18 ديسمبر، 2024 8:37 م

الامن السيبراني واثره في بناء الديمقراطية (انتخابات تشرين 2021 نموذجا)

الامن السيبراني واثره في بناء الديمقراطية (انتخابات تشرين 2021 نموذجا)

عند شروق شمس التكنلوجيا وضيائها الذي عم في سماء العلم وبلغ التطور ذروتهُ واصبح منغمسا في جميع مجالات الحياة بالشكل الذي يجعل من تطور عظيم ولا تخلو تلك العظمة من الاخطار التي من الممكن ان تكون لها ارتدادات على العالم باسره.
ونحنٌ ننصت الى هدير تلك الإبداعات والابتكارات فأن العالم بأسرهِ اليوم يواجه حروب التكنلوجيا تلك التي لم تكتف بان تجعل العالم عبارة عن قرية صغيرة بل جعلته اكثر من ذلك اذ مكنت من احداث طفرات نوعية في مجال الاتصالات والمعلومات وامنها.
ففي الوقت الذي بدا العالم في يتقارب ويختزل المسافات بفعل التطور الهائل للتكنولوجيا قد ولد الداء من رحم تلك التطورات الي مكنت بعض المستخدمين من ان ينهلوا من هذا التطور وينفردوا به بتميز يكون احيانا منقطع النظير وهذا التميز قد وظف في مجالات عدة سواء من قبل الاشخاص انفسهم او من خلال احتضانهم من قبل جماعات ومنظمات تعنى بهذا الشأن، لتحقيق غايات ومآرب في غالب الاحيان تكون نفعية، وهذه الجماعات والاشخاص اطلق عليهم تسمية ( الهاكرز) اي اولئك الذين يستخدمون ذكائهم في اصطياد الثغرات الموجودة في حسابات المستخدمين على شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت).
لذلك يمكن القول ان الاختراقات التي تتسبب للمستخدمين وكذلك السرقات الالكترونية والابتزاز وغيرها كلها امور مهدت لرد فعل يوازي الفعل القائم الا وهو الفعل الناتج عن ( الهاكرز) وردة العفل هذه قد تمثلت بما يطلق عليه اليوم بالامن السيبراني او امن المعلومات والذي يعود في تنظيره الى ادوارد اموروسو( Edward Amoroso) والذي اصدر كتابا يحمل هذا العنوان عام 2007 شرح فيه الاسباب التي دعت الى انتاج مثل هذه الفكرة وكيفية التصدي لردم الثغرات التي يستغلها الهاكرز في الدخول غير المرخص لحسابات المستخدمين وابتزازهم او سرقة محتوياتهم او ما شابه ذلك.
ويمكن التطرق هنا الى مفهوم الأمن السيبراني ( أمن المعلومات) يعني ذلك الاصدار الذي نتج بسبب التطورات الإلكترونية وكثرة الاختراقات وان الهاكر والمهاجمين الإلكترونيين أصبحوا أكثر ابتكارا مما دفع أدوارد لتصدي لهم بهذا الأصدار . أن عمل الأمن السيبراني يكمن في حماية البيانات والأنظمة الخاصة ضد الهجمات والأختراقات وانهُ يحتوي على عدة طبقات من الحماية تتوزع على البرامج والبيانات التي يرغب المرء الحفاظ عليها لذلك يجب على المرء ان يمتثل لتلك الأوامر من هذهِ الأوامر اختيار كلمة مرور دقيقة وصعبة . ان المؤسسات الحكومية وبالأخص المؤسسات المالية الحكومية تتبع هذا النظام وتمتلك خبرة في اطار التعامل مع الهجمات . ان الهجوم الالكتروني يكون على عدة محاور فأنهُ يعبر الفضاء الألكتروني الهدف من هذا هو تعطيل او تدمير بنية حاسوبية او ان يتحكم بها بشكل ضار .
ان عوامل الهجوم منها ،العامل الدراماتيكي اي هو (العامل المدهش ) وعامل الضعف
ان العامل الاول او العامل المدهش هو مقياس للضرر الفعلي .
والعامل الثاني يكون عامل استغلالي لتعرض المؤسسة للهجمات هذهِ المؤسسات التي لا تمتلك مثل هذا النظام سوف تكون اكبر عرضة للهجمات .
وان الهجوم يكون ذات قسمين القسم الاول نشط والثاني غير نشط ،النشط هو ان يسيطر على موارد النظام ويأثر على تشغيلها ، ام الغير نشط يكون بتعلم البيانات والاستفادة منها اي يعني التجسس ، كذلك يتخذ الهجوم انواع اخرى مثل الداخلي والخارجي ولكل منهما منطوقه فالخارجي يكون من شخص غير مصرح لهُ، والداخلي يبدأ من داخل اي كيان مصرح له بالوصول ويمكن التطرق الى اشد الهجمات الالكترونية التي تعرض لها العالم وكان ذلك في عام ٢٠١٧ اذ صنفت هذه السنة بانها اسوء سنة في عدد الهجمات الالكترونية وما نتجت، عنه من خسائر مادية كبيرة في الاموال والمعلومات سواء الحكومية منها او الخاصة. لذلك وكوسيلة للحد من هذه الاختراقات والسرقات الالكترونية التي تصل في بعض الاحيان الى تعطيل مؤسسات واعلان افلاسها بسبب هذه الهجمات، بالتالي اصبح امن هذه المعلومات هو فغاية في حد ذاته وهدف يجب تحقيقه.
فالامن المعلوماتي قد تشعب في مفاصل الحياة في القرن الواحد والعشرون بل اصبح ركيزة مهمة في بعض المجالات كما حصل في الاندماج الذي اخذت به بعض النظم في ادخال وسائل الاتصال الرقمية في قياس اراء الناس حول قضايا معينة او حتى اعتماد وسائل الانترنت في مسائل حساسة جدا في تقرير مصير الشعوب كالانتخابات والاستفتاء العام حول قضايا معينة وبهذا السياق سنحاول الربط بين مآلات الانتخابات العراقية التي جرت في العاشر من تشرين لعام ٢٠٢١ وكيف تم توظيف هذه التكهنات بالاختراق والتزوير للدفع باتجاه الغاء الانتخابات او على الاقل تعديل النتائج التي تعد لبعض الاحزاب ليست مخيبة فحسب بل تظنها وسيلة لاقصائها من العملية السياسية برمتها، اذ ان هذه الانتخابات الكثير اعتبرها فرصة للتغيير الذي يصبوا له الشعب العراقي للتخلص من حالة الفوضى والفساد التي شهدته مرحلة مابعد ٢٠٠٣ وبالتالي فان احتمالات الصراع بين الاحزاب التقليدية الساعية الى المحافظة على مكتسباتها وبين الاحزاب والشخصيات المستقلة التي يعول عليها في التغيير ممن لم يشتركوا في اي ادارة سابقة انسجاما مع راي المرجعية بعدم تجربة المجرب بل لابد من تغذية العملية السياسية بدماء جديدة قادرة على بناء الدولة وفق رؤية صحيحة، هذا الاحتمال في الصراع حول الوجود والمكتسبات دفع الكثير من الاحزاب الى سلوك جديد في الحفاظ على مكتسباتها رغم انه قد استخدم في انتخابات ٢٠١٨ الا انه في هذه الانتخابات وظف بشكل مغاير من خلال استخدام الشائعات والطابور الخامس في الطعن بنزاهة الانتخابات التي جاءت بنتائج مخالفة لتوقعات بعض الاحزاب التقليدية، الا ان ذلك يعني اننا ننكر وجود بعض المعوقات والخروقات الطفيفة التي رافقت العملية الانتخابية في شهر تشرين الحالي ، اذ انها واجهت اخفاقات منها فنية واخرى تنظيمية وأداريه ( لم تتجاوز الاعطال في جهاز التحقق المسؤول عن قراءة البطاقات الانتخابية وبصمات الناخب كذلك عدم وجود بصمات للناخب في البطاقة قابلة للقراءة الامر الذي تسبب بتوتر وقتي بين الناخب والعاملين في يوم الاقتراع) جعلت من الاحزاب الخاسرة ترفعها شماعة لفشلها في اقناع جمهورها في المشاركة الفاعلة في الانتخابات وتجديد الدعم والتاييد، فالعزوف الجماهيري وتدني نسبة المشاركة كانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير ولم تكن الانتخابات يشوبها التزوير بالدرجة التي روجت له الاحزاب الخاسرة . ان ما ارادت الاحزاب الخاسرة الترويج له هو ما حصل في انتخابات 2018 التي اشير الى ان عمليات التزوير الالكتروني للنتائج بلغ نسبة كبير وهذا ما تم من خلال (الهاكرز) اذ ان اجهزت التحقق واجهاز فرز الاصوات كان في انتخابات 2018 مربوطا بالانترنت بالشكل الذي مكن من اختراقها حال اتصالها وتغيير النتائج وهذا الامر ذاته التي بدات الاحزاب التقليدية توجه اصابع الاتهام فيه الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لكن في الحقيقة هو ان المفوضية قد اتخذت بعض الاجراءات التي تحد من تكرار خطا انتخابات 2018 من خلال الغاء ميزة اتصال جهازي التحقق والسيكوز بوصلة الانترنت حماية ومنعا من اختراقها من قبل الهاكرز التابعين لبعض الاحزاب السياسية المتنفذة من اجل تغيير النتائج بالشكل الذي يحافظ على بقائها متصدرة ومؤثرة في المشهد العراقي.
لكن رغم كل تلك الاخفاقات التي رافقت العملية الانتخابية يبقى العزوف عن المشاركة في الانتخابات من قبل جماهير واسعة اطلق عليهم بالمقاطعين سببا رئيسيا في اقصاء بعض الاحزاب وهولاء المقاطعون يحملون تصورا بان مقاطعة الانتخابات تعطي رسائل سلبية للطبقة الحاكمة بعدم الرغبة بهم وكذلك يتصورون ان المقاطعة تسحب الشرعية من العملية السياسية التي بنيت بعد عام ٢٠٠٣ الا ان الواقع في الحقيقة غير ذلك لسببين وهما ان قانون الانتخابات العراقي يفتقد لنسبة او عتبة تحدد نجاح الانتخابات من فشلها, والسبب الثاني هو ان هناك احزاب تقليدية تتمتع بقواعد جماهيرية ثابتة وبالتالي فان المقاطعة تجعلهم هم الفائزين فقط وهذا ما حصل مع التيار الصدري.
《ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ》 (51)
يتبين من العرض السابق ان العالم قد دخل في مرحلة من الزمن الى عصر القرية الكونية التي جعلت العالم متاح للعالم وبامكان الكل ان يتواصل مع الكل الا ان هذا التطور قد ولد لنا افات بمرور الزمن تمثلت بما يطلق عليهم ( الهاكرز) الذين يعدون الخطر الاكبر على نظام الاتصالات الرقمي العالمي ( الانترنت) كونهم اشخاص فائقي الذكاء يستطيعون الوصول الى اي معلومة يرغبون في هذا النظام والاضرار بالمستخدمين وابتزازهم احيانا هذه الفئة قد وظفت سياسيا في بعض الدول والعراق احد الامثلة في ذلك حتى وصل الحال الى التلاعب باراء وافكار الناس وممتلكاتهم والضغط عليهم بوسائل التهديد والوعيد من خلال السيطرة على خوادم حساباتهم الالكترونية وهذا الامر لم يقتصر على الحياة اليومية بل تعداه الى ان يوظف الهاكرز في تغيير مصير شعب من خلال الدخول الى خوادم الحواسيب والاجهزة التي تعتمدها المفوضية المستقلة للانتخابات وتغيير بعض النتائج الامر الذي دفع الاخيرة الى السعي جاهدة الى تلافي اخطاء الماضي والوقوف على الوسائل الكفيلة بالحد من هذه الاختراقات التي تطعن بنزاهة عمل المفوضية كجهة مستقلة وحيادية وهذا ما بدى واضحا من خلال تمسك المفوضية بما اعلنته من نتائج اولية ودون ان يكون هناك تغيير الا بشكل ضئيل لا يؤثر على العملية الانتخابية بشكلها ومضمونها من حيث النزاهة والشفافية التي تميزت بها عن سابقاتها من الاجراءات في الانتخابات السابقة لكن يبقى الشيء وضده قائما طالما لم يتوافق مع ما يحمله الطرف الخاسر فهو سيكون الرافض لاي نتيجة طالما تكون الخسارة عنوان لها .