9 أبريل، 2024 12:11 ص
Search
Close this search box.

الانتخابات : الدائرة الواحدة تحول دون تفكيك العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد ان خسرت القوى المتنفذة بضعة مقاعد في الجولة الاخيرة لانتخابات مجالس المحافظات، بدأت تصب جام غضبها على طريقة (سانت ليغو) في احتساب الاصوات. هذه الطريقة التي فتحت ثغرة في احتكار القوى الكبيرة، واتاحت للقوى المدنية الديموقراطية وبعض الشخصيات المستقلة من الحصول على بضعة مقاعد في عدد من المحافظات.. وقد ادى هذا الى استنفار القوى المتنفذة رغم خلافاتها العميقة لطرح البدائل التي تحول دون حصول القوى غير الطائفية على بضعة مقاعد في الانتخابات المقبلة.
لقد فصّلت القوى المستأثرة بالسلطة القوانين على مقاساتها فقد حصلت مثلاً في انتخابات مجلس النواب الحالي على اصوات الخاسر الاكبر، وهذا بدون ادنى شك لا يتفق والقواعد الديموقراطية الحقيقية، كما ان هذه القوى المستأثرة تطمح في العودة الى قوانينها السابقة التي تبيح لزعيم القائمة ان يعين نواباً بدائل في قائمته بغض النظر عن الاصوات التي حصلوا عليها، مما جعل المواطنين يتندرون على بعض النواب الذين حصلوا على عشرات الاصوات واصبحوا نواباً بقدرة زعماء القوائم المتنفذة! مما لا شك فيه ان اختيار النظام الانتخابي لابد وان يتواءم والمصالح الوطنية العليا للبلاد، وليس مصالح فئات مستأثرة بالبلاد وتتحكم بمصائر العباد.
ان هناك عدداً كبيراً من النظم الانتخابية في العالم ولكن هذه النظم يمكن تأطيرها في ثلاثة  اساسية هي:
1- نظام الاغلبية
2- النظام المختلط
3- نظام التمثيل النسبي
والنظام الاخير (التمثيل النسبي) هو الاكثر اتساعاً ومعتمد في تفرعاته المتعددة في عدد كبير من بلدان العالم. واننا نرى ان اعتماد نظام التمثيل النسبي وتحويل العراق الى دائرة انتخابية واحدة يحقق هدفين اساسيين وبخاصة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها بلادنا:
الهدف الاول: ان هذا النظام سيعزز الاندماج المجتمعي.. فبلادنا تعاني من الصراعات والانقسامات الطائفية التي تهدد وحدتها، وان تحويل العراق الى دائرة انتخابية واحدة على اساس التمثيل النسبي سيؤدي الى الاندماج المجتمعي الذي نفتقده وسيرغم الاحزاب الطائفية الى تطوير اوضاعها للافق الوطني الاوسع او تضطر لعقد تحالفات وطنية وانتخابية تمثل جميع انحاء البلاد، وهذا بدون ادنى شك سيحقق الهدف المرتجى وهو الاندماج المجتمعي ودون المساس بالطبيعة المعرفية والفقهية للطوائف والحد من استخدام الطائفة لاغراض سياسية وحزبية ضيقة. ولنا في هذا المجال الاستفادة من تجربة جنوب افريقيا والقائد مانديلا، فهي تجربة رائدة ومثل يحتذى في البلدان متعددة الاعراق والاديان والطوائف.
ان الصراع الذي كان دائراً في جنوب افريقيا قبيل التحرير كان صراعاً عنصرياً شديداً بين السود والبيض، وبعد انتصار حركة التحرير الوطني في جنوب افريقيا اختير نظام التمثيل النسبي وتم تحويل البلاد برمتها الى دائرة انتخابية واحدة، وكان الهدف الاساس هو تحقيق الاندماج المجتمعي بعد عقود طويلة من الصراع العنصري، وما احوجنا اليوم نحن ابناء  العراق الى اساليب ووسائل تؤدي الى المصالحة والاندماج المجتمعي لنحافظ على بلادنا من اخطار التفكيك ونأخذ بنهج التسامح فبلادنا اغلى بكثير من بضعة مقاعد اضافية تكسبها القوى الكبيرة!
اما الهدف الثاني: فهو توسيع اطار المشاركة واتاحة الفرصة لجميع القوى الوطنية للمشاركة وهذا من شأنه ان يعزز الديموقراطية والوحدة الوطنية. ومن اجل تحقيق هدف المشاركة الواسعة لابد وان تكون نسبة الحسم في قانون الانتخابات (اي العتبة) غير مبالغ فيها فعلى سبيل المثال سبق لهولندا ان اعتمدت نسبة حسم بحدود 1% كما اعتمدت جنوب افريقيا نسبة نصف بالمائة (0.5) وبهذا الصدد فاننا نقترح ان تتراوح نسبة الحسم بين (1-2%) فقط لضمان المشاركة الواسعة وكسر الاحتكار.
ان ما ينبغي تأكيده في هذا المجال هو ان الانتخابات سواء أكانت لمجالس المحافظات ام الانتخابات النيابية لابد ان تحقق المشاركة الشعبية الواسعة…
ولكننا نلاحظ – مع شديد الاسف- ان القوى المتحكمة غير مهتمة بالاندماج المجتمعي بقدر اهتمامها بالمقاعد التي تحصل عليها، بل ان جل وقتها يكرس لوضع العقبات التي تحول دون احراز القوى الاخرى بضعة مقاعد، لكي يخلو لها الجو وتصبح الطريق ممهدة لسياساتها الاقصائية دون ان تكترث للاذى الذي سيلحق بالبلاد والمخاطر التي تهدد وحدتها المجتمعية.

الامين العام للحركة الاشتراكية العربية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب