9 أبريل، 2024 10:04 ص
Search
Close this search box.

الامساك بلص في جامع

Facebook
Twitter
LinkedIn

في سنة 2001 كنت أعمل في مدينة الصدر و كانت ارهاصات أستشهاد السيد الصدر (رحمه الله) مازالت متوقدة في ارواح الناس وخاصة مدينة الصدر التي شهدت أنتفاضة كبيرة قمعت بقسوة بالدبابات والرشاشات وذهب ضحيتها عشرات الشهداء لم يسلط عليها الاعلام اضوائه ، في يوم ذهبت للصلاة في أحد المساجد في المدينة التي لم تغلق ولم تمنع فيها الصلاة كغيرها من المساجد والحسينيات التابعة لمرجعية السيد محمد صادق الصدر حقيقة تفاجأت بعدد المصلين الذي تجاوز 200 مصلي ولكن كانت صلاتهم فردية فلا توجد صلاة جماعة تأسفت كثيرا وقلت ربما لايوجد هناك شخص متصدي للصلاة فأتممت صلاتي المغرب والعشاء وعند الخروج لمحت في نهاية المصلين رجل كبير ذو لحية بيضاء كبيرة وشيبة يرتدي (غترة) بيضاء يحيط به عدد من كبار السن وقفت قريب عليه حتى انهى صلاته وكان هناك بعض المصلين سلموا عليه وقبلوا يديه وجلسوا حوله فسلمت عليه وجلست قبالته وسألته بعض الاسئلة وعرفت انه يجاوب على الاسئلة الفقهية فتجرأت وسألته أن المسجد يغص بالمصلين ولكن الصلاة فيها فرادا فالغريب أن لايتصدى شخص للصلاة الجماعة وانتم فيكم الخير والبركة فهل هناك مانع أمني أم هناك سبب أخر ما أن أنهيت سؤالي حتى رأيت نظرات حادة غاضبة في عيون الشيخ وتحولت تعابير وجهه السموح الى الغضب والعصبية وبدأ ينهرني ويسمعني كلمات قاسية كأنني شتمته قلت له أني لم أكفر أو أشتم أحد
فقط تساءلت …؟
أشاح بوجهه عني كأني نكرة تجرأ على سيده ووجهه مكفهر غضبان أنتبه أحد الجالسين لغلظة الشيخ معي فحاول تخفيف الوطأ عليَّ ولكني اكتشفت أني أدخلت رأسي في كور الدبابير وانا اسمع الكلمات التي تنبهني أني تجاوزت حدودي وتجرأت أسأل اسئلة يمنع سؤالها … خرجت من المسجد وأنا مستغرب ومصدوم من ردت الفعل من هذا الشيخ ومن حوله فأين تسامح الاسلام وأريحيته التي أعتدناها من الشيوخ ؟
وصلت الى باحة المسجد وبينما أنا ارتدي حذائي الرياضي واربط القيطان وقف أمامي شاب يرتدي دشداشة بيضاء نظيفة بدأ يبحث عن (شحاطته) فلم يجدها ثم لمح أحدهم وقال له أخوية هذه شحاطتي وكان ذلك الشاب الذي يرتدي بنطلون كابوي ممزق وقميص وسخ ويرتدي شحاطة جديدة وغالية لاتتلائم مع باقي ملابسه ، أنتبه له الشاب وأرتبك قال له هذه شحاطتي كان بائن عليه الكذب والاستكانة ولكنه اخذته العزة بالاثم وأنكر بالبدء ولكن الشاب صاحب الدشداشة أصر بقوة أنه سرق شحاطته وتعالت الاصوات بينهما وتجمع المصلين بأعدادهم الكبيرة حول الشابين وكان واضحاً إن ذلك الشاب حرامي ومتعود على السرق ولكنه بدأ يهدد ويرعد ويرفع صوته في البداية وسط المصلين الحبابين الذين لم يجرأ أحد منهم على ضربه وصده رغم غيه وأنا اراقب الموقف لأرى كيف يتصرف المصلين مع سارق واضح وفي مدينة الصدر وقلت في نفسي إن هذا اللص لن يبقى منه شيء وسينال جزائه فهذه السرقة مستمرة في المسجد كما أكدتها شهادة بعض المصلين السارق محصور بالجامع حصرة الكلب كما يقال بالمثل المعروف ،وعندها بدأ اللص بالتراجع وبدا عليه الانكسار وحاول تخفيف الامر حتى وصل الشيخ ذو اللحية البيضاء صاحبي الذي نهرني قبل دقائق وقلت هذا الشيخ سيقتل الحرامي لامحالة ولكن ما حصل فاجأني حيث بعد أن سمع الشيخ القصة من الشاب المصلي توجه الى اللص الذي كان منهاراً ولكنه بدأ يتوسل به أن يعذرهم ويسامحهم على هذا الخطأ ويربت على كتف اللص وسط ذهول الناس واللص نفسه وأنا طبعا !!!
وهنا رفع اللص صوته ورقبته و تحول من المهزوم المنكسر الخائف الى صاحب الحق وبدأ يهدد بعد أن كان يتوسل بفضل كلام الشيخ الناعم وخرج من المسجد بشحاطة الشاب الجديدة والتي وعد الشيخ صاحبها بتعويضه ، كم تمنيت أن الشيخ كلمني قبل دقائق بمثل ما كلم الحرامي وهنا علمت معنى كلام الله ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة ..) .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب