23 ديسمبر، 2024 8:54 ص

الانتخابات الأمريكية2020.. خيارات الحزب الديمقراطي في حال نجاة ترامب

الانتخابات الأمريكية2020.. خيارات الحزب الديمقراطي في حال نجاة ترامب

أخيرا كُسر حاجز الجليد الذي كان يسيطر على مجلس النواب الأمريكي بعد أن قررت رئيسة المجلس نانسي بيلوسي البدء بإجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب قبيل نحو عام واحد من انتهاء ولايته الأولى، عقب حالة تردد استمرت لمدة عامين ظل الديمقراطيون فيها يراوحون مكانهم في خضم حالة انقسام كبيرة داخل الولايات المتحدة.
الحاجة في الدخول إلى هذا المسار بدت ملحة بعد تقارير استخباراتية أمريكية تفيد بأن الرئيس ترامب ضغط ماليا على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اتصال هاتفي يوم 25 يوليو/تموز بغية دفعه لفتح تحقيق عن المرشح الديمقراطي الأوفر حظا لخوض انتخابات الرئاسة جون بايدن، وابنه هانتر، الذي عمل بشركة تنقب عن الغاز في أوكرانيا.
الدلالات السياسية لهذه الفضيحة لا يمكن تجاوزها بسهولة لكن من المرجح أن ينجو ترامب من هذا الفخ لا سيما وأن مشرعي الحزب الجمهوري الذي ينتمي له الرئيس يتمتعون بأغلبية في مجلس الشيوخ، وبالعودة إلى عام 2016 حين تعامل المجتمع الأمريكي بصعوبة بالغة وسخط كبير مع فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية، الخبر نزل كالصاعقة على العالم بأسره ليس على الولايات المتحدة فحسب ، ومع اقتراب انتهاء السنة الحالية تتجه الأنظار إلى معرفة ما الذي يمكن أي يقدمه الحزب الديمقراطي في انتخابات 2020 في ظل هذه الأحداث المثيرة .
المثير في الأمر أنه قبل أشهر قليلة من بدء الانتخابات التمهيدية ، أظهرت نتائج استطلاع مشترك لصحيفة واشنطن بوست وشبكة أي بي سي تفوق نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بفارق مريح نسبيا على سائر منافسيه في الحزب الديمقراطي حيث حصل على دعم 29% من الناخبين الديمقرطيين المحتملين مقابل 19% لبيرني ساندرز فيما تراجعت نسبة إليزابيت وران إلى 18% ، الحديث عن النسب والاحتمالات ربما يكون مبكرا الآن لكن في حال صدقت التوقعات فمن هذا المنافس المتحمل لترامب ؟
بادين الذي تجاوز سنه السادسة والسبعين عاما يعد من أكبر المرشحين لهكذا منصب في تاريخ الولايات المتحدة، كما أن للرجل باع طويل في الأروقة السياسية ومحبب أيضا داخل الأوساط الأمريكية، لكن لديه سجلا حافلا من الخطابات التي تحتوي على المعلومات غير الدقيقة وهفوات كإعطاء تواريخ خاطئة أو حتى ذكره أمكان لم يقصدها وهو الأمر الذي تتهافت عليه وسائل الإعلام لإبرازها كمعلومات مغلوطة بقصد أو عن غير قصد، وهذا أمر قد يثير الشكوك والتكهنات حول قدرته على الدخول في حملة انتخابية طويلة الأمد أمام شخص كترامب الذي يجيد بخطاباته الاستعراضية إهانة الخصوم ولا نستبعد أن يستغل بالفعل حادثة محاولة عزله بل وفضح بايدن وصهره كما استخدم ونجح هذا الخطاب سابقا مع هيلري كلينتون وفي حال خوض هذه الحرب ستكون تكلفة الاختيار قاسية على الحزب الديمقراطي.
ومن بين تصريحات بايدن التي أُثارت ضجة كبيرة في وسائل الإعلام الأمريكية مؤخرا قوله بأن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن خدعه حين قرر شن حرب على العراق عام 2003، فالرجل الذي صوت في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2002 بالموافقة على قرار الدخول في المستنقع العراقي عسكريا يزعم قبيل خوضه الانتخابات بأنه تفاجأ حين تمت الإطاحة بنظام صدام حسين عبر الخيار العسكري، يضاف إلى ذلك رأيه الذي اثار جدلا كبيرا في الأوساط العراقية حين دعا إلى تقسيم بلادهم إلى ثلاث فيدراليات كردية وسنية وشيعية.
ويعد الرجل من الليبراليين المعتدلين ولا ينتمي لأقصى اليسار فهو يؤيد فكرة إرسال قوات أمريكية إلى السودان لحل ملف دارفور، ومعروف بتأييده الشديد لإسرائيل، فضلا عن مناصرته لحل الدولتين لمعالجة القضية الفلسطينية.
أما عن نظرته للملف الإيراني فهو يؤيد الخيار الدبلوماسي في التعامل مع طهران بالتوازي مع استخدام العقوبات كأداة ضغط ، ويشار إلى أنه صوت ضد اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
وفي ملف المهاجرين يأخذ عليه بأنه ينظر بعين ترامبية خالصة على المهاجرين غير القانونين القادمين عبر حدود المكسيك فهو يدعم فكرة بناء سور فاصل على حدود البلدين لصد هذه الموجة، وفي ذات الوقت يؤيد منح تأشيرات للعمال الزائرين.
وهنا يظهر السؤال الأبرز ما الذي سيدفع الناخب الأمريكي أو المجمع الانتخابي المكون من 538 مندوبا بالظن أن بايدن هو الرجل الذي سيقارع ترامب وينهي إرثه سيء الصيت؟ ما الذي سيجلبه هذا الرجل الذي لا يملك الكثير من الأوراق؟ ففي حال فوزه على أٌقرانه في الحزب الديمقراطي فلن يكون سوى ونسخة مكررة لهيلاري كلينتون وورقة محروقة لعبها الحزب الديمقراطي سابقا في انتخابات 2016 وجاءت النتائج مدوية ومخيبة للآمال .
انتخاب بادين الآن وفوزه يعني شيئا واحدا وهو الحنين إلى حقبة باراك أوباما والنأي بالنفس عن ولاية مجنونة أخرى من ترامب, وفي حال حدث ذلك بالفعل وأزاح الرجل شبح ترامب عن البيت الأبيض يطفو سؤال أخر على ذهن الناخب الأمريكي ما الذي يكمن في جعبة بايدن للفوز بالانتخابات التي تليها؟
نظرة أعمق تقود إلى أن البلد الذي تقوده المؤسسات يئن الآن تحت انقسام مجتمعي وسياسي غير مسبوق منذ عقود، فبايدن الذي خسر بعد الترشح عن الحزب الديمقراطي للرئاسة في عامي 1988 و2008 ينظر إليه الآن كطوق نجاة للخلاص من جنون وعنصرية ترامب رغم وجود أسماء أخرى تنتمي لأقصى اليسار قد تكون الأجدر بالتمعن ببرنامجها الانتخابي مثل لبيرني ساندرز وإليزابيت وران، أشهر معدودة تفصلنا عن معرفة الإجابة ولا يمكن للمخيلة الغارقة في الحيرة والترقب التخمين بما قد تكون عواقب فضيحة أوكرانيا وما قد تجلبه الانتخابات الأمريكية المقبلة التي ستتجه إليها جميع الأنظار من كل صوب دون شك في ظل اتساع رقعة التيارات اليمنية الحاكمة لأكثر دول العالم انفتاحا.