7 أبريل، 2024 5:50 ص
Search
Close this search box.

الانتخابات المبكرة وحل مجلس النواب في العراق … رؤية دستورية وسياسية

Facebook
Twitter
LinkedIn

كثرت في الفترة الاخيرة على شبكات التواصل الاجتماعي الدعوات الحماسية الموجهة الى السيد مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء تدعوه الى حل مجلس النواب، وهذه الدعوات هي ردود افعال عاطفية ناتجة عن نقمة الشعب العراقي على الطبقة السياسية الحاكمة منذ سنوات وذلك لفشلها في كل شيء يخص بناء الدولة وتقديم ابسط الخدمات الى المواطن ورعاية مصالحه وضمان حقوقه ونجاحها فقط في الفساد والمصالح الخاصة بها.

ولكن الدستور العراقي وضع الية محددة لحل مجلس النواب ليس لرئيس الوزراء فيها اي سلطة لحل المجلس وان دوره لايتعدى تقديم طلب بذلك ضمن شروط سنبينها.

ويقتضي حل مجلس النواب اجراء انتخابات نيابية تاتي بمجلس بديل لكي لايبقى البلد في حالة فراغ لعدم وجود سلطة تشريعية .

وقد حدد رئيس مجلس الوزراء تاريخ 6/6/2021 موعدا لاجراء انتخابات نيابية مبكرة وذلك في بيانه المتلفز الذي القاه يوم 31/7/2020

علما ان حل مجلس النواب واجراء انتخابات مبكرة هو من مطالب المتظاهرين التي عبروا عنها خلال مظاهراتهم الكبيرة التي انطلقت في بغداد وبعض محافظات الوسط والجنوب منذ 1/10/2019 واستمرت لحد الان بين مد وجزر.

فهل يمكن حل مجلس النواب وكيف يكون ذلك ؟

وهل يمكن اجراء الانتخابات المبكرة؟

وما هي العلاقة بين الانتخابات المبكرة وحل مجلس النواب؟

اولا : حل مجلس النواب

حددت المادة (64 / أولا) من الدستور العراقي طرق حل مجلس النواب كما يأتي :

1- ان يقدم ثلث اعضاء المجلس طلبا بذلك الى رئيس المجلس وهذا يعني جمع تواقيع (110) نواب يطلبون حل المجلس. ولاتوجد قائمة انتخابية حصلت على هذا العدد من المقاعد النيابية مما يستلزم ان تتفق اكثر من كتلة برلمانية على ذلك وهو امر صعب في ظل اختلاف وتضارب المصالح بين الكتل النيابية.

2- ان يقدم رئيس مجلس الوزراء طلبا الى رئيس مجلس النواب لحل المجلس بعد ان يحصل على موافقة رئيس الجمهورية على ذلك اي ان طلبه غير ذي جدوى ولا يؤدي الى اي اجراء نيابي مالم يوافق عليه رئيس الجمهورية وهذا الامر ايضا صعب لان التوافقية السياسية في العراق وزعت المناصب الرئاسية بين المكونات كما هو معروف وحاليا السيد الكاظمي لايمثل الشيعة في واقع الحال لانه رئيس مرحلي لحين الانتخابات القادمة والسيد برهم صالح يمثل

توافق الكرد وبالتالي مصالحهم ومن غير المضمون قبولهم بحل مجلس النواب.

ومن جهة اخرى فان الالية التي ذكرناها غير كافية لحل مجلس النواب اذ ان المادة (64/ ثانيا) تضمنت شرطا لتمرير اي من الطلبين المذكورين اعلاه لحل المجلس وهو حصول موافقة الاغلبية المطلقة لعدد أعضائه اي (50% + 1) من عدد النواب الكلي الذي هو (329) فيكون عدد النواب المطلوب تاييدهم وتصويتهم لحل المجلس هو (166) نائب وهو رقم كبير يصعب الحصول عليه من بين الكتل النيابية حيث انها غير مستعدة للتضحية بالامتيازات والمنافع التي تحصل عليها وكذلك النواب (افرادا) فاكثرهم لايفرطون بمناصبهم .

وهكذا تبين لنا ان دور رئيس مجلس الوزراء هو تحريك الموضوع فقط وليس اكثر ودور رئيس الجمهورية هو الموافقة على طلب رئيس مجلس الوزراء ليس اكثر اي ان الموضوع موكول الى مجلس النواب لحل نفسه. فهل سيقوم المجلس بهذا الاجراء من تلقاء نفسه ام سينتظر طلب رئيس مجلس الوزراء ؟! وهل سيوافق رئيس الجمهورية على طلب رئيس مجلس الوزراء ؟! وهل سيستجيب مجلس النواب لطلب رئيس مجلس الوزراء ام يرفضه ؟!

علما هنالك شرط لحل مجلس النواب ورد في المادة (64/ أولا) وهو (لايجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء.).

ثانيا : الانتخابات المبكرة

لايوجد في الدستور العراقي مصطلح (الانتخابات المبكرة) وتضمنت المادة (56/ ثانيا) موضوع الانتخابات بما يتعق بشكل اساس بالانتخابات النيابية وتطرقت الى (انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسةٍ واربعين يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة.) وهذه المادة تخص حالة انتهاء عمل مجلس النواب بانتهاء مدته القانونية المحددة بالبند (اولا) منها الذي نص على (تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنوات تقويمية، تبدأ بأول جلسة له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة. ) اي انها لم تتطرق الى موضوع حل مجلس النواب قبل انتهاء مدته وبالتالي لاعلاقة لهذه المادة بالانتخابات المبكرة.

ولكن بما ان الانتخابات المبكرة هي التي تجري قبل اوانها فالاقرب لها حسبما يقول (المحللون والقانونيون والدستوريون والسياسيون) هي المادة (64) التي تطرق البند (اولا) منها الى حل مجلس النواب فيما ورد في البند (ثانيا) منها (يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل.). وحيث ان رئيس مجلس الوزراء حدد يوم (6/6/2021) موعدا لاجراء الانتخابات عليه يجب ان يكون حل مجلس النواب خلال مدة تبدأ من تاريخ ( 8 نيسان 2021) لكي يكون الاجراء (حل المجلس والانتخابات) متوافقا مع هذه المادة وان اي تاريخ اخر لحل مجلس النواب متأخرا عن ما ذكرناه يعني مراوغة لتاخير الانتخابات وهو امر مرفوض شعبيا ويضع مجلس النواب في حرج امام المتظاهرين خاصة ويقدم شعبية كبيرة للكاظمي على طبق من ذهب باعتباره حدد موعدا للانتخابات ولكن المجلس رفض الالتزام بالموعد من خلال رفضه حل نفسه، ومن جهة اخرى اذا تم حل المجلس قبل التاريخ المحدد فانه يستلزم تقديم تاريخ الانتخابات بما لايزيد عن (60) يوما من التاريخ الجديد لحل المجلس.

ثالثا : ماهي العلاقة بين الانتخابات المبكرة وحل المجلس

لقد توضحت لنا الصورة عن الانتخابات المبكرة وحل مجلس النواب ،ولكن ماهوالترابط بينهما ؟

وتبين ان الانتخابات قي حالة انتهاء مدة الدورة البرلمانية الدستورية تجري قبل (45) يوما من تاريخ نهايتها ولا يستلزم ذلك حل مجلس النواب قبل انتهاء مدته ، وان الانتخابات تجري بعد حل مجلس النواب بمدة اقصاها (60) يوما بعد حله اي ان حل المجلس يحصل قبل تحديد موعد الانتخابات وهو المقدمة الدستورية التي تقضي باجراء الانتخابات . ولكن الذي حصل بالدعوة لاجراء الانتخابات المبكرة هو العكس تماما حيث تم تحديد موعدها ومجلس النواب مازال قائما .

وحيث ان هذه الحالة لم يشر اليها الدستور وان موضوع حل المجلس محدد بآلية معينة في المادة (64) وليس من بينها تحديد موعد الانتخابات وان القاعدة القانونية (لا اجتهاد في مورد النص) تحتم عدم حشر وجوب حل مجلس النواب ، استنادا الى تحديد موعد انتخابات في ظل مجلس قائم، في المادة (64) عليه أرى (وجهة نظر شخصية) عدم الحاجة الى حل مجلس النواب قبل ستين يوما من تاريخ الانتخابات المحدد في (6/6/2021) اي انه يمكن اجراء الانتخابات حتى وان لم يتم حل مجلس النواب.

مع العلم ان ماقدمته هو من باب التوضيحات وحرية ابداء الرأي فقط لاني ارى ان الانتخابات خسارة كبيرة فهي مضيعة للجهد وتعطيل للعمل وصرف لملايين الدولات بلا فائدة لان نتيجتها محسومة بالتزوير والحرق وتوزيع مقاعد المجلس بين الكتل ولان نتيجتها مجلس نواب يستهلك المليارات من اموال الشعب من دون ان يقدم له اي فائدة بل ان مصالح النواب والكتل هي الاصل في الموضوع والمقدمة على مصلحة الوطن والشعب وان المجلس عمل كثيرا ضد الشعب ، ومن ذلك تشريعه قانون رقم (26) لسنة 2019 الذي احال قسرا اكثر من ربع مليون موظف الى التقاعد قبل اوانهم وسلبهم حقوقهم وحرمهم منها وتركهم بلا مورد مالي منذ بداية هذه السنة (2020) لحد تاريخ كتابة هذه المقالة، وبالتالي فلا داعي لاجراء الانتخابات لانه اصلا لا داعي لوجود مجلس النواب كما اثبتته سنوات وجوده الماضية لحد الان .

مع كل الاحترام والتقدير للشرفاء الذين عملوا لمصلحة الوطن والشعب في مختلف دورات المجلس وعددهم قليل جدا جدا.

ولابد من الاشارة الى ان الانتخابات المطلوبة من قبل المتظاهرين التي حدد موعدها السيد الكاظمي تتطلب تشريع قانون انتخابات مقبول جماهيريا وان تكون المحكمة الاتحادية العليا قائمة لكي تصادق على نتائج الانتخابات حيث انها الان معطلة بسبب احالة احد اعضائها الى التقاعد وعدم وجود آلية قانونية لترشيح عضو بديل.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب