ان مسؤولية الرقابة بين المرجع والامة هي مسؤولية متبادلة وليست كما يتصورها البعض من انها مسؤولية ذات طرف واحد ,فالمرجع يراقب الامة في بقائها على خط الشريعة ويمنع ان يُزاد في الدين او يُنقص منه لانه القيم على الشريعة وليس للأمة – بما هي افراد غير متخصصين في الدين – مناقشة مواقفه التي يصّدرها للأمة والاعتراض على فتاواه واحكامه ومن هذه الجهة فقط المرجع فوق رقابة الامة وعليها السمع والطاعة لانها كما قلنا غير متخصصة في هذا الجانب هذا من جهة المرجع
واما من جهة الامة فهي رقيبة على المرجع في قيامه بوظائفه المرسومة له شرعا وعدم تقصيره فيها ,لذا من الاخطاء الشائعة كثيرا مايعتقده البعض من ان المرجع فوق مسألة الرقابة مطلقا فله ان ينطق متى شاء وان يبن الموقف الشرعي متى احب وان يسكت ولايبين الموقف اذا اراد وهذا ادى الى خلط كبير في الاوراق وضيع على الامة معرفة قادتها الحقيقيين فأتبعت اناسا اخرين ظنا منها انهم قادتها لأنهم تلبسوا بزي القادة فضيعوا على الامة الكثير من المكاسب التي كانت من الممكن ان تجنيها فيما لو اتبعت قادتها الحقيقيين
وقد يعتبر البعض هذا الكلام تطاولا وتجاوزا ولكن نقول لمن يقرأ هذه السطور أنت احد شخصين اما ان تكون ممن درس علوم اهل البيت وفقههم وعرف وظائف المرجع وان المرجع شخص عليه وظائف محددة شرعا ولايحق له التقصير فيها والا انعزل تلقائيا عن المرجعية فأن كنت عزيزي القارئ من هؤلاء وتعترض فعليك وزرين الاول عدم عملك بعلمك وثانيا تضليل الاخرين الذين لم يعرفوا هذه الحقيقة, واما ان تكون ممن لم يدرس الفقه ويطلع على وظائف المرجع فلا يحق لك الاعتراض والقران انتقد من يكذب بشيء هو لايعرفه (( بل كذبوا بما لم يحيطوا به ولما يأتهم تأويله )) ولك ان تسأل عن صدق مانقول وانت بعد بالخيار في اتباع ماتعلم او لا (( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ))
فقد كثر وشاع عند الكثيرين من الناس هذه العبائر نتيجة خلطهم كما اسلفنا وكلكم قد سمعها او مايقاربها فعند الحديث عن المرجعية وسكوت بعضا عن بيان المواقف للامة وعد تدخلها في شؤون الامة وانزوائها وانطوائها على نفسها اقول قد كثر (( ان المرجع يعرف تكليفه , او هل انت اعلم منه حتى تطالبه بموقف , او ماشاكلها )) وهي نابعة من حسن ظن المؤمنين ببعض المتصدين وطبعا هو حسن ظن ليس في محله كما سيتضح وهذه العبارات احبتي خاطئة تماما لسببين
1- ان من وظائف المرجع كما سنعلم بيان الموقف الشرعي من أي واقعة تحدث كما هو مقتضى التوقيع الشريف لصاحب الزمان ( عليه السلام )(( واما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها الى رواة حديثنا فأنهم حجتي عليكم)) فلا يحق للمتصدي للمرجعية ان يسكت ويعرض الا اذا كان الموقف الشرعي هو السكوت والاعراض , بعبارة اوضح ان السكوت الذي يتباه المرجع على نحوين
أ – ان يتخذه المتصدي للمرجعية منهجا عاما في التعامل مع الامة وذلك بأن يكتفي بطبع رسالة عملية ثم يترك الحبل على الغارب للأمة تتخبط في امواج الفتن من غير ان يحرك ساكنا او يكشف ملابسات الفتنة ويضع الحلول للخروج منها بل تراه غير مواكب لحركة الامة والامة متقدمة عليه اشواطا في مواقفها وهو بعد خلفها واذا اجبرته الامة في يوم ما على اتخاذ موقف معين تجده يتخذ موقفا لايغني ولايسمن من جوع ان لم يزد الطين بلة كما يقال
وحينها لايمكن للأمة معرفة وظيفتها الشرعية تجاه الاحداث وهل الموقف هو السكوت والاحجام ام الافصاح والاقدام لأنها تعودت السكوت منه فتجد ان بعض ابناء الامة يتخذ السكوت والاخر يتخذ الكلام وكلاهما ينسبان الرأي للمتصدي للمرجعية فتتعدد المواقف بتعدد الخيارات المطروحة وكل يدعي انه صاحب الموقف الصحيح وانه يعرف انفاس المرجع وسيؤدي ذلك الى ضياع الامة وتشتتها ولاحول ولاقوة الا بالله
ب – ان يكون المتصدي للمرجعية مواكبا للاحداث فتجده حاضرا في مواقفه مع الامة في جميع مفاصلها المصيرية وغيرها وتجده المبادر الى بيان الامور وتحذير الامة من الفتن قبل وقوعها ومن بيان طرق العلاج اذا ماحصلت ولا يدخر وسعا لخدمة الامة وتجده حريصا عليها ومثل هكذا مرجع اذا ماسكت في بعض المواقف فتعلم الامة نتيجة معاشرتها له وخبرتها فيه من ان الموقف الشرعي هو السكوت لانها جربت مرجعها شجاعا مقداما لا تأخذه في الله لومة لائم
2 – السبب الثاني احبتي لعدم صحة المعترض على من يطالب المرجع بالقيام بوظائفه هو ان المرجع ليس شخصا معصوما حتى يكون فوق السؤال فالذي ((لايُسأل عما يفعل )) هو الله سبحانه وتعالى فقط ومن كانوا اوعية لمشيئته سبحانه وهم المعصومون ( عليهم السلام ) وغيرهم (( وهم يُسألون )) لذلك حدد الأئمة صلوات الله عليهم وظائف المرجع في عصر الغيبة وهو طلب ضمني منهم عليهم السلام من الامة ان تراقب المتصدين للمرجعية في قيامهم بهذه الوظائف ودونكم مجلس الشورى في ايران فوظيفته الاساسية مراقبة المتصدي لشؤون الامة لئلا يقصر في وظائفه فتختل عدالته فينعزل تلقائيا فالامة اذن مسؤولة عن مراقبة المتصدي للمرجعية بهذه الوظائف والثمرة المهمة والعملية لهذا الكلام هوانه في حالة عدم قيام المتصدي للمرجعية بهذه الوظائف او اهمال بعضها سيكشف عن عدم اهليته لشغل هذا الموقع الشريف لانه ان كان عدم قيامه بهذه الوظائف او بعضها راجعا الى قصوره عن القيام بها فلا يجوز له شرعا التصدي لهذا الموقع لأن من شرائط المرجع قدرته على القيام بوظائف المرجعية وان كان عدم قيامه بالوظائف او بعضها سببه التقاعس مع قدرته على القيام بها فهذا يكشف عن عدم اهليته ايضا لأنه يكشف عن عدم حرصه على الامة ويجب ان يكون المرجع من احرص الناس على الامة ((حريصا عليكم بالمؤمنين رؤوفا رحيم ))
وعلى كلا التقديرين لايمكن الرجوع اليه لان مرجع الامرين – القصور والتقصير- بالتالي الى سلب عدالته والنتيجة يسقط عن اهلية التصدي للمرجعية لان من شرائط المرجع اجماعا العدالة فأن كان قاصرا وتصدى فيكشف عن عدم ورعه لتقمصه منصبا ليس اهلا له وان كان مقصرا فالامر اوضح
اما ماهي الوظائف فانتظرونا في المناسبة القادمة بأذن الله تعالى
والحمد لله اولا واخرا والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين