مثلما توقع الكثير من العراقيين عن مستقبل العراق في مرحلة مابعد الانتخابات البرلمانية بانها ستشهد انتقالة نوعية في مسارات العملية السياسية ، فقد كانت التوقعات قريبة من رغبة العراقيين بالتغيير، المنشود نحو مستقبل اكثر انفتاحا واكثر تسامحا واكثر أمنا واستقرار ووداعا لتلك الايام الحالكات في تاريخ العراق يوم تحول هذا البلد الى مرتع للجريمة والارهاب والفوضى والقتل والترويع والتدمير والتشريد والبطالة وكل امراض العصر الفتاكة التي راحت تفتك بالعراقيين وقد حولت نهارهم الى ليل دامس مرعب ليس بمقدورهم ان يروا نور الشمس، وها هم يعيدون رسم الابتسامة على الشفاه الحالمة بفجر جديد.
كانت الانتخابات عرسا عراقيا شاركوا فيه بكثافة منقطعة النظير، فهم بعد كل هذه السنوات العجاف وجدوا ان هناك ضوءا في اخر النفق يمكن ان يخرج منه العراقيون ويتنفسون هواء الحرية والكرامة بعد ان هدرت كرامتهم وهدمت دورهم وروعت مدنهم واحياءهم، وها هم يعيدون رسم المستقبل بان قرروا التغيير نحو الحالة الافضل بغض النظر عمن يحكم العراق، فأي حاكم سياتي لن يكون بمقدوره ان يمارس ظلمه وطغيانه وفساده على العراقيين الذين سيكونون بالمرصاد لكل طاغية وظالم قهر شعبه وأذاقه مر الهوان.
أجل بامكان الانبار ان تفرح وان يشرق نورها من جديد بعد ان شرد اهلوها وهجروا وهدمت منازلهم على رؤوسهم، وسكنوا اماكن لاتليق حتى بالحيوانات ان يسكنوا فيها، وقد تحولت احياء محافظتهم الى اشباح وتعرض اهلها لانتهاك كرامتهم وعانوا من التشرد والضياع والاذلال ومرت عليهم اياما حالكات لم يشهدها العراق الا في عهود هولاكو والتتار والمغول، قبل اكثر من خمسة قرون، وها هم العراقيون يكحلون اعينهم ويعيدون رسم الابتسامة على الشفاه الحالمة بالكرامة والعزة ليعيشوا بطمأنينة كما كانوا اهل كرم وبطولة واباء شهدت لهم ساحات المعارك على مر عهود التاريخ على انهم رجالها الصيد الميامين، وها هو من اراد اذلالهم وقد أذله الله وخيب ظنه في ان يستمر بظلمه وطغيانه ليودع العراقيون زمن الاذلال والطائفية والقتل والترويع الى غير رجعة بعد ان قال الشعب كلمته، وصدق معهم القول : اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر..ولابد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر..