23 ديسمبر، 2024 7:02 م

الانبار ومحنة التهديد بإسقاطها

الانبار ومحنة التهديد بإسقاطها

 ماذا يمكن إن يمثل التهديد بسقوط الانبار بيد عصابات داعش ؟ ولماذا أمريكا تنشر الإشاعات عن قرب السقوط؟ فينبري المتحدثين الأمريكان للإعلام لنشر قصص غريبة عن داعش ؟  ولماذا بعض الشخوص من ذوي مناصب في الانبار يلوحون بالسقوط القريب! وكيف تجرا البعض ويطالب بدخول الأمريكان إلى الانبار بقصد الحماية؟
ماذا سيحدث قريبا؟ تساؤلات يبنيها الوضع المتسارع للمنطقة؟
ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في 9 تشرين الأول الحالي إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يهددون باجتياح منطقة إستراتيجية غرب بغداد,  الأمر الذي سيشكل انتصار هاما لداعش, وإخفاقا كبيرا للتحالف الدولي.
نتساءل هنا أين ذهب التحالف العالمي من خمسين بلدا, وكيف فشل لحد ألان في الحد من تقدم داعش,وهي مجرد عصابات قليلة العدد والعدة,  بل ها هي داعش تتمدد في سوريا , واليوم تتقدم في العراق ,تحت غطاء جوي عالمي! إذن وجود التحالف الدولي لحد ألان في صالح الدواعش, فمكاسبها بعد تشكيله كبيرة.
كيف يمكن إن يكون الترويج لخطر داعش من قبل أمريكا, وهي التي تسعى للقضاء عليها , حسب ما تزعم! ففي علم الحروب العسكرية يعتبر ما تقوم به أمريكا سذاجة غير مبررة, فهي تروج للعدو, وتقدم خدمة كبيرة لصنع وحش عبر الإعلام, وتدفع لرسم صورة مضخمة للعدو, تسهم في امتداده جغرافيا, وهذا ينافي الهدف التي أعلنت عنه.
فهل يغيب عن أمريكا فهم الحرب الإعلامية, بالتأكيد لا, فهي تملك اكبر قوة في العالم, إذن كل شيء يسير وفق برنامج وضعته للوصول لنقطة معينة.
الأمر الأخر هو تصريح  نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي من أن المحافظة قد تسقط في غضون 15 يوما بيد “داعش” ما لم يتم تكثيف الطلعات الجوية لطيران التحالف الدولي، مشددا في الوقت نفسه على أهمية التدخل البري الذي صار ضرورة ملحة!
فلماذا التشديد على المطالبة بعودة القوات الأمريكية, وكيف تدهورت الأوضاع سريعا كي نصل لمهلة ال15 يوم وإلا داعش ستلتهم الانبار؟
قراءة الحدث توصلنا إلى عدة أمور خطيرة,  يتم نسجها خلف الأبواب  المغلقة, لوضع جديد للمنطقة, الغرب يرغب بتشكلها.
عملت أمريكا ومنذ اليوم الأول لتضخيم صورة العدو, كي  ترهب الجانب  الأخر, فعمليات القتل والتهجير  التي مارسها, كانت قد تم الترويج عليها إعلاميا , بشكل  محترف وبمشاهد هوليودية, وإعلان التحالف الدولي  أساسه مساهمة إعلامية في  تضخيم العدو, ودفعه لاحتلال المدن, وكوباني هي المثال الاتم .فبعد الضربات الجوية تمكن داعش من احتلال 316 قرية ! ولازال يتقدم.
هي تسعى لوضع جديد , يمهد لظهور كيانات صغيرة متصارعة متخاصمة, سوريا لخمس كيانات , والعراق لثلاث كيانات , عبر سايكس بيكو جديدة, هكذا قدر المنطقة إن تقسم كل مائة عام!
إسقاط الانبار يعني الكثير لأمريكا ووليدها داعش, فالمساحة الجغرافية كبيرة, ويعني سقوط خزين هائل من الأسلحة بيدهم , فالقواعد العسكرية مهمة جدا في الانبار, ويعني أيضا الارتباط الوثيق مع الأرض السورية التي وقعت بيد الدواعش, والإسقاط سيكون مؤيدا خليجيا تحت عناوين طائفية.
أسلوب أمريكا في الضغط على الحكومات, فتخلق عدو وهمي وتضخمه, ثم تساوم الحكومة على حزمة مطالب, فإما القبول بما تريد, وإما تركته يواجه مصيره مع العدو المختلق. 
ثانيا سعت بعض الإطراف السنية لاستغلال الوضع, عبر الضغط على التحالف الوطني لتحقيق مكاسب , فأصبحت تعلن صراحة إما هي أو داعش! وتلعب على  حبال المحنة ,وتعلن أنها ترغب بعودة القوات الأمريكية لحمايتها من داعش؟ وهذا من محنة البلد أن بعض ساستها لا يهمهم شيء بقدر أهمية مصالحهم! تواجد قافلة من الانتهازيين السياسيين هم الذي اغرق البلد, لا يهتمون لجراح البلد, ولا يملكون رؤية للحل, فقط دوافعهم بائسة!
كل هذه الأفكار تبرر التحريض الإعلامي الكبير على إسقاط الانبار, والأدوار الغريبة لبعض الشخوص, البلد يمر بمقطع زمني مصيري, يجب إن تكون الهمة اكبر من قبل اهل القرار, فالصورة مليئة بألوان العتمة. والخطر المحدق بنا كبير.