مع وجود الكثير من نقاط الخلاف والاختلاف في طريقة تعاطي الإخوة الأعزاء في الرمادي والفلوجة والكرمة وهيت وراوة وعانة وحديثة وكبيسة وحصيبة والقائم مع أيام الاحتلال في عام 2003 ،الا ان ذلك لم يمنع من اختلاط دماء أبناء الجنوب مع أبناء الغربية ،ولم يكن رد الدين غائبا في ذهنية الإخوة الانباريين ،بل زادوا العطاء في معركة النجف الاشرف ،فكان العراق حاضرا في الانبار وفي النجف الاشرف.
ولم نسمع في يوم من الايام ،ان الاهل والاحبة في الرمادي من المتحمسين للفدرالية ،بل كانوا من اكثر الناس الرافضين،حبا منهم بالعراق الواحد،رغم ان الفدرالية لا تعني التقسيم ،بل اجراء اداري يتلائم مع طبيعة المرحلة التي يعيشها العراق بعد سقوط نظام البعث الصدامي،وكانت فيها الحلول لكل اوجاع العراق والعراقيين.
وما اتذكره عن ابناء الانبار،رفضهم المطلق للامريكان،هو غيرتهم ورجولتهم على مجتمعهم،لانهم يعتبرون ان وجود الاجنبي،جزء من هتك الحرمة،وكانوا يصرحون في الليل والنهار برفضهم تواجد الامريكان،لان هؤلاء”اي الامريكان” كانوا ينتهكون الحرمات،وكانوا يتعاملون مع ابناء وبنات الانبار باخلاق لا تمت الى تقاليد الغربية بصلة على حد قولهم ،بل ان صالح المطلك وظافر العاني ،كانوا يشيعون ان الامريكان كانوا يقيسون وزن بنات الشيوخ العفيفات من خلال الامساك باردافهن،وغير هذا كانوا يعتبرون تواجد الامريكان مقدمة لتمزيق جسد الامة ولحمتها ،وكانوا يعتقدون ايضا بنهب ثروات العراق وتحقيق اطماع الدولة المحتلة.
اليوم وللاسف فان بعض الاصوات الانبارية، تخلت عن كل قيمها ونخوتها ورجولتها ،واخذت تصرح في العلن عن رغبتها بتواجد القوات الامريكية ،لتخليصهم من داعش ،متناسين ان داعش صنيعة امريكية اسرائيلية، بل هم يعرفونها ويحرفونها ،ولم يعد الامريكان محتلين،ولا هم طامعين او مخربين ،ولا يوجد فيهم من يبحث عن بنات الشيوخ لقياس وزنها،كما ان الامريكان فاتحين ومحررين ولا يسعون الى تقسيم العراق.
ان دعوت استقدام الامريكان،دعوت حق يراد بها باطل،لانهم اذا دخلوا لن يخرجوا الا بما يريدونه لا بما يريده اهل الانبار، واذا دخلوا لن يخرجوا داعش ،بل سيتم الاتفاق على تبادل الادوار وسيتم تحويلهم الى بقعة اخرى لاداء مهمة مماثلة لما اوجدوه في العراق ،اذا لم يبقوهم في العراق المقسم الممزق.
ان اهالي الانبار يعلمون علم اليقين،ان داعش كانوا بين ظهرانيهم وفي بيوتهم وتحت ثيابهم، ولازالوا يتذكرون الخيم والولائم والاناشيد التي تمجد القاعدة وجرائمها،ولا زال “دف” الوزير رافع العيساوي يرن في اسماع الزمن وعلى اصوات المهرجين في ساحة العز والكرامة كما يسمونها ،وارهابيهم يردد ..حنه تنظيم اسمنه القاعده ..نكطع الروس ونكيم الحدود.
ان العراق ليس بحاجة الى الرجال ،بل لا يوجد رجال في العالم اشجع من العراقيين ،وان كل ما يحتاجونه الدعم المعنوي والاسلحة والزمن لمسح الدواعش ومن يقف الى جانبهم ومن يؤويهم ،وقد اثبتت الايام هذا المعنى وخير مثال على ذلك ما رسمته ريشة الايام من توحد بين مكونات جميع ابناء الشعب العراقي في الضلوعية وسامراء وسد الموصل وحديثة وامرلي ،وكيف استطاعوا ان يحطموا اسطورة الدواعش ويسقطونها تحت اقدامهم.
ان الاحتماء بالاجنبي عار لا تمحية السنوات والاعوام ،والاحتماء بالاجنبي فرصة لبقاء الدواعش وتقويتهم ،ويمكن لمن يشعر بالخوف والرعب ،ان يختبا خلف جبنه وخلف عمالته ،وان يترك الارض لرجالها الاصلاء وابناء العشائر الشرفاء في الرمادي والفلوجة ممن لبى نداء الوطن ،وقدم نفسه بسخاء لصون العراق وابناء وبنات العراق من رجس واعتداء جبناء الدواعش.