تعالت الأصوات الداعية والداعمة لإجراء الانتخابات ، وتزايد قرار التأجيل مع التشنجات بين الأطراف السياسية عموماً ، خصوصاً مع وجود أزمة حقيقية ألا وهي أزمة النازحين والمهجرين من مناطق الصراع مع داعش الإرهابي ، الأمر الذي يزيد من فرص عدم إجراءها واحتمال تأجيلها ، مما يجعل المشهد السياسي يسوده التعقيد من جانب ، وزيادة حظوظ الفاسدين وسراق المال العام ، وهذا ما تؤكده التقارير على أن العراق يعد في مقدمة الدول الأكثر فساداً ، فيما ترفض الكتل السياسية من المحافظات المحررة أجراء الانتخابات في موعدها المحدد ، في حين تصر الكتل الأخرى على أجراءها دون تأجيل لمنع دخول البلاد في فراغ دستوري .
القوى الشيعية عموماً مصرة على أجراء الانتخابات في موعدها المحدد ، وتحذر من المماطلة أو عرقلة إجراءها ، كما أن القانون لا يجيز تأجيلها ، في حين ترى القوى السنية ضرورة تأجيلها إلى سنتين على الأقل بحجة النازحين والمهجرين من المناطق المحررة من داعش ، لهذا القلق بدا واضحاً على الأحزاب والكتل السياسية من الانتخابات القادمة ، خصوصاً وان المشهد السياسي الحالي تسوده لغة لي الأذرع ، ولغة التهديد بالاستجواب ، كما أن هناك مخاوف حقيقية لدى جميع الكتل السياسية من تغوّل قوى سياسية سياسياً وحكومياً ، الأمر الذي جعل الخلاف بين القوى السياسية بشأن مفوضية الانتخابات في الأيام الماضية إلى صراع فرض إرادات بين أحزاب تريد تمرير مرشحيها ليكونوا أعضاء بمجلس المفوضين الجديد، في مقابل أخرى تدفع باتجاه اختيار مفوضية مستقلة ، وفي ظل هذا الخلاف المحتدم يرجح نواب عراقيون سيناريوهات مختلفة بشأن الانتخابات، أبرزها التأجيل أو تعطيل إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في إبريل/نيسان المقبل وتشكيل حكومة طوارئ بإشراف دولي ، مما يجعل المشهد السياسي يدخل في نفق التعقيد ، خصوصاً وان الخلافات لا تزال مستمرة بين المكون العربي التركماني من جهة، والكردي من جهة أخرى، بشأن الفقرة 37 الخاصة بقانون انتخابات مجالس المحافظات، والمتعلقة بإجراء الانتخابات في كركوك ، كما أن القوى السياسية الكردية لا تؤيد الذهاب باتجاه تشريع قانون خاص بالانتخابات في كركوك، بكونه يؤدي إلى توسيع الفجوة بين المكون العربي والكردي في المحافظة، كما أنه لا يخدم التعايش السلمي في كركوك ، وفي حال استمر الخلاف السياسي حول قانون انتخابات مجالس المحافظات، فإن كركوك ستذهب باتجاه إجراء الانتخابات بإدارة المحافظة نفسها، من دون اللجوء إلى الحكومة الاتحادية ، كما أن لا مفر من أدراك حقيقة أن هناك قوى سياسية تعمل في السر أيضاً على تأجيل الانتخابات بسبب خسارة القاعدة الجماهيرية لها ، ومحاولة كسب مزيد من الوقت لترتيب وضعها في الشارع ، حتى أنها تربط موعد إجراء الانتخابات بقوى خارجية ، فالوضع الدولي ” أمريكا ” والوضع الإقليمي يبدو انه يتجه نحو تأجيلها ، وإعطاء فرصة للقوى السياسية للملمة أوضاعها ، وعودة قواعدها الجماهيرية ، لإجراء انتخابات وتحديد تمثيل حقيقي لها في البرلمان والمجالس المحلية القادمة .