19 ديسمبر، 2024 12:22 ص

الانتخابات بين ثقافة التكليف والتنافس الشريف

الانتخابات بين ثقافة التكليف والتنافس الشريف

ونحن ندخل وبسرعة شديدة في حمى انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم والتي اشتدت درجات حرارتها خلال الايام الماضية مع ارتفاع درجات حرارة الطقس اليومي ،وبشكل واضح للجميع، لدرجة ان المواطن البسيط وبالعين المجردة ــ فضلا عن مختلف وسائل الاعلام المراقبة لحدث الانتخابات وما يرافقه من مجريات عديدة ــ قد شاهد ولاحظ الخروقات الانتخابية والتجاوزات القانونية التي قام بها بعض المرشحين تجاه مرشحين واحزاب سياسية قد يختلفون معهم فكرا ونهجا، إذ تم ملاحظة هذه الخروقات في مناطق متعددة من البلاد سواء أكانت عن طريق تمزيق الصور واللافتات الخاصة بالمرشحين في تصرفات طفولية غير مسؤولة أو عن طريق استغلال وسائل اعلام تابعة لأحزاب وكيانات اخرى، وبدلا من توجيهها لتفعيل المشاركة الجماهيرية في عملية الانتخابات، وتكثيف التوجيه والتوعية لتحقيق ذلك فإنها تعمد الى النيل من شعبية ووجود أحزاب وأطراف لها حضورها السياسي والجماهيري وبأساليب بعيدة تمام البعد عن المهنية والحرفية والاخلاق الحضارية التي تسعى للحفاظ على رونق العملية الانتخابية وشفافيتها ونزاهتها وبما يجعلها ذات اهمية قصوى وضرورة ملحة لاستكمال مراحل التغيير السياسي والديمقراطي في العراق الجديد.
التنافس الشريف وعدم تجاوز الاعراف الدستورية والانتخابية، واعتماد الاخلاق في التسابق نحو مبادئ خدمة المواطن فعليا وليس مجرد شعارات يتم رفعها والالتفاف عليها وتزويقها بشكل جميل ومؤطر وتسويقها خلال فترة الدعاية الانتخابية، إذ ان تمسك المرشح بمبادئه وأهدافه الوطنية هي العلامة الفارقة التي ستبقى حاضرة حتى موعد الانتخابات القادمة، وهذه الاخلاق هي نفسها ستكون الحافز والدافع لبناء الوطن وتقديم الخدمات المناسبة لأبناء الوطن، لأننا شاهدنا عشرات المرشحين في الانتخابات السابقة ممن لوّنوا جلودهم بألوان ليست حقيقية ولا ملائمة لهم لأنهم قد اعتادوا على خانة الوطن وسرقة ممتلكاته والعبث بمقدراته ولكنهم رفعوا شعارات حب الوطن ودعوات بنائه خلال فترة الدعاية الانتخابية، وبعض هؤلاء قد فضحهم الناخبين ابناء الشعب ورفضهم كما يرفض جسم الانسان السليم أي جسم غريب يدخل احشائه وجلد ليعزله ويلفظه خارجه ولو بعد حين بنعمة الهية وهبها الله تعالى للإنسان، كما ان البعض الاخر وإن عبروا مرحلة الانتخابات لكنهم لم يتمكنوا من الاستمرار بخداع المواطن والتلاعب بمصيره بعد ان تم كشفه وفضحه ومحاسبته جماهيريا ورفضه.
الاعتماد على ثقافة الناخب في فرز الاصوات الوطنية والمرشحين الاكفاء والمخلصين لبناء اوطانهم هو بالتأكيد سيكون معيار نجاح الانتخابات المقبلة، ومن خلاله ستتمكن مجالس المحافظات القادمة من القيام بواجباتها ومهامها على اكمل وجه بفضل نوعية وذكاء الناخبين في اختيار مرشحيهم القادرين على تلبية مطالبهم وطموحاتهم بشكل صحيح، وان الاعتماد على ذكاء وحرص وثقافة الناخب في الاختيار ورغم انه حق مباشر من حقوق المواطن إلا انه يمثل تكليفه وواجبه الشرعي والدستوري والوطني لان هذا التكليف يقع على عاتقه مسؤولية البناء والاعمار، واعتقد انه السبب الحقيقي الذي جعل تيار شهيد المحراب يرفع شعار (محافظتي اولا) لان ذلك معناه ان المواطن يتحمل  نجاح او اخفاق عملية بناء وازدهار المحافظة التي يسكنها اعتمادا على نجاحه او اخفاقه في عملية الاختيار، وبتكامل جميع حلقات المحافظات مع بعضها تتكامل عملية بناء الوطن بأكمله عبر بوابة اختيار الانسب والأكفأ وتطبيق شعار تيار شهيد المحراب، ولكن عبر دقة ونزاهة وفاعلية حقيقية وتطبيق حي لكل ذلك في يوم الانتخابات المشهود.