منذ بدأت مشكلة الانبار و دخول و خروج الجيش و دخول القاعدة و داعش و انقسام العشائر و ما صاحب ذلك من تداعيات و قتل و تهجير مواطنين ابرياء ليس لهم لا ناقة ولا جمل و لا يفهموا او يفقهوا شياءا مما يجري و ما هي الاسباب و الى اين يؤدي من نتائج و رغم قناعتي ان كل ذلك هو مجرد صفحة من صفحات المخطط الامبريالي في المنطقة و على المثقفين الواعين لما يجري ان لا يدخلوا بتفاصبل يومية و دقيقة للاحداث الجارية فما هي الا لقطات سينمائية من فلم معد له سلفا السيناريو و المخرج و الممثلين الذين سيقومون بادوارهم الرئيسية و الثانوية و يقبضون اجورهم حسب دور و اتقان كل منهم لدوره و ما المواطنين البسطاء سوى الضحية لذخيرة حية تستخدم في هذا الفلم بدلا من الذخيرة الغير حية .
رغم علمي بذلك فكرت بالقيام ببحث على الواقع من خلال التقاء بافراد يعيشون هناك داخل الانبار من هم هربوا بسبب الاحداث و هم كثير وصلوا الى العاصمة الاردنية عمان و منهم من وصل منذ بداية الاحداث و منهم بعدها و منهم من وصل حديثا و تكون لي صورة عن ما يجري هناك كوني اعرف هذه المناطق حيث سبق ان زرتها كثيرا في تسعينيات القرن الماضي و لي علاقات صداقة كثيرة باشخاص من هناك .
ان مصدر المعلومات عن ما يجري من احداث على الواقع البحت هناك من اشخاص يمكن تصنيفهم الى ثلاث اصناف , الصنف الاول الذي لم اعول عليه بسبب تشويهه المتعمد لما يجري حسب مصلحته و مصلحة من ينتمي اليهم هو الصنف الطائفي الملتزم بخط الكتل السياسية الطائفية الموجودة على الساحة السياسية فهم لا ينقلون الاحداث كما هي بل ينقلوها بشكل مغاير ليتلائم مع اتجاهات كتلهم السياسية المريضة فلم اعول عليهم لمعرفة حقيقة الاحداث بل استطعت ان اؤكد من خلال اراءهم على قناعاتي السابقة بطبيعة العملية السياسية القذرة و قذارة المشاركين فيها , الصنف الثاني و الذي يمثل المثقف البسيط و الاكاديمي و الموظف المستقلين و الذين ليس لهم مصلحة مادية مع اي كتله من الكتل السياسية الموجودة على الساحة لكن تفاجأت ببساطة تفكيرهم و اراءهم و سردهم للواقع بل تفاجأت اكثر من سذاجتهم حيث يحللون الاوضاع بشكل ساذج و غبي كأني اناقش اطفال يتكلمون ببراءة متناهية بعيدين عن ما يحملوه من علم و شهادات اكاديمية و منهم من يحمل شهادة الماجستير و الدكتوراه فهم يطرحون المشكله على شكل عشائري فهم يتكلمون عن شيخ فلان و شيخ فلان و يقارنون بين الشيوخ من هو على صح و من هو على خطأ و كأن هؤلاء الشيوخ فلاسفة العصر و قادة التاريخ ففهمت مشكلة العراق الاساسية و هي امثال هؤلاء الذين يمثلون الشريحة المتعلمة و المفروض ان تكون مثقفة و قادة للشرائح الاخرى من مجتمعنا فقررت ان اعتمد على الصنف الثالث لمعرفة ما يجري على الواقع البحت و هو الصنف الذي يمثل الانسان البسيط الكادح الفقير المتضرر ماديا من هذه الاوضاع و هؤلاء لا يستطيعون المجئ الى الاردن بسبب ضعف حالتهم المادية لما يكلفه السفر و الاقامة هنا من مبالغ كبيرة لكن بعضهم يستطيع المجئ و الاقامة هنا مع اقرباء لهم مقيمين في الاردن و قضاء فترة بسيطة .
استطعت ان التقي ببعض منهم و هم من مدينة الرمادي و سألتهم عن الاوضاع هناك و شرحوا لي ما يجري على الواقع هناك و تعمقت باستفسارتي لاني تفاجأت بانهم يتكلمون و يحللون الاوضاع و ان كان بمصطلحات عامية بسيطة لكنها اقرب الى الحقيقة و انهم يعرفون و يفهمون ما يجري هناك افضل من غيرهم و ينطقون بالحقيقة لانهم ليس لهم مصلحة مع اي من المتناحرين بل جميع القوى المتناحرة تعمل ضدهم و ضد مصالحهم هم حقيقي يمثلون المواطنين الحقيقيين المنتمين لتربتهم و هم فقط من يريد السلام لهذا البلد المواطن البسيط الكادح هو فقط العراقي و هو فقط الذي يعاني من اثار فسوق القادة و تجار السياسة و الحروب.
سألتهم عن حقيقة وجود القاعدة و داعش و ما دور الجيش و ما دور الشرطة المحلية و ما دور العشائر فاستطعت ان اكون صورة ساعرضها علما ان من التقيت بهم كانوا من مختلف المهن منهم سائق و منهم عامل بسيط و موظف بسيط و احدهم كان شرطي جاء باجازة ليتعالج :-
مدينة الرمادي الان بشكل التالي , هناك مقاتلين عراقيين و عرب و اجانب و منهم كثير ذوي جذائل كما نشاهدهم بالصور مسيطرين على بعض الاحياء و متخذين دور كبيرة كمقرات لهم بعد ان طردوا اصحابها يضعون على قمة هذه المقرات اعلامهم السوداء و شعارهم لا اله الا الله بين فترة و اخرى يتجولون في هذه الاحياء بسياراتهم يحملون اسلحتهم ليرعبوا الاهالي , تعاملهم مع الاهالي صلف و مخبف , لم يبقوا على اي دار حديث و مبني وفق طراز معماري راقي الا و فجروه و لم يبقوا سوى على البيوت القديم الخربة , الاهالي مرعوبون منهم , من يعترض عليهم يقتل حالا , عندما يشكوا باي شخص رجل او امرأة بانه اخبر عنهم الجيش او الشرطة يقتل و تعلق جثته , هناك سيطرات من الجيش العراقي على بعض مداخل الاحياء تصرفاتهم مع الاهالي طبيعية , الشرطة تتجول بعض الاحيان داخل الاحياء ليس للحماية لانهم عاجزون عن حماية هذه الاحياء امام غول القاعدة و داعش بل ليبثوا بعض الاطمئنان للاهالي المساكين , العشائر ليس لهم وجود داخل الاحياء السكنية سوى اخبارهم حيث يتناقلها الناس فهم منقسمين الى كتلتين كتله معارضة للحكومة يقودها علي الحاتم و كتله مع الحكومة يقودها احمد ابو ريشة موقف هذه الكتلتين العشائرتين من القاعدة و داعش كتله ابو ريشة معارضة لوجود القاعده و داعش حاربتها في البداية و استطاعت ان تطردهم من الاحياء لكن خفت الصراع بعد ذلك و رجعت داعش و القاعدة الى بعض الاحياء موقف كتلة علي الحاتم مبهم فهي لا تقاتل داعش و القاعدة ولا تدعمهم كأن هناك صلح او اتفاق بينهم على عدم القتال فيما بينهم .
ان من يعتدى عليهم من المواطنين من قبل مقاتلي القاعدة أو داعش سواء جسديا او الاستيلاء على املاكهم لا يستطيع فعل اي شئ ولا يستطيع ان يشتكي لدى الشرطة او الجيش ان وجد لان بعد ذلك سيقتل من قبل القاعدة او داعش , احد المتكلمين معي كان شرطي اخبرني بانهم اي الشرطة في حيرة من امرهم فهم الضحية مع المواطنين فهم معرضون للاغتيال و انهم عندما يبلغوا قياداتهم عن اماكن مقرات القاعدة و داعش يتم تحديد هذه المقرات و ابلاغ السلطات العسكرية العليا بهذه الاماكن يتم بعد ذلك بايام بقصف هذه المقرات لكننا نتفاجئ بانه تم قصفها و هي خالية حيث كان المقاتلين غادروها و اخبرني لم يتم قصف اي مقر في وقت يكون فيه مقاتلين كذلك عندما يقوم احد المواطنين بالتبليغ عن تواجد مقاتلي القاعدة و داعش يتم التعامل بنفس السياقات مضافا اليهم تصفيه هذا المواطن بعد فترة من قبل القاعدة و داعش , الاشاعات بين المواطنين كثيرة و متناقضة مثل داعش و القاعدة ادخلهم المالكي ليعبثوا بامن المحافظة , داعش ارسلتهم الحكومة السورية , القاعدة و داعش مموله من قطر و السعودية لحماية السنة , ايران تريد تقسيم العراق , ابادة السنة , و غيرها من الاشاعات لكن الغريب بالمسأله ان المواطن البسيط الكادح الفقير لم تمر عليه كل هذه الاشاعات و الاعلام فقد وصل الى قناعة بأن كل السياسيين على الساحة و كل الدول الاقليمية و امريكا هم الاعداء الحقيقيين ولا يوجد صديق ولا يوجد من يثق به اصبحت لديه ازمة تثقة مع كل من يتكلم او ينصح او يخطب مع شيخ الجامع و السياسي و المثقف و شيوخ العشائر و الحكومة و الجيش و الشرطة اصبح المواطن بازمة ثقة حتى مع نفسه و يبحث عن اي خلاص قد يبعده عن احتمالية القتل و التشريد .
هذا واقع الحال في مدينة الرمادي دون رتوش او تحليل او استنتاجات يطرحها المواطن البسيط الكادح من اهالي الرمادي و قد وصل الى المعرفة اعدائه و من يريد به شرا لكن لا يعرف ما هو العمل لينقذ نفسه و ارضه و وطنه , لقد استطاع الى معرفة الحقائق من خلال معاناته كضحية و كونه مشروع قتل و سرقة من قبل الساسة بما يمثلون من اجندات خارجية و داخلية لكن لم يستطع التوصل الى الاجابة على سؤال ….. ما العمل ؟