ان احد مفاهيم السياسة هي فهلوة لكسب المغانم الاقتصادية وليس العكس والسياسي الناجح هو القادر على تحقيق مكاسب اقتصادية الى بلده والعراق بلد يعتمد اقتصاده اكثر من 85% على النفط فمنذ ابرام عقود جولات التراخيص ونشاهد وجود تخبط كبير في السياسة النفطية والجميع يتذكر تصريحات وزير النفط الاسبق عام 2009 حيث كان يقول بان عقود جولات التراخيص سترفع كميات تصدير النفط العراقي الى 12 مليون برميل يوميا في عام 2017 وحاليا كمية النقط المصدر لا تتجاوز 3.75 مليون برميل مع التزام العراق بضوابط الاوبك التي اقرت تخفيض صادرات العراق النفطية الى اكثر من 200 الف برميل يوميا فكيف يتمكن العراق من رفع انتاجه وأتوقع بان السنوات القادمة سيزداد العراق حرجا مع شركات جولات التراخيص لان الموضوع لا يتعلق بكميات النفط المصدر بل بكلفة استخراج البرميل حيث ارتفعت الى حوالي عشرين دولار كمعدل وان كان ادعاء الحكومة العراقية بان الكلفة هي حوالي 11 دولار تقريبا وفي جميع الاحوال كلفة الاستخراج كانت 1,90 دولار بواسطة شركاتنا النفطية الوطنية واليوم لغرض تصدير النفط يتطلب علينا دفع حوالي 4.5 دولار على البرميل مصدر يوما عبر الانبوب الاردني ( نجف /عقبة و نجف /بصرة ) للمستثمر اضافة الى حصة الاردن والتي لم تحدد لحد الان وسيصبح العراق خاسرا كما هو حال نيجريا والمكسيك بلدان نفطية جائعة لأنها سلكت سياسة نفطية فاشلة…فأي سياسة هذه تجعل كلفة تصدير البرميل الواحد عبر العقبة 4.5 دولار وكلفته عبر موانئنا النفطية 10 سنت فقط …اضافة الى ذلك فإننا سوف نفقد اجور وعوائد السفن وأجور وعوائد الوكالات البحرية والخدمات البحرية لأنها ستذهب للأردن اضافة الى عمولة تمنح للأردن عن كل برميل مصدر اتوقع بأنها لا تقل عن دولار واحد لكل برميل وبذلك فان العراق سينفق اكثر من 5.5 دولار عن كل برميل للنقل مع عمولة الاردن وهذا يدلل بان المشروع ليس وفقا للجدوى الاقتصادية بل لغرض انعاش الاقتصاد الاردني على حساب العراق وهذا ما اشار اليه تقرير مجموعة كروكر لمستقبل العراق 2017 والذي فرض فيه على العراق لدعم الاقتصاد الاردني وفتح المنافذ الاردنية وتقديم التسهيلات لان الاردن تعتبر حليفا استراتيجيا لأمريكا في المنطقة .
ومن جانب اخر فأن ميناء العقبة يقع في الجزء الجنوبي من قناة السويس وهذا يعني التصدير الى اوربا اي يتطلب المرور بقناة السويس اي ان ظروف ميناء العقبة مشابهة الى ظروف موانئنا جغرافيا وذلك لكونها تقع على الخليج العربي أي في الجزء الجنوبي قناة السويس علما بأننا اذا ما اردنا نقل النفط عبر البحر من ميناء البصرة النفطي الى ميناء العقبة فسيكلفنا 1.1 دولار عن كل برميل فهل يعقل النقل بالأنبوب يعادل اكثر من اربعة اضعاف من اجور النقل البحري ؟!!
مع العلم بان كلفة التصدير عبر الانبوب التركي 1.15 دولار والميناء التركي يقع على البحر المتوسط كما هو حال الموانئ السورية وهذا يجنبنا المرور بقناة السويس للنفط المصدر الى اوربا وامريكا اي تجنب دفع اجور المرور بقناة السويس وعليه لا توجد جدوى اقتصادية من تصدير نفطنا عبر العقبة ويقع الضرر بسبب الكلفة باهظة علما بان طاقة التصديرية الحالية لموانئنا حاليا حوالي 4 مليون برميل يوميا مع العلم بان الكمية المصدرة الفعلية عبر موانئنا هي 3.25 مليون برميل يوميا وفي نهاية هذا العام سترتفع الطاقة التصديرية لموانئنا في البصرة الى 5 مليون برميل يوميا عدا طاقة الانبوب التركي عبر ميناء جيهان والتي تزيد على مليون برميل يوميا والجميع يعلم بان العراق خفض من تصديره استجابة لمتطلبات الاوبك و التخفيض يمكن ان يستمر وهذا يعني بأن زيادة التصدير ليس بأيدينا .
ادعوة وزارة النفط الى اعادة النظر بدراسة المشروع وفقا للجدوى الاقتصادية او التفاوض لتخفيض كلفة النقل اسوة بكلفة الانبوب التركي ولاسيما بان تعاقد العراق مع مستثمر لنقل النفط العراقي عبر الاردن وبكلفة باهظة ستجعل الجانب التركي يطالب بزيادة اجور النقل عبر الانبوب العراقي التركي وإذا رفض المستثمر يمكن دراسة امكانية زيادة الطاقة للأنبوب التركي او اعادة تأهيل الانبوب السوري مستقبلا وكما ادعو الحكومة العراقية لفتح باب التفاوض مع الجانب السعودي لإعادة الانبوب النفط العراقي السعودي والذي انشاء بأموال عراقية وهذه الاجراءات التي تخص الانبوب (التركي او السوري او السعودي) افضل من استحداث الانبوب الاردني اقتصاديا لغرض تعدد منافذ التصدير لان تعدد المنافذ يجب ان يرافقه الجدوى الاقتصادية وليس الضرر الفادح .