18 ديسمبر، 2024 10:13 م

الامتحان الأصعب والأقسى : تفشي جائحة كورونا في العراق بين الواقع والطموح

الامتحان الأصعب والأقسى : تفشي جائحة كورونا في العراق بين الواقع والطموح

الجزء الثالث
طرقت باب الرجاء والناس قد رقدو … وبت أشكو إلى مولاي ما أجد

وقلت يا أملي في كل نائبة … يامن عليه لكشف الضر اعتمد

أشكــو اليك أمورا أنت تعلمـها … مـالي على حملـها صبر ولا جلـد

وقد بسطت يدي بالذل مفتقرا … إليك يا خير من مدت إليه يد

فلا تردناها يارب خائبة .. . فبحر جودك يروي كل من يرد

“أبو بكر الشيرازي”

منذ يوم 25 شباط 2020 وبعد ان تطورت الاصابات بوباء كورونا بمعايير منظمة الصحة العالميه جائحه استمرت الاصابات بهذا الفايروس المستجد الذي لا يعرف عن طبيعته وطريقة انتقاله من موطنه الخفاشي الى موطن حيوان اخر لم تعرف هويته ! لغاية مكنته للإنتنشار بين البشر بداً بووهان بالصين ثم الى اقطار قارات العالم المأهوله بموجة كبيره خاطفه متموجه الامتدادات ، خنعت لسطوتها وهلاكاتها اكثر دول العالم سطوة وتقدما وثروة وعلما مما اثار كثير من اللغط عن مسبباتها بعد ان اصبحت الجائحة تهدد انظمة وايديولوجيات ومعسكرات ورؤوس اموال وانظمة اقتصاديه وأمن امم وشعوب .

كان نصيب منطقة الشرق الاوسط والوطن العربي ودوله المبوءة بالاساس بهشاشة الحروب والتهديدات واوضاع سياسيه متهالكه قاسيا وكان العراق واحدا من هذه الساحات المتاججة الصراع السياسي والانهيار الاقتصادي بالرغم من كونه دولة عريقة نفطيه غنيه تعرضت لمشروع احتلال ممبرمج وفساد اداري ومالي متعمد لعقد ونصف من الزمن بعد اسقاط النظام القائم فيه بذريعة امتلاكه اسلحة دمار شامله يهدد به امن اسرائيل والدول التي تحالفت لغزوه ،وحين بدأ اجتياح الغزو الكوروني يهدد اركان العالم بخطورته لم يكن هذا السلاح يميز بين الشعوب والامم والفقر والغنى والشرق والغرب كان العراق خصوصا بعد استهلاك ودمار بنيته وانخفاظ موارد نفطه مرشحا قويا ليكون ارضا هشة لإستفحال هذا الوباء الوبيل بحكم وضعه الاقتصادي والسياسي والجغرافي ، بدأت اصابات الوباء الفيروسي تتزايد وكان معظم عدواه الوافده ناتجة عن تفشي الوباء بشكل عنيف في ايران وفي ٌمدينة قم وطهران بالذات ! مماى عقد الأمر بسبب طول الحدود مع هذه الجاره وتعدد المنافذ الحدوديه الرسميه وغير الرسميه وقوة وتغول العلاقات الاقتصاديه والتجاريه والدينيه والسياسيه بين البلدين . فشكل هذا التعقيد استمرار المنافذ والمصالح بالعمل رغم الاجراءات الرسميه واستمرت الاصابات لتشكل بئرا وتزايدا في الاصابات وتضاعفت عشرات الاصابات يوما بعد يوم منذ نهاية شباط واستمرت لغاية اليوم حتى وصلت اواخر شهر تموز وبداية شهر آب ذروتها بالوف الاصابات ومئات الوفيات والحالات النشطه في ظل وباء غامض وفيروس ناشط وامض وفساد شائع بغياب العلاج الناجع واللقاح المانع والامن الضائع والمال الشافع والكسب النافع والسياسي اللامع والحزب القانع والشعب الجائع والمنقذ السامع باستثناء رب رحيم وطفل يتيم وغياث الحريم ودعاء العاجز السقيم وانتفاضة شعب كريم . ولم اجد في توثيقاتي اللاحقه ودراساتي السابقه واحصائياتي الفائقه الا تنبؤات صاعقه وهلاكات ماحقه بان ما يحدث ربما يكون بفعل بشر خسيس ومبتكر مسيس وحاكم دسيس بوحي من ابليس . او ان كورونا إنذار لكونٍ يشوبه التدليس والتكديس والتسييس ، بات به الانسان في عيش تعيس وما سوى السلاح والمال من نفيس ، في ظل اجواء صراع سياسي خسيس .

وقبل ان اخوض لا حقا بتفاصيل تتابع احداث الجائحه في اجزاء قادمه وتفاصيل الاحصائيات والارقام والدراسات والبحوث والابتكارات والادويه واللقاحات التي لن ينقطع الامل بجدواها ما دمنا نؤمن بحديث (لكل داء دواء )، اجد من المناسب ان اسجل ملاحضاتي حول ما يجب اتخذه مبكرا من قبل اصحاب القرار في العراق كمحاولات لتصحيح المطبات وتحجيم الخسائر والنكبات قبل الفوات .لمن يهمه ومن بيده القرار اليوم في العراق .

ا.لا يمكن التشكيك بالكفاءة الطبيه العراقيه التي بقيت صامدة تزاول عملها الانساني في احرج الظروف واقساها ، فالكادر التخصصي من حملة البورد العراقي والعربي والذي يشكل اليوم اللبنه الاساسية في المزاولة للطب والتعليم ، برزت منهم قيادات مهنيه واداريه واكاديميه (على معرفتي وتتبعي) هم زهور النبتة الذي تجذرت في أرضيتها العميقة بالطب على مر العصور في العراق لا تقل مهارتهم وجودتهم عن اجيال من درسونا وتعلمنا على ايديهم في العقود الزاهره وانا على ما اشهده واقرأه من انجازاتهم وبحوثهم ، آخر من يشكك في كفائتهم وجديتهم يستحقوا ان يفخر بهم العراق شعبا وسلطه كنخبه وان لا يمسِّ سمعتهم سوء ، يكفيهم عطاء ًما قدموه وما سيقدموه في محنتهم اليوم ولولا بقاءهم و واصرارهم لأصبحنا شعب بلا اطباء في زمن البلاء والوباء وحين يفقد العراقيون الثقه بالطبيب العراقي ، يكونوا قد فقدوا آخر ما في جعبتهم من أمل امام الموت الذي انحنت امامه طبابات العالم جميعا وفي مقدمتهم دول العالم المتقدم والمتطور ، وكل ما ارجوه ان تبقى ثقة واحترام العراقيين باطبائهم وادويتهم وعلاجاتهم عالية ، فهم الجيش الآبيض الذي صمد ايام المحن وامام الارهاب والاعتداء والاختطاف والجريمة المنظمه والعنف السائد ، فهم فعلا مقاتلون بالعلاج المنقذ واللباس الابيض تارة امام فيروس مستجد جاثم وتارة قتلة اللثام الاسود بالكاتم !.

2. عوامل عديده اسهمت في تفويت فرصة التقيد والالتزام التام بوصايا الوقايه والحظر والحجر والابلاغ عن الاصابات والاستمرار بالتقصي والكشف الحثيث عن الاصابات ومن اهمها قلة المستلزمات والمواد المختبريه الكشفيه حتى وصلنا مؤخرا الى نسبة ايجابية الفحوص بين السكان الى ان عدد الفحوص اليوميه المؤكده الجديده المختزله (بحدو16000( فحص لا ادري عشوائي او انتقائي ) هي اصابه واحده من بين كل خمسة الى ستة فحوص جديده منجزه وهذا يعني ان النسب المعلنه للاصابات لا تشكل سوى نسبة ضئيله من بين المصابين والمخالطين واقعيا بين السكان وتختلف نسب التفاوت على عدد الفحوص المنجزه ونسبتها .الحديث عن بؤر للاصابات في العراق في بداية الجائحه لم يعد يمثل الواقع الحقيقي لنسب المصابين والمتشافين الان وهذا الامر يترتب عليه اجراء فحوص وجهود كشفيه ومسحيه مكلفه ومجهده لا تتوفر في تخصيصات الوزاره ، وان وجوب الانفتاح التجاري والصناعي والدراسي لتلافي مخاطر الانهيار الاقتصادي والبطاله والفقر يستوجب توفير مستلزمات الوقايه والنبائذ بشكل اكبر واوسع كما ان التأخر بكشف الاصابات يتطلب غطاء سريري علاجي ومركز اكثر اسرة واعلى كلفة لتوفير الانقاذ للمصابين , مما يعني اننا لما نزل في بدايات الجائحة التي قد تطول . ناهيك عن طبيعة الصراع السياسي بين الصين والولايات المتحده الذي بدأت ظواهره تتجلى كلما اقتربت شركات الادويه ومختبرات بحوث اللقاح المنتظر خطوة للاستمرار في تجاربها وتتمخض عن تنافس تجاري واقتصادي كبير في السوق العالميه لاجتذاب المال والتعويض من حجم الخسائر المترتبه على الجائحه . الجائحة لم تنتهي وعلينا اكمال المسيره واكمال مستلزمات و وسائل مجابهتها ، لا ان نستسلم لمضامين الموقف اليومي والهلاكات المستمرة ، منتظرين تطوير اللقاح الموعود . والعلاج السحري المنشود . وحتى ان اختفت فانها ستعود ، لا نعرف عن شدة عودتها ستخف ام ستزود. في مدينة ميلبورن الاستراليه ذات الخمسة ملايين من السكان بمجرد تسجيل 400 اصابه هذا اليوم (6/آب ) تقرر اجراء عزل شامل لكل سكانها لغاية اسبوع ، هذا العزل لإسبوع يشكل فرصة للقطاع الصحي كيف يجري مسحا وكشوفا مختبريه لاكتشاف الاصابات الغير نشطه وتصنيف شدتها والحاجة الى مستشفيات او العزل المنزلي . وفي تركيا يهاجم اوردغان ويوصم بالاانسانيه بذريعة ان كثافة الاصابات قد فاقت السعة السريريه في انقره والمصابون لا مأوى لهم علاجي اضطره لتكذيب الخبر ودعوة الخبراء للتثبت من الخبر في حين ان دولا اوربيه في اوج الآزمه رفضت ادخل العجزه وكبار العمر الى العنايات المركزه وتركت علاجهم في منازلهم ، بنفس الوقت (اليوم) اطلق الرئيس ترامب تصريحاً مظللاً غيرعلمي بان الاطفال لديهم حصانة مناعية ضد الكورونا ! ، كل هذه الاحداث تشير كيف استغلت ازمة كورونا لإثارة حملة إعلام مسيسة وتسقيط سياسيا بوقاحة فيما تعد اميركا اقوى دولة في العالم صاروخيا ونوويا وتقنيا اكثر الامم في العالم هلاكا لفشلها الذريع باحتواء الجائحة علميا وتجهيزيا وذريعة ترامب هو الحفاظ على اقتصاده من التأثر ليفوز بالانتخابات القادمه !. المشهد في العراق ، لا يخلو من هذه الهواجس ، تماما كما يدعو الساسة الفاسدون لاجراء انتخابات مستعجله في ظل اوضاع العراق المتأزمه املا بانهم سيحتفظوا بمقاعدهم بانتخابات هزليه ولكن التاريخ لا يرحم !. حكومات هزيله خلقت الازمات للتعاقب على الحكم.

3.الاداره الصحيه في العراق وهيكلتها : استوزر عشر وزراء للصحه بعد سقوط النظام السابق عام 2003 جميعهم تسنموا الوزاره بارادة الاحتلال والمحاصصه الحزبية والعرقيه والطائفيه وباستثناء الدكتور علاء العلوان الذي كان لديه خبره وخدمه مهنيه واداريه وعلميه بواقع الحال الصحي في العراق قبل وبعد اندراجه للعمل في منظمة الصحه العالميه والذي توزر لفترة قصيره في الحكومة المؤقته كوزير للتربيه ثم وزيرا للصحه في حكومة اياد علاوي الانتقاليه ثم تم تعينيه وزيرا للصحة في حكومة عبد المهدي 24 اكتوبر 2018 وكانت لديه افكار وخطه للعمل ووضع نظام صحي متكامل في العراق واستنجد بحكم موقعه في منظمة الصحة العالميه بالخبراء والمختصين لمساعدته في هذه المهمة ، لكن باستلامه المنصب وتعارض اجراءاته مع اطماع المستفيدين من الوزارة كونها من حصتهم في المحاصصة السياسيه فتعرض لتهديداتهم وقدم استقالته بتاريخ 19 ايلول /2019 (11 شهر)بعد ان كشف الاسباب للشعب وترك المنصب ، ولو كان العلوان على رأس الوزارة اثناء استفحال الجائحه لكنا بخير بسبب مهنيته وخبرته الطويله في هذا المضمار وتاثيره الشخصي على منظمة الصحة العالميه وامكانياتها واسنادها ولما كان موقع للخلافات بين الكوادر الطبيه كما هو الحال اليوم على اي اجراء يرتضيه ويقره . وأنا متأكد انه حاضر للإستشاره وابداء الرأي الصواب فيما يخص وضع العراق الصحي بعد الجائحه وما يخص الاجراءات وتوفير المستلزمات وتقويم الحال ، فأمامنا طريق طويل مع هذا ان وزارة الصحة شهدت خلال العام الحالي( عام الوباء) تغيير 3 وزراء ، ومن الموءكد شمل التغيير القيادات الإداريه والمدراء العامون وهذا العامل ليس في صالح وضع الوزاره من حيث الخبره والمهاره و وضع الخطط ومتابعة تنفيذها . واعرف الوزير الحالي د حسن التميمي حين كان صيدلانيا في مستشفى الرشيد العسكري قبل ان انسب الى مركز جراحة القلب عام 1993. وانه تقلد منصب ادارة مدينة الطب لفترة عشر سنوات لم تشهد هذه المؤسسة في ادارته نقلة نوعية في خدماتها وتجهيزاتها او نزاهة عقودها وتوسيعاتها بل كانت مؤسسات اخرى ومراكز تخصصيه اكثر من مدينة الطب ثقة وتعليما واكاديمية فيما استمرت مدينة الطب بالانتكاس والتردي وقلة التجهيزات وتهالك البنية التحتية واسمع عن الدكتور جعفر علاوي كمتخصص بارع في مرض السكري في لندن ولا اعرف عنه اي خدمه مهنيه بالعراق او اهتمام بالوضع الصحي فيه سوى انه حاول ان يفتح مستشفى للسكري خاص به بالعراق عام 2005 ولم يتوفق في ذلك واعرف من الكوادر الاداريه الحاليه بعض ممن كانوا متدربين في البورد العراقي قبل عام 2005 وهم كلهم كفاءة وعلما وابداعا في احرج الظروف . استقالت حكومة عادل عبد المهدي وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 (اي بعد اقل من شهرين من تعين علاوي ) استجابةً للضغط الشعبي ومطالب التظاهرات الشعبيه . واستمرت حكومة عبد المهدي كحكومة تصريف اعمال الى حين ان حازت حكومة مصطفى الكاظمي الثقة في 7 مايس /آيار 2020. وكان في نية السيد الكاظمي ان يستمر د جعفر علاوي بمنصبه ولكن بسبب وشايات بعض النواب ومنهم اطباء وبضغط من كتلة سائرون تم ترشيح الوزير الدكتور الصيدلي حسن التميمي وزيرا للصحة .وكان من الأنسب (لا قدحا بالوزير التميمي) وانما رأي شخصي ومنطقي لو كان وزير الصحه المعين في ذروة جائحة كورونا طبيبا متخصصا بالطب الوقائي او بالصحة العامه او بعلم الاوبئه السريري ، وهكذا استبدل ثلاثة وزراء للصحه خلال 6 اشهر ليس بسبب عدم الكفاءه ولكن وفقا لارادات الاحزاب واملاءتها الغير مهنيه بل لتستمر مصالحها الفاسده .إن التغيير في الوزراء والوكلاء والمدراء العامين في زارة الصحه خلال فترة ستة اِشهر سبقت الجائحه واثناء تفشيها ، احدث حالة ارباك في مؤسسات الوزاره المتهالك اساسا وضاعف مسئولية اعمالها وفرض كوادر ملاك جديد عليها وحجم ذيلها الاداري والفني بعد دمج الوزاره بوزارة البيئه ..هذه حقائق وليس قدحا في شخصية الوزير حسن التميمي فانا لم التقيه وليس لي معه عداء او موقف سلبي ، كل الذي اعرفه عنه ان كان صيدلانيا برتبة ملازم اول في صيدلية مستشفى الرشيد الذي غادرته عام 1993 .قبل ان يتخصص في علوم الصيدله بعد عام 2003 . .ما يحدث اليوم ان هناك اصوات سياسيه واطباء من ضمن لجنة الصحة البرلمانيه والاحزاب الحاكمه تطالب باقالة الوزير الجديد ويتهموه بقلة الخبره وعدم الكفاءة !. وهذا الامر قد يزيد الطين بله ان حدث تغيير جديد بغير نية الاصلاح والتسديد لا الانتقام والتنديد فليس من ضمن المنتقدين النصوح الصدوق .تشكيك من قبل لجنة الصحه البرلمانيه من رئيسها الى معظم اعضائها بكفاءة وزير الصحه وطواقمها وقراراتها و وبوجود فساد اداري بالتصرف بالتبرعات والاموال المخصصه لمكافحة الجائحه ، وبوجود فساد في قضية توفير بعض الادويه السانده للحالات الحرجه ومصادر انتاجها او توريدها ، وبتسرب المستلزمات و وسائل الفحص والادويه خارج الوزاره لتباع باسعار مضاعفه من قبل فرق مجهولة الهويه وبسيارات حمايه ، كما تعددت خطابات بعدم صلاحية وفائقية المستشفيات واماكن الحجر في رعايتها ، وبرزت ازمة تجهيز المستشفيات بالاوكسجين الطبي واسطواناته وتوفير النبائذ لماسكته وكأن هذه الحقائق هي وليدة يوم وليست وليدة تأخر في اعداد المستشفيات والاسره والمستلزمات للعلاج والحجر في اسره متخصصه ومعزوله للمصابين واضطرت الكوادر لا ستخدام المستشفيات العلاجيه الرئيسيه مما جعلها واقعيا واعلاميا بؤر للعدوى وانتشار الجائحه بين الكوادر الطبيه اطباء وتمريضيين الذين لا تتوفر لهم طقوم وبدلات الوقايه المحكمه كما لم تتوفر مراكز الفحص المنفرده والموزعه توزيعا على المدن والاحياء السكنيه مما ادى الى حالة عزوف مجتمعي عن مراجعة المستشفيات والمؤسسات الصحيه سواء للعلاج او التقصي .وانعكس هذا التشكيك على كفاءة الكوادر الطبيه واثار عمليات انتقام وتهديد لكوادر التمريض والاطباء في بغداد ومحافظات عديده وكان ما تعاني منه المؤسسات الصحيه هو وليد اليوم وليس نتيجة وزارات متعاقبه ساد عملها الفساد ووالمحاصصة .

4. حقيقة ان تشكيل خلية الازمه ومن ثم اللجنه البرلمانيه وبعدها بشهر اللجنه العليا للصحة والسلامه الوطنيه ومجابهة الجائحه ثم اللجنه العلميه في ظروف حكومة تصريف اعمال وفرت لها جلسه استثنايه لتشكيلها وانتهت مهمتها دون تخصيصات ماليه ودعم مادي حتي في قضية جمع التبرعات من المصارف والشركات الاهليه وميسوري المال وهي حمله لم تدعم اعلاميا اساسا رافقها التشكيك بنزاهة اللجان وعلميتها والتي شكلت وكأنها حكومة احزاب وحرب عالميه مثيرة للاستهزاء في بعض جوانبها وليست لجنة علم ومهارة وخبره ونزاهة مما، أدى هذا التعدد في اللجان ان يحدث خلاف كبير بين اللجان وليته كان نزيها فمعظم الخلاف كان سياسي في طبيعته يتعلق بالعقود والشركات وعائدياتها والدول السانده وخصوصا قضية العزوف عن الصين التي ابلت بلاءاً جيدا وصارما ومثمرا في مجابهة الجائحه وتقديم المشوره والمساعده بالاخص في العراق اكثر مما قدمته اوربا واميركا في هذا المضمار وعلى سبيل المثال الخلاف داخل خلية الازمه في التصريحات ففي حين يصرح الدكتور رياض الحلفي مدير الصحه في الوزاره عن شحة في الاختبارات التشخيصيه والمسحيه بسبب قلة التجهيزات وقلة اجهزة التنفس الاصطناعي والتخوف من الوباء ونتائجه تبرز تصريحات وكيل الوزير الدكتور الفلاحي بعدم وجوب التهويل بالوباء وبجودة النظام الصحي في العراق الذي لديه مستلزمات كافيه لاجراء فحوص كافيه للتشخيص والتقصي وان العراق تفوق بالنتائج عن انظمة الدول المتقدمه بالعالم صحيا وتقنيا سواءَ بنسب الاصابات او بالرعاية الصحيه مما دفع بمنظمة الصحة العالميه باتخاذ قرار بالاشاده مما تحقق من نتائج جيده في مكافحة الوباء بالعراق وانه يتوقع او يحلم خلال ايام قليله قادمه سيتم رسميا اعلان القضاء على الوباء في العراق وكل هذه التصريحات بعيدة عن الحقيقه ! لما يجري في العراق بسبب الوباء . كما ظهر الخلاف بين نقابة الاطباء وقرار خلية الازمه في الوزاره حول غلق العيادات الخاصه ، وخلاف بين وزيري الصحه(علاوي ولاحقا التميمي) مع اللجنه البرلمانيه لمجابهة الوباء وصلت لحد الاتهام بالفساد والمطالبه بإقالتهم ، والخلاف حول قرار توفير الدواء الروسي (ياباني المنشأ) من روسيا او من اميركا (ريميدزسفير أو اكتيميرا)او تصنيعه في كردستان وهو علاج مساعد في الحالات الحرجه وليس اساسي ضد الفايرس ، وكان آخر خلاف بين اللجنه العلميه التي تشكلت مؤخرا وبين وزير الصحه فاضحا اذ ظهر . الدكتور جواد الديوان والدكتور سالم البهادلي مدير مستشفى الكندي واعلنا جهارا في قناة الشرقيه (الجمهوريه السادسه) بتاريخ 17 تموز ان العراق اصبح مشارك في المرحله الثالثه من تجارب اللقاح الروسي الاماراتي الواعد وان اللقاح سيكون جاهزا ومتوفرا في العراق في بداية ايلول باعداد كافيه كحل لتقليص الاصابات والوفيات بسبب جائحة كورونا وفي توفيره يكمن الحل واعتبر بشرى كبيره وامل واعد للنجاة في اذهان الناس . ولكن في صباح اليوم الثاني اطلق وزير الصحه الدكتور الصيدلي حسن التميمي تصريحا ينفي صحة ما ذهب اليه الطبيبين الاستشاريين بشكل قاطع ! بل تعداه الى نشر كتاب صادر من وزارة الصحه باعفاء الدكتور البهادلي من منصبه ! (لا اعرف مدى صحة هذا الأمر )الذي نشرته مواقع التواصل.

ان الاختلاف في الاجتهادات العلميه وارد وهذا ما يستدعي تشكيل اللجان ولكن ان يكون الاختلاف اعلاميا على حقيقة واقع الجائحه في العراق بهذه الطريقه هو امر مرفوض ويثير الشبهات حول الكفاءه والخبره والنزاهة في ادارة الأزمه لو كانت خلية الازمه قد احتوت على متخصصين واستشاريين بالامراض الوبائيه ترفع تقاريرها بشكل موضوعي امام اللجنه العليا التنفيذيه للصحة والسلامه ، لكن الامر مختلفا . كان من الممكن ان تظم اللجنه عددا من كفائتنا العلميه المتخصصه بالاوبئه المتواجدين كاستشاريين عالميين في دول متقدمه بالعالم ولهم باع طويل مجرب في العالم العربي تتم مشاركتهم عن بعد بتوفر وسائل التواصل الحديثه حيث تعقد ندوات ومؤتمرات وحلقات علميه امثال د.علاء العلوان وهو صاحب التجربة الناجحه عام 2012-2013 عندما كان مديرا في منظمة الصحة الدوليه لاقلين الشرق الاوسط اثناء تفشي سارس في السعوديه وقد وثق هذه الاجراءات والانجازات التي تحققت ونشرها في حينها و د. سلمان الكواك المستشار والناشط بصلب الموضوع في الكليه الملكيه في بريطانيا وما نشره عن الحلول المثلى لمجابهة الجائحه على افتراض ان الحظر وعدم التعايش مع الجائحه ليس هو الحل الامثل لجائحة مجهولة الطبائع والسلوك ود . كاظم المقدادي في جامعة كارولنسكا في السويد كان ممن كتبوا عن مجابهة الجائحه في العراق وغيرهم .

5.لم تكن حملات التوعيه متكامله ومؤثره . ففي حين كانت في برامج التعليم عن بعد من خلال وسائل الانترنيت نشطه ، لم تكن حملة التوعيه الصحيه نشطه من خلال الاستشارات الطبيه والابلاغ عن الاصابات بشبكة تواصل كفوءه سهلة الاستخدام والتوفير ترشد السكان حول عما يجب ان يفعلوه في حالات حدوث اعراض لديهم او لدى الاسر طبيا وامكانية النزوع الى الحجر المنزلي والتواصل المستمر مع توفر شبكة اسعاف فوري للطوارئ عندما تستوجب الحاله تدخل علاجي في مراكز العلاج والحجر المخصصه ولا يوجد ما يؤشر الى ان مثل هذه الخدمات موثوقه وبدون مقابل مادي او كلفه علاجيه . كل هذا الواقع ادى الى فقدان الثقة بالؤسسه الصحيه بعد ان انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي صور ومشاهد فديويه عن حال المستشفيات والمحاجر السيئه بالتجهيز والتعامل مع المرضى والجثث حتى في قضية دفن الجثث القسري بلا اعلام الاسر والعوائل . ان العراق يعد اكثر الدول العربيه عددا بالوفيات من الجائحه وثاني دوله بعد ايران في المنطقه بالأخص بعد تفشي واتساع بؤر التفشي مؤخرا في تموز حيث تزايدت اعداد الاصابات والوفيات خلال شهر تموز اكثر من خمسة اضعا ف ما حصدت الجائحة خلال خمسة اشهر سبقتها في بدايتها . وهم لم يحقق لغاية الآن اي انحدار او نزول في مستوى الاصابات مما ينبؤ بأن الاجراءات التي تم اتخاذها لم تكن كفيله للحد من تفشي الوباء ، لذلك ينبغي ان تحشد وسائل تعبئة جماهيريه للهيئات الدينيه والنقابات والاحزاب و وسائل الاعلام والاتحادات المهنيه والثقافيه الرسميه وغير الرسميه لتوعية الشعب بخطورة الجائحه والتقيد والتمسك بوسائل الوقايه الفرديه والتباعد الاجتماعي والمطهرات واستخدام الكمامات والكفوف واعادة الثقه بين السلطه والمجتمع وبين المجتمع والاسرة الطبيه والصحيه العراقيه.

6.ان ارتفاع نسبة الوفيات من الجائحه لازالت عاليه مقارنة بدول المنطقه والدول المجاوره وان من اسباب هذا الارتفاع هو جاهزية وكفاءة العنايه الطبيه ولتوفير ذلك ينبغي ان تدعم وزارة الصحه ماليا وتصنيعيا لتوفير المستلزمات الضروريه من اسره واجهزه وادويه ونبائذ وفحوصات وبدلات واقيه واوكسجين طبي الخ . .كل فلس يصرف في الوقايه هو خير من العلاج ولكن اذا استوجب العلاج فكلما تأخر تكون المضاعفات اكثر . ان كلفة يوم واحد في العلاج المركز تعادل اضعاف كلفة توفير غذاء كاف وحجر مريح ورعاية طبيه جيده .عدم توفر المستلزمات البسيطه الاعتياديه في المستشفيات الحكوميه لا يشجع المواطن على مراجعتها الا اذا تقدم فيه المرض وضاقت به السبل اعتياديا 5% فقط من اصابات كورونا تحتاج علاج ورعايه تنفسيه مركزه تكلف توفيرها وتقديمه عشرات اضعاف كلف الحالات البسيطه والنشطه التي لاتستوجب العلاج المركز والتنفس الاصطناعي وغيره من التكاليف . وحين يصل المريض بحاله متقدمه من المرض فان نتائج العلاج المركز لا تشفي نصف من يحتاجونها علميا للعلاج . ينبغي عدم التقصير في تحسين اوضاع مستشفياتنا القديمه واكمال انجاز المستشفيات العالقه وانتهاز الفرصه ليكون العراق مجهز بسعة سريريه لاتقل عن ثلاثة اضعاف السعة السريريه في كل تخصصاتها سواء كان في الاوبئه او الطوارئ والكسور او في السرطان او الحروق او المراكز التخصصيه الاخرى

7. لبناء نظام صحي سليم وادامته بشكل كفوء ينبغي ان يتم تخصيص ثلاثة اضعاف ما مخصص في الميزانيات السابقه التي لم تتجاوز 3 %لوزارة الصحه .وزارة الصحه وزارة انتاجيه واستهلاكيه والصحة تاج على راس الملوك والسلاطين ولقد ابتلى العراق بوباء كورونا المحدق في وقت كان فيه يعاني من آثارالتلوث البيئي والنووي وموجة ارتفاع الاورام والتشوهات الخلقيه والأزمات النفسيه وانتشار المخدرات وضعف الصرف الصحي وازمة الكهرباء والماء ارتفاع درجات الحراره وموجات النزوح وهجرة الكفاءات .

8. في خمسينيات القرن المنصرم وبدايات خطط الاعمار بالعراق . تقدم احد اطباء العراق المعروف بالنزاهة والاخلاص بتقديم اقتراح اليانصيب لبناء المستشفيات تبناه رئيس الديوان الملكي واتخذ قرارملكي بالموافقه وعين هيئة الاشراف عليه . استطاع تفعيل هذا المقترح ان ينجز خلال فترة فصيره لم تتجاوز عامين بناء اكبر 4 مستشفيات متخصصه بالتدرن والحميات والولاده لا زالت عامله في العراق . وشيدت مستشفى اليرموك العظيمه بانجازاتها وخدماتها لعقود من الزمن جمعية مكافحة التدرن الرئوي وباعته لوزارة الصحه بسعر بسيط .

كل القصور الرئاسيه ومعضمها على ضفاف دجله والفرات على امتدادهما من الموصل الى البصره تصلح كمستشفيات بكلف بسيطه فهي ملك للشعب وليست مقرات اسكان للساسه والاحزاب.

9. ألقت الجائحة بكارثة اقتصادية على دول متقدمه وشركات جباره ورؤوس اموال كبيره ، فما بالك بمن فقد وظيفته او فقد مصادر عيشته او يعاني من بطالته ، لابدَّ للدوله من تأمين حياة وعيش قطاع كبير من البشر نكبت الجائحة بعيشه وأمنه ، كيف يرجى من هذا القطاع المنكوب ان يصغي لخطاب الحظر ومنع التجوال والمواطن لا يجد ما تقتات عليه عائلته او يسدد اجار بيته .

10. في منهاج حكومة السيد الكاظمي جاء تفشي جائحة كورونا كثاني اسبقية بعد اجراءات اللانتخابات كأزمة مستجده تحتاج الى مجابهة ونظام صحي جديد مؤهل لمجابهة الجائحه ، وللأسف اقول لقد اصبح العراق في عهد الكاظمي لقمة سائغة لكورنا في كل المعايير ، لم نحقق اي دلاله لغاية اليوم بعد مرور ستة اشهر اي انفراج او انخفاض او تصفيير في الخسائر البشريه بنسب الوفيات والحالات الحرجه ونسب الاحتياج للعناية الرئويه المركزه بالرغم من ان الفرصه كانت سانحة لنحقق على الاقل جزء مما حققته الدول المجاوره كالاردن ودول الخليج والمنطقه ، ولم اشاهد للكاظمي فرصة تفرغه لمجابهة الجائحة على الاقل لرفع المعنويات وشد الهمم واعادة الثقة باسلوبه الخطابي بالكوادر الطبيه العراقيه والكف عن التشهير بكفائتها وقدرتها ودعمها بالمال لتوفير مستلزماتها كاتسبقية . نحن اليوم وفق المعايير ادنى الدول العربيه بمعايير الامان المستقبلي من الجائحه وفق مراكز اتلدرسات المستقبليه واعلى دول المنطقه بنسب الوفيات وقلة الفحوصات ولوازم التقصي عن الجائحه ومجابهتها. رغم نداءات الانقاذ ونفاذ الصبر والانحناء امام مصير مجهول لأحزاب ونداءات تدعو (لانتخابات أبكر) لعلها تتمكن من التشبث والتسلق بكراسي الحكم والفساد من جديد ونحن في ذروة الوباء الجائر انتشارا وهلاكا ،مهتمة باجراء الانتخابات الآبكر حتى في ظل تفاقم الجائحة المهلكة .

11. مطلوب ان تستمر الدوله بعلاقات جيده مع الدول التي تضمن مصلحة العراق اولا واستقلالية القرار والسياده الكامله بعيدا عن سياسات الاستقطاب والانحياز لاي من العقود والمعاهدات والاتفاقيات الخاصة بالسلامة الوطنيه والصحة ، ولا يستبعد احتمالية ان تكتشف اسرار تتعلق بالجائحه من منظور سياسي .

فالاتهامات بين اميركا والصين تتفاعل يوما بعد يوم باتجاه الاستخدام المتعمد للفيروس المستجد المتيشطن لصراع بين القطبين المتنافسين خصوصا بعد ان أضهرت الصين تفوقا اقتصاديا وتقنيا غير مسبوق .

12. وأخيرا وليس آخرا : ان جذوة الطب في العراق عميقة متجذرة خالدة وعتية عبر الدهور والعصور لم يطمسها عنفوان الفرس والروم ولا جبروت االمغول والتاتار . في العراق رغم كل المصائب والاهوال ،لا زالت جذوة الطب العراقي بهم متقده ومظيئه قاومت الحصار البغيض والحروب المدمره والاحتلال الامريكي وبقيت ملتصقة متشبثتة بالعراق رغم حجم تضحياتها وتهجيرها .

في خارج العراق شباب استغلوا فرصة التهجير واللجوء فدرسوا وتفوقوا وتدربوا واختصوا بمختلف معارف الطب وتخصصاته ، كلهم شوق لتسنح لهم الفرصه والظروف للعوده الى العراق الذي خرجهم وعلمهم .هولاء الاطباء يدركون جيدا من هجَّرّهم من العراق ، لتبقى الثقة بين الشعب واطبائه وادويته وابداعات كوادره عالية كما كانت يسودها الود والاحترام لا العدوان والانتقام ، التعويض عن الطبيب والصيدلي والممرض الكفوء ليس سهلا ان لم يكن محالا في ظل هذه الظروف . ولا ينبغي ان يتظاهر الاطباء والصيادله والممرصين الخريجين الجدد او يعتصموا اياما واسابيع من اجل ان ينالوا حقهم في التعيين والعراق بامس الحاجه لتوظيفهم ولا ينبغي ان يهان الطبيب العراقي ولا ان يعتدى عليه ولا ان يوصم بعدم الكفاءة والخبره . والله انهم الجيش الابيض في اليوم الاسود في عراق منكوب مختطف وثائر ومن الله الفرج .