19 ديسمبر، 2024 4:51 ص

الانبار سلمت بطريقة تبديل ( الحرس ) ولم تسقط حربا

الانبار سلمت بطريقة تبديل ( الحرس ) ولم تسقط حربا

أفرغت جميع البنوك في مدينة الرمادي من محتوياتها المالية قبل دخول داعش
منذ خلافة الامام علي بن ابي طالب وحرب معاوية ضده كانت الانبار هي الخاصرة التي يقوم بضربها جند الشام لاضعاف السلطة في العراق وهكذا سارت امورها في خلافة بني العباس حتى قتل اخر خلفائهم في بعض نواحيها ومن ثم سلطنة آل عثمان الذين دفعوا بأبنائها الى حروب في اطراف الدولة العثمانية واستمر حالها حتى ورث آل سعود معاوية وورثت ايران السلطة في العراق فتحولت الانبار من خاصرة تتعرض الى ضربات خاطفة بين حين واخر الى ساحة مكشوفة للصراع العقائدي الذي دار بين الشام والعراق يفرض القوي من الطرفين المتصارعين سيطرته عليها حتى يضعف ليأتي دور الاخر بطرده والاستيلاء عليها وكانت ساحات ( الاعتصام ) تحولا خطيرا في المواجهة واخذ الصراع منحى اخر بعد ازالة الخيام اذا اصر قادة المعتصمين على تحويل كل الانبار الى خيام اعتصام ضد الحكم كاشفين عن نواياهم بشكل سافر مقابل اعلان السلطة الحرب والقضاء عليهم بشكل واضح فاختفى علي ومعاوية واقتتل غيرهم بالنيابة عنهم وكلا المتقاتلان من العراق وكلما مر وقت كلما اقتربت المواجهة واحترقت المساحات وانكشفت النوايا وظهر بوضوح الهدف والغاية حتى سقطت الانبار في نصف ليلة بذات الوقت الذي تعلن فيه السلطة في بغداد عن نيتها بتحرير الموصل التي خسرتها في ليلة قبل عام وبين سقوط الانبار بيد داعش ونية الحكومة تحريرها لنطلع على بعض مايوجد من تداخل واختراق وخيانات واهداف واجندات في كلا الطرفين .. يقول المراسل (مناف العبيدي ) : لم تتمكن مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار وعاصمتها من الصمود أكثر بوجه أطماع مسلحي تنظيم داعش في السيطرة على المدينة. فبعد أكثر من سنة ونصف السنة على التصدي لسلسلة طويلة من الهجمات رضخت مدينة الرمادي لتلك الهجمات وتمكن مسلحو تنظيم داعش من دخول عاصمة الأنبار ورفع الراية السوداء على مبناها الحكومي وسط المدينة ليعلن التنظيم بعد ذلك سيطرته على أكبر محافظات العراق مساحة.
في حين يعترف ضابط كبير وحسب ما نقلت شبكة (روداو ) الكردية بما يلي : إن سبب الانسحاب الذي أدى إلى سقوط مدينة الرمادي تتحمله القوات الخاصة وانه في الوقت الذي كان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، منشغلا بوضع الخطط لاستعادة مدينة الموصل من قبضة «داعش»، وردته أخبار عن فرار جيشه من الأنبار من دون سبب. وأضاف الضابط: «في الأيام التي سبقت اليوم الذي شن فيه (داعش) الهجوم، شعرنا بأن عددا من العجلات الأميركية الصنع التابعة للقوات الخاصة بدأت بالتجمع تمهيدا للانسحاب على الفور أبلغنا القائد العام للقوات المسلحة بأن المئات من عجلات تلك القوة تعتزم الانسحاب». وفي صبيحة الخامس عشر من مايو (أيار)، انسحبت 200 عجلة تابعة للقوات الخاصة من الرمادي، وبعد ذلك بساعات اقتحم «داعش» مركز المدينة، مستخدمًا قذائف الهاون والعجلات المفخخة التي يقودها انتحاريون، وهبطت معنويات القوات الأخرى لتبدأ هي الأخرى بالانسحاب من المدينة. ويضيف الضابط الكبير للوكالة الكردية : كنت مع حراسي في المدينة، ودافعنا عنها حتى الساعة السادسة مساء، ولكن عند انسحاب الجميع اضطررنا إلى إبلاغ بغداد بأن مجزرة أخرى ستقع مثل مجزرة سبايكر إذا لم تتم نجدتنا». ويمضي بالقول إن «القوات الجوية العراقية جاءت وأطلقت ستة صواريخ على مقار داعش، مما فسح لنا المجال أمام الانسحاب». ويضيف: «توجهت مع 40 من عناصر الأمن، إلى الصحراء حاملين معنا 24 جثة، وقضينا هناك يومين من دون ماء أو غذاء وتفسخت الجثث»، ثم توجهنا إلى النخيب ومنها إلى محافظة كربلاء. ويقول احد الجنود واسمه حسين وسمي العبيدي: لم يكن هجوم تنظيم داعش على المدينة مساء الخميس 14 مايو 2015 بالقوة التي تمكنه من فرض سيطرته على المدينة لكن الرمادي سلمت إلى تنظيم داعش خلال ساعات، والسبب هو انسحاب القوات الخاصة !!! ويضيف العبيدي : وأضاف العبيدي: في 11 مايو أي قبل سقوط مدينة الرمادي بثلاثة أيام وصلت من بغداد قوات الفرقة الذهبية بعد أن طالب القادة الميدانيون في مدينة الرمادي بإرسال تعزيزات عسكرية. وبعد وصولها للرمادي أمرتنا بالانسحاب إلى داخل المدينة وتمركزت قوات الفرقة الذهبية في أماكننا وعند الساعة الحادية عشرة من ليلة الخميس 14 مايو فوجئنا بانسحاب قوات الفرقة الذهبية التي توجهت إلى ناحية النخيب !!!! وقد ياتي استغراب قائم مقام الرمادي دلف الكبيسي بالصدمة حيث يقول مستغربا :  قبل كل شيء لا بد من الإشارة لأمر عجيب حدث في مدينة الرمادي قبل سقوطها بيد مسلحي تنظيم داعش وهو اتخاذ قطعات الجيش العراقي مقرات لها وسط المدينة فأينما تجد بناية متروكة أو على قيد الإنجاز ترى وجود قوات من الجيش متمركزة فيها مع آلياتهم وعجلاتهم تاركين خطوط الصد والكمائن لقوات الشرطة التي لا تمتلك غير البندقة وسلاح الـ(بي كي سي) وهذا الأمر على خلاف ما نراه في جيوش العالم
ومن المضحك المبكي ماقاله عضو مجلس محافظة في حديث لـ«الشرق الأوسط» : أن الحكومة المحلية للمحافظة، وبالتعاون مع الحكومة المركزية، أفرغت جميع البنوك في مدينة الرمادي من محتوياتها المالية قبل دخول عصابات (داعش) الإرهابية إليها،
اذن هي الخيانة الواضحة وليس تهمة تلقى جزافا والادلة ظاهرة للعيان فالجيش ترك مواقع الصد واحتمى بالمدينة والقوات الخاصة اتخذت طريقها الى  النخيب واصبحت الطرق كلهاتؤدي بداعش للمدينة والادراة او الحكومة المحلية نقلت الغالي والنفيس ( الدراهم ) الى الخالدية وتركت المدينة يواجهون مصيرا مجهولا معا داعش والحكومة المركزية لم تحرص على شيء غير نقل الاموال من الرمادي الى الخالدية لكن هل هناك ادلة على ادانة او توجيه تهمة خيانة للحكومة ؟ لنبحث في المعطيات علنا نجد شيئا او رأس خيط . يقول الكاتب صائب خليل :
عندما تحدث أشياء نجدها “غريبة” فإننا كثيراً ما نجد تفسيرها في أشياء “غريبة” أخرى. فعندما أرى أمراً  غريباً، فإنني أبحث على الفور عن “الغريب” المقابل الذي يفسره.انتصارات داعش الغريبة جداً، يصعب تفسيرها حتى نكتشف أمراً “غريباً” آخر وهو دعم الولايات المتحدة المباشر لها وتأمينها السلاح والتجسس وغيرها. (لم يعد هذا غريباً علينا الآن لكنه كان كذلك حين اكتشف). وكان سقوط الموصل بكل تلك القوة الهائلة التي فيه بيد عصابات داعش، وترك أسلحة الجيش لها، أحد تلك الغرائب الكبيرة التي فسرها الأمر الغريب الآخر وهو خيانة “جميع” الضباط الكبار القياديين في الموصل شرطة وجيش! وإن كان “غريباً” كيف يمكن ان يخون الجميع، فليس ذلك لأن الجميع قد خان فجأة، بل أن أحداً قام بوضع الخونة أصلاً في تلك المواقع… وغريب جداً أيضاً أن يتجرأ كل هؤلاء على خيانة بمثل هذا الحجم ينتظر منها الإعدام، ثم لا يهربون، بل يذهبون إلى بغداد! وهذا الأمر الغريب يفسره أمر غريب آخر وهو إنقاذ رئيس الحكومة السابق المالكي لهم بإحالتهم على التقاعد! اي أنهم كانوا ضامنين لسلامتهم، وهذا التصرف الغريب من المالكي يفسر الجرأة الغريبة للخونة.. وهكذا. استدلال منطقي ويمكن سحبه على قضية سقوط الانبار تماما . ويضيف صائب خليل : وما أثار الريبة الشديدة أن العبادي قد أصدر قرارا مفاجئ بإحالة أكثر من 300 ضابط في وزارة الدفاع على التقاعد قبيل مغادرته إلى واشنطن بساعات وفي وقت متأخر من الليل! وكأن تأجيل ذلك إلى ما بعد الزيارة سيكون مشكلة! يبدو أن جهة ما لا تريد الربط بين تلك الإحالات على التقاعد وزيارة واشنطن وأن لا تبدوا أنها من توجيهات أو أوامر واشنطن. ومن الواضح انها لم تكن تستند إلى تقارير عراقية حول تصرفات هؤلاء الضباط، لتكتمل تلك التقارير صدفة قبل الزيارة ببضعة ساعات وترسل على عجل إلى القائد العام للقوات المسلحة. فهم لم يتهموا بالخيانة مثلا ليكون الأمر مستعجلا هكذا. إضافة إلى ذلك كان العبادي قد أصدر قبل اربعة ايام من سفره سلسلة اوامرعسكرية بإعفاء واستبدال وتعيين 12 من القادة والآمرين في قوات الجيش والشرطة الاتحادية شملت قيادات القوات البرية والاستخبارات والمدفعية وقادة فرق عسكرية! حين نقرأ أخبار كل تلك التنقلات والإحالات على التقاعد الغريبة السرعة والحجم، وقبل زيارة واشنطن مباشرة، لا يكون غريباً أن نفكر أنه جزء من مؤامرة أمريكية على الجيش، وأن الضباط الذين تم استبعادهم قد يكونوا، عكس ادعاء من اقالهم، الأفضل والأكثر وطنية من ضباط الجيش العراقي، وأن هذا بالذات هو سبب التخلص منهم، وأن يتم إحلال بعض العملاء المناسبين لداعش محلهم، وكذلك تحسباً لغضب انقلاب على الحكومة العميلة مستقبلا . ونقلت النائب حنان الفتلاوي أن احد الـ 300 الذين تمت إحالتهم على التقاعد، كان اللواء ضيف الطائي الذي استشهد وهو يدافع عن مصفى بيجي.. والذي “صمد مع ثلة قليلة من الابطال الشرفاء ودافع عن مصفى بيجي لاشهر ومنع سقوطها”…حسب قولها. وقد علق أحد قراء موقع الفتلاوي ممن يعرفون الضابط الشهيد، على الخبر بالقول: “والله انا من اهل بيجي واشهد الله ان الشهيد البطل ومن معه صمدو صمودا يستحق ان يكتب في التاريخ بماء الذهب ويستحق كل من صمد معه التكريم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني ..
من الممكن ان يكون هذا  نموذج الضباط الذين استهدفتهم حملة العبادي لأعادة هيكلة الجيش! ولا شك أيضاً أن العبادي الذي لم يعجبه الشهيد اللواء ضيف الطائي وأمثاله الذين يستشهدون في اماكنهم ولا يتراجعوا، سيضع نقيضهم من أمثال الفريق عبود كنبر وعلي غيدان ومهدي الغراوي، الذين يسلمون المدن والسلاح لداعش، بلا قتال!  والدليل كما يرى صائب خليل ياتي بعد  بعد شهر واحد من الاقالة لتسقط المدينة الكبرى الثانية في نفس المؤامرة! فهل أن إحالة 300 ضابط كبير من ضباط الجيش العراقي قبل ساعات من سفر القائد العام للقوات المسلحة إلى اميركا مجرد صدفة؟ وان سقوط الأنبار بعدها بشهر واحد صدفة أخرى أيضاً؟ إن الأمور التي تجري على الساحة العراقية لا تشجع التفكير بالصدف. وقد نشرت نيويورك تايمز : تحت ضغط من المسؤولين الاميركان في بغداد، سحب العراق فصائل الحشد الشعبي من مدينة الرمادي” وأن السفير الأمريكي كان يحث زعماء الأنبار لرفض “الجماعات المسلحة الشيعية” ورهن المساعدة الأمريكية بهذا الرفض. ويختم صائب خليل بالقول :
إن شكوكنا في تصرف العبادي الذي جاء هو الآخر بدعم أمريكي لم يسبق له مثيل، يستند إلى شكوكنا في أميركا نفسها. فمن يعتقد، وبعد كل هذه الأكوام من الأدلة وكان آخرها عمليات قصف طيران التحالف لقطعات الجيش المواجهة لداعش، أن أميركا تقف وتساعد العراق كما يحاول العبادي أن يبيعنا من أكاذيب، فله أن ينام مرتاحاً. أما من يرى بوضوح أن أميركا تتبع أجندة تدميرية للعراق، فعليه أن يقلق حين يستنتج أنها ستستغل بلا شك كل إمكانياتها لتنفيذ تلك الأجندة، ومنها وجود شخص جاءت به إلى راس السلطة ليأتمر بأمرها، وليعين الضباط المناسبين لها في الأماكن المناسبة لها، وقد رأينا النتيجة في الموصل ثم في الرمادي، وما لم يحدث شيء يهز وعينا على حجم الخطر فسنرى تكرار ذلك على العراق كله. اذن الرمادي لم تسقط بيد داعش من خلال معركة وجيشان تقابلا وانتصرت عقيدة عسكرية على اخرى وكتب نصرا لجنود العقيدة المنتصرة وشحوه بخبرتهم القتالية وكفائتهم العالية واصرارهم على تسجيل نصر ضد عدو صمد وقاتل دفاعا عن مدينة اوكل له حمايتها والدفاع عنها فاستبسل حتى الموت لكنه لم يصمد امام قوة جبارة قهرته في ساحة معركة متكافئة وانما سلمت ( الرمادي ) المدينة كما يسلم الحرس القديم لحرس جديد نقطة الحراسة التي كان يحرسها ومعها الاسلحة والمعدات وكل مايخص القتال والحرب وماجرى في الموصل يكاد يكون مستنسخا تماما والاختلاف فقط في الطريق الذي سلكه المسلمون للمدينة ففي الموصل سلكوا طريق موصل اربيل بغداد وفي الانبار كان طريقهم الرمادي النخيب كربلاء بغداد ومن المتوقع ان يرحب بهم بحفاوة كما تم الترحيب بابطال تسليم الموصل .

أحدث المقالات

أحدث المقالات