ان المتابع للساحة السياسية في العراق يجد ان الانتخابات للمجالس المحلية القادمة في المحافظات سوف تتحول من منطق الديمقراطية الى منطق العشائرية وبامتياز..
وهنا لابد لنا ان نقف عند نقطة مهمة وهي ان ضعف القوانين في مفوضية الانتخابات العامة وخاصة في ما يدور حول الدعاية الانتخابية بشكل عام وظهور بعض السلبيات التي ترافق العملية الانتخابية وسلطة العشيرة وشراء ذمم بعض اصحاب النفوس الضعيفة من بعض الاشخاص الذين يسمون انفسهم شيوخ للعشائر من قبل بعض الزعماء الموجودين في الساحة السياسية وخاصة مع امتلاكهم الرصيد المالي الذي وصلت ارقامه الى عالم الخيال بسبب الفساد المالي الكبير في البلد.
من هنا تصبح الفرصة لاي مرشح مستقل لا يملك المال وغير مدعوم من كتلة تمتلك المال ضعيفة جدا وربما سوف يحصل على اصوات تكون نسبتها مخجلة جدا لان المواطن بشكل عام والناخب بشكل خاص يضع اليوم فائدته في مقدمة كل شيء ولايهمه من سوف يفوز ويتولى قيادة محافظته وخاصة بعد خيبته وشعوره بالإفلاس التام من استحقاقه العادل في ثرواته الوطنية من كل الحكومات المحلية والمركزية التي توالت على الحكم منذ عام 2003 ولحد الآن…
وهنا نوجه السؤال للإدارة الامريكية في البيت الابيض والسفارة الامريكية في بغداد التي اعلنت بعد تغيير النظام في العراق من خلال وسائلها الاعلامية عن النهج الديمقراطي وحقوق الإنسان هل هذه هي ديمقراطيتكم التي جلبتموها لنا والتي نتج عنها ولادة حيتان فساد ضخمة وكبيرة جدا بسبب نهبهم للمال العام في وضح النهار يقابلهم طبقات فقيرة ومعدومة بنسب كبيرة من العوائل العراقية والتي لا تستطيع الحصول على قوتها اليومي…
عن اي ديمقراطية تتكلمون واصبحت الدعاية الانتخابية للمرشحين وبصورة علنية تتضمن الحصول على اصوات انتخابية مقابل ثمن بسيط عادة ما يكون راتب رعاية اجتماعية او الحصول على درجة وظيفية او مقابل مبلغ مالي زهيد.. وهل من المعقول لا تعرف سفارتكم التي يصل تعداد موظفيها الى خمسة الاف موظف الحديث الذي يدور في الشارع العراقي..
ان القوانين والاعراف الدولية جميعها تقول
((كل شيء بني على باطل فهو باطل)) وعدم حصول المستقلين الغير مدعومين من قبل الاحزاب الحاكمة مقاعد في مجالس المحافظات سوف يعيدنا الى مفهوم المحاصصة السياسية ونظام توزيع الجكسارات والاموال عن طريق التصويت على المشاريع من خلال صفقات مشبوهة لأننا جميعا يعرف ان سلطة المال اليوم هي بيد فئات معينة استطاعت ارضاء السفارات الموجودة في بغداد بطريقتها الخاصة والحصول لها على مكاسب سياسية معينة…
واخيرا في ظل كل هذه الاوضاع هل سوف تستطيع المفوضيّة العليا للانتخابات المستقلة المحافظة على استقلاليتها بعيدا عن مفهوم سلطة القوي وارضائه بطريقة الغاء المحطة الفلانية والمركز الفلاني للخصم احتراما للحزب الفلاني او المسؤول كما حصل في السابق. .
واذا كانت هذه الحالة امر واقع فماهي الغاية من اجراء الانتخابات اصلاً لان المحافظات مستقرة ومشاريعها قائمة وتخضع للتفتيش من قبل كل اجهزة الدولة الرقابية. ولو اجري استفتاء حقيقي لكافة أبناء طبقات الشعب العراقي لظهرت النتائج واضحة مفادها بان حاجتنا الى مجالس المحافظات ليس بالضرورة الملحة.. وربما العكس تماما…