23 ديسمبر، 2024 12:41 م

الانتخابات إنْ جرت في الموعد أم تأجّلت !

الانتخابات إنْ جرت في الموعد أم تأجّلت !

بحماسة منقطعة النظير يدافع المطالبون بتأجيل الانتخابات البرلمانية والمحلية عن مطلبهم هذا ومبرّراته. وبحماسة مماثلة يدافع المطالبون بالالتزام بالموعد الذي حدّدته الحكومة عن مطلبهم ومبرّراته.
الداعون إلى التأجيل يتذرّعون بقضية النازحين وعدم مناسبة الظروف لإجراء الانتخابات في المناطق التي احتلّها داعش، والنازحون ليسوا بعدد محدود يمكن تجاوزه، فهم الآن نحو مليونين ونصف المليون بعدما بلغوا في ذروة النزوح نحو ستة ملايين. من جانبهم، الداعون الى التمسّك بالموعد يُحيلون إلى أنّ الانتخابات في موعدها استحقاق دستوري متوجّب، وما من سلطة لديها الحقّ في تقرير التأجيل.
بعد فشل مجلس النواب المتكرّر في إيجاد مخرج لهذه الإشكالية، تتّجه الانظار الآن إلى المحكمة الاتحادية للفصل في الأمر.
بصرف النظر عمّا إذا كان القرار القضائي المُنتظر سيُحقّق رغبة وإرادة هذا الطرف أو ذاك، فإن ممّا يؤاخذ عليه كلا طرفي القضية المختلف عليها، وهم أفراد الطبقة السياسية من النواب والوزراء والقيادات السياسية، إنهم على مدى السنوات الأربع الماضية لم ينمّ عنهم أيّ قدر من الحماسة حيال تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات في موعدها .. لقد تعاملوا مع الأمر كما لو أنّ داعش باق إلى الأبد.
قبل ثلاث سنوات بدأت معارك التحرير، انطلاقاً من مدينة تكريت. طوال هذه الفترة لم يكن هناك الكثير من العمل لإعادة إعمار المناطق المُحرَّرة وتطبيع الحياة فيها، ولهذا بقيت حتى اليوم أعداد غفيرة من النازحين تسكن المخيّمات البائسة، غير قادرة على العودة إلى مساكنها واستئناف حياتها الطبيعية في مناطقها. حتى الذين أفلحوا في العودة فإنما كان لهم ذلك بجهودهم الذاتية في الغالب، ولم تزل معظم المدن المُحرّرة تفتقر إلى الخدمات العامة الأساس.
الحكومة الاتحادية وإدارات المحافظات كان يمكنها أن تذلِّل الكثير من العقبات التي اعترضت الطريق لحلّ مشكلة عودة النازحين بوضع خطط لهذا الغرض بالتعاون مع حكومات الدول الأخرى والمنظمات الدولية.
في الشهر المقبل يُعقد في الكويت مؤتمر يجتمع فيه ممثلو الدول والمنظمات التي ستنخرط في عملية إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من داعش. لماذا انتظرنا كل هذا الوقت؟ لماذا لم يجرِ العمل في سبيل عقد المؤتمر قبل سنة مثلاً؟ .. بالطبع لا يتعيّن توقّع المعجزة بعد انتهاء المؤتمر، فالدول والمنظمات المشاركة لها تجارب مريرة معنا .. إنها تخشى الآن أن تمتدّ الأيدي الطويلة للفاسدين الكثر إلى مِنَحها وهِباتها وقروضها الموجّهة إلى الإعمارمثلما سبق أن امتدّت هذه الأيدي الى تخصيصات النازحين.
تسابقت في الأشهر الأخيرة المصارف المحلية، الحكومية، في الإعلان عن تقديمها السِلف المالية إلى الموظفين والمتقاعدين وسواهم لتصريف الكتلة المالية الكبيرة المتجمّعة لديها. السؤال: لماذا لم تعمل هذه المصارف، بالتعاون مع الحكومة وبضمانها، على تقديم السِلف المُيسَّرة إلى النازحين لمساعدتهم في إعادة بناء بيوتهم والعودة إليها؟
سواء أُجريت الانتخابات في موعدها الدستوري أم تأجلت، فإن العراقيين بأغلبيتهم الساحقة لا تنتظر خيراً من هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي تتحمّل كامل المسؤولية عن كل ما جرى ويجري الآن.