،يشترى ولا يحترم

تعيينات انتخابية رغم حظر الموازنة الثلاثية

على الرغم من وضوح نصوص الموازنة الثلاثية التي تمنع التعيينات الجديدة، إلا أن مزاد التعيين عادبقوة. عروض مباشرة بالانضمام إلى دوائر وهمية، ووعود شفهية تروجها بعض الكتل السياسية لحشدالدعم في استغلال واضح لحاجة الشباب العراقي إلى فرصة عمل تحفظ كرامته، المواطن يعلم أن هذهالوعود زائفة، لكنه بين مطرقة الحاجة وسندان الكذب الانتخابي يختار أملا هشا، ولو كان مؤقتا

المنافسة على الكراسي تتحول إلى مسرحية فضائح

الحملات الانتخابية تحولت إلى منصات للتجريح الشخصي. المرشحون، الذين كانوا يتبادلونالمجاملات خلف الكواليس، يخرجون فجأة إلى الإعلام كأوصياء على الوطن، يكشفون ملفات بعضهمالبعض، متناسين أنهم كانوا شهود صمت طوال السنوات السابقة

نفس الوجوه، نفس الخطابات، ولكن بعبارات أكثر نعومة ووطنية. كل واحد محبللعراق، حامل همّ الشعب، راغب بالإصلاحلكن الشعب بات أكثر وعيا من أن يصدقالشعارات ذاتها التي وعد بها في كل دورة دون أن يرى منها شيئا سوى الخيبة

مشاكل وتحديات

عزوف شعبي كبير عن التصويت بسبب فقدان الثقه                                                            

شراء الأصوات والمال السياسي، خاصة من قبل أحزاب نافذة

تدخلات خارجية (إقليمية ودولية)

انفلات السلاح وتهديدات تمنع المرشحين من الترشح بحرية

التلاعب الإلكتروني والورقي بالنتائج

خلاصة التجربة: وعي الناخب هو المفتاح

الانتخابات أداة ديمقراطية عظيمة حين تمارس بنزاهة، لكنها تتحول إلى مأساة وطنية حين يساءاستخدامها. العراق لا يحتاج إلى مزيد من الشعارات أو صفقات الظل، بل إلى وعي حقيقي يبدأ منالناخب، لا من المرشح

إن كانت أصوات الناس تشترى اليوم بالمال أو الوعود الكاذبة، فالنتيجة لن تكون سوى إعادة تدويرالفساد بلون جديد

ويبقئ السؤال

هل آن الأوان لأن يقول الناخب كلمته الحقيقية ويكسر هذا النمط الذي يعيد إنتاج الفشل؟ أم أننا مازلنا أسرى الحاجات المؤقتة والأكاذيب الموسمية؟