نسعى كي لا نرى وجوههم ثانية ، ولكنهم قد ضربوا جذورهم الخبيثة في الأرض ، وبات من الصعب أقتلاعها ، وهم سيستميتون لمقاومة مَنْ يهددها ، ومَن منهم سيسمح بتسريح ميليشياته و(قطع ارزاقهم) ، مَن الذي سيسمح بفقدان وجاهته وكرسيه الذهبي الوثير والعز والمتراكضين حوله من المتملقين ، هل سيفقد سياراته المصفحة وعودته كمواطن عادي ، وهو يعلم جيدا ان ثمة مَن يتربص به الدوائر ، بسبب سني حكمه الفرعوني ؟ لقد باتوا يمتلكون المال والسلاح والذمم والرجال ، بعضهم استغلّ ميل المواطن الى الرموز الدينية ، وقد أقحم نفسه معها وهي منه براء ، فوضع هالة من القدسية هي بمثابة خط أحمر ، يُعتبر كافرا كل مَنْ يقتحمه ، من قبيل ان حُكمهم لنا هو بأمر الهي ، ونسوا ان الله لا يحب الفساد .
كيف نثبت ان الانتخابات نزيهة ؟، بهذا التمثيل الهزيل لمنظمات مراقبة الانتخابات ، الاممية منها والمحلية ؟ ، وهي بين نار الأرهاب ، وتهديد (أصحاب الشأن) ، وكأن الأرهاب سلاح بيدهم ، هذا اذا لم يضعونها في جيوب بناطيلهم الخلفية هي الأخرى ، ولو فرضنا انها نزيهة ، فسيعمدون الى تفجير واحدة من عشرات الالغام التي يعج بها ما يسمى بالدستور ، الدستور الذي لم نفهمه والذي صوّتنا له ولم نعلم انه (حصان طروادة) ، الأداة الطيّعة بيد هؤلاء ، يشكلونه كيفما أرادوا وسينفذون من خلاله وقتما شاؤوا وكيفما شاؤوا ، وسيحوّلونه من سيف مسلط على الفاسدين ، الى مارد يخرج من قمقمه كل بضع سنوات ليخدمهم ويعيد الأمور الى ما كانت عليه ، ربما ستتغير الكثير من الوجوه ، لكنهم سيستمرون بالامساك بخيوط الدمى ، التي ستُقطع لا محالة ، فلو دامت لغيرهم ، ما وصلت اليهم لو كانوا يفقهون ، المسألة مسألة أقنعة تتغير باستمرار ، ولو فرضنا ان تلك الوجوه ستتغير جذريا ، فهل سيرضي ذلك دول الجوار ذات الوجود القوي والفاعل في كل نواحي حياتنا ؟ ، وأمريكا التي اثبتت ان كل ما يهمها عدم استقرار البلد ، وأبقائه في دوامات الفساد والأرهاب وانعدام الكفاءة في ادارة دفّته ، وارتباط البلد معها بأتفاقية أمنية ، هلل وكبّر لها المعنيون ، لكنها لم تؤتي أكُلَها سوى ان البلد قد بلّها وشرب ماءها ، فتسمم ، وتقيأها دما !.
ولكن ، ورغم الجراح وخيبات الأمل والتشاؤم ، لا بديل عن المشاركة ، بل لا عذر عن العزوف عنها ، فهنالك بصيص من الأمل ، فلا بديل عن التغيير ، انه الطريق الوحيد المتاح ، بلا عودة ، والى المعنيين أقول ، دعوا الشعب ينتخب ، لا أن ينتحب كالمرات السابقة .