17 نوفمبر، 2024 2:04 م
Search
Close this search box.

الامن الغذائي والصراع على المكاسب

الامن الغذائي والصراع على المكاسب

ادركت بعض القوى السياسية متأخرة ان البلاد في حالة ازمة واخرى تحاول تسيس هذه الازمة , وجميع الطبقة السياسية الحاكمة تحاول استغلالها كل منها حسب غاياته اهدافه وجني المكاسب منها , ويرفض البحث في ايجاد الحلول لتامين الغذاء ومتطلبات سير الاقتصاد الوطني في حدود معقولة تصون اموال الشعب من الهدر والتلاعب في ظل حالة الانسداد السياسي ..

الواقع ان مشروع قانون الامن الغائي عبارة عن موازنة مصغرة للدولة ويتخطى لغرض الذي اعلن من اجله , فهو بعد انكشاف الامن الغذائي وعدم وجود احتياطي من الغذاء لمدة مناسبة كبقية الدول طرح المقترح ولكنه لم يقتصر على الغذاء والحاجات الاساسية وانما تعداه الى تنمية محدودة وابواب مختلفة اثارت اطراف ضده , بخق ومن دونه , واستخدامه مادة سياسية وقانونية في الصراع فيما بينها , ونسيان المواطنون المبتلون بشحة قوت عيشهم وارتفاع نسب الفقر والبطالة بينهم .

مشروع القانون يخصص مبلغ 25 ترليون دينار لحكومة تصريف الاعمال غير انه لا يحدد خطة تشريعية وشعبية للمراقبة , لتبديد المخاوف من سوء التصرف والفساد بهذا المبلغ الكبير, وربما سيزيد عن هذا الرقم المعلن بوجود فقرة تسمح بالاقتراض الداخلي والخارجي في الوقت الذي يقترب الدين من مئة ترليون دينار ولا مسؤول يعطي جوابا شافيا لماذا لا يتم تسديد جزء من هذا الدين من الفائض المالي النفطي الذي بلغ 20 مليار دولار .

ان توجه الانفاق الاكبر في القانون نحو الاستيراد من الخارج , ولا يولي الاهتمام المطلوب لتنمية الاكتفاء الذاتي من الغذاء المحلي وتطوير القطاع الزراعي والصناعي والسياحي لتفعيل المردودات الاقتصادية والاجتماعية على الانتاج لهذه الاموال الطائلة .

اي بلد او حكومة يقتصر دورها على الاستيراد في تامين الغذاء فان ذلك استمرارا للعجز في توفيره ورهنه بالخارج والظروف السياسية بين الدول والتأثيرات الدولية على التجارة .

ان من شروط تحقيق الامن الغذائي تكمن في الاعتماد على الذات وبناء القدرات على انتاج نسبة عالية منه داخليا من خلال تنمية مستلزمات توفيره من الموارد المحلية , والصحة في العمل على وفق المبدأ الشهير ” ناكل مما نزرع ” وليس مما نستورد ..

وهذا ما لا يتحقق من دون دعم كبير وواسع للقطاع الزراعي والقطاع الصناعي وفق رؤية تكاملية بينهما واستغلال امثل للموارد , فليس من المعقول ان تتلف مئات الاف من اطنان الطماطم في المزارع ولا يوجد مصنع يحولها الى معجون بدلا من استيراده ,والامثلة كثيرة ولا يتطلب انشاء المصانع مبالغ كبيرة للحصول على نتائج سريعة ومثمرة .

المطلوب خطط اقتصادية واقعية وعمل بناء وحرص على ثروات البلد ومحاربة الفساد الذي يلتهما بطرق واساليب عديدة في مقدمتها الاستيراد من الخارج وتعطيل تفعيل الاقتصاد الوطني واهماله .

اذا ليس بالإمكان تمرير القانون وهناك خوف من التلاعب بما يرصد له من تمويل الا توجد طرق اخرى ويطرحها مختصون وساسة باستمرار للخروج من مأزق التشريع الذي يثير الخلاف , والاهم من ذلك الا تحفز ظاهرة الاستعصاء في الحكم على الاسراع بتشكيل الحكومة ..

واخير نقول لابد ان يكون الهدف الذي يطمح لتحقيقه مشروع الامن الغذائي هو التغيير في طبيعة الاقتصاد الوطني والتناسب بين قطاعاته بزيادة مساهمة صناعة الغذاء والزراعة في الناتج المحلي الاجمالي على حساب الريعية النفطية لتكون البداية نحو اقتصاد متوازن يوظف بشكل امثل الطاقات البشرية والمادية للبلاد , بعيدا عن الكاسب الضيقة والصراعات من اجلها .

أحدث المقالات