دائما البعد الزماني والمكاني يخلق فرقا شاسعا في العقيدة والمبدأ والارادة ، اي كلما ابتعدنا عن مصدر التشريع او مصدر الاخلاق النبيلة او مصدر المبادئ السامية او مصدر الارادة والعنفوان نجد الركاكة والوهن والضعف والهشاشة في الذات البشرية لأن عوامل الباطل والسوء تزيد كما ونوعا وتتلاءم مع الظروف .
ففي عام 61 للهجرة كان المجتمع الاسلامي يعيش حالة احباط ورجعية مثيرة جدا بالرغم من وجود نفحات رسالية سواء بوجود صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم او وجود العترة الطاهرة المتمثلة بالإمام الحسين عليه السلام والفرق بين وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى عام 61 للهجرة قليل جدا بحيث لا يتجاوز 49 سنة لكننا نجد ان الامة آنذاك اهتزت عقيدتها ومبادئها وثوابتها حتى ان ارادتها سلبت شيئا فشيئا ومنيت بأخلاقية الهزيمة ، فكان لابد من اشعار او صعقة عقائدية ومبدئية للامة البليدة لإنعاشها وتنبيهها وهذا ما حدث يوم 10 محرم فشاءت القدرة الالهية ان تكون الصعقة بالدماء الزاكيات والسبي لآل البيت عليهم السلام .
وفي تلك الحقبة كان الدين لعقا على لسان الامة وان الديانين قليلون ما درت معايشهم وكأن تضحيات رسول الله ونهضته الإسلامية وفتحه الاكبر اختزلت في فئة لا تتجاوز المائة شخص . وشاءت قدرة الباري تعالى ان تكون نتيجة تضحيات آل البيت عليهم السلام مؤخرة الى وقت معلوم .
ولكن ما بالكم بعد 1373 ماذا سيكون حال الامة الاسلامية ؟
فلا امام معصوم حاضرا وبعدا شاسعا جدا عن مصدر التشريع وكثرة الفتن والمحن والتزوير والتحريف واتباع منهج اخلاقي جديد بعيد من ابجدية الانسانية وهيمنة قوى الضلال والكفر والخيانة بصورة شديدة فماذا سيكون حال الامة الاسلامية ودينها هل سيبقى لعقا على لسانها ؟ ام سيكون بين طيات الكتب على الرفوف ؟
وما بالك بالمبادئ والقيم بعد احتراز فقدان الدين ؟ في عام 61 للهجرة قال الامام الحسين عليه السلام (ان لم يكن لكم دين كونوا عربا احرارا في دنياكم) اما في عام 1434 للهجرة فهل العروبة وابعادها موجودة ؟ بالتأكيد ان الجواب سيكون كلا والف كلا
ففي عراق اليوم نرى فسادا ماليا واداريا منقطع النظير ونحن ساكتون
اغتصاب للأعراض وانتهاك للحرمات ونحن ساكتون
سرقات للمال العام والخيرات والثروات ونحن ساكتون
تعرض البلاد الى شتى انواع العمالة والخيانة ونحن ساكتون
قطعت لقمة العيش جهارا التي ربما الكل يعيش لأجلها ونحن ساكتون
انتهك الدين وطمست معالمه ونحن ساكتون
صار منبر الحسين منبرا اعلاميا للضلال والاغواء والانتهازية ونحن ساكتون
انقلبت عمامة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى عمامة سوء تحقق مارب الدخلاء والاستكبار ونحن ساكتون
انهيار في النفوس والضمائر ونحن ساكتون
اذن نتيجة طبيعية لان الامة اختارت منهج الضلال والسكوت والاتكال والابتعاد عن جهة الحق فكيف سيكون مصيرها وكيف سيكون حالها؟ فلا غرو ان يغيب الله تعالى الامام الثاني عشر عليه السلام لان الامة لن تستحق وجوده ، فإمام تلو امام والامة مصرة على الاقصاء والتهميش والاستهزاء فمن اللغو استمرار الحالة اذ لابد ان تعرف مصيرها وحالها بنفسها كي تسعى الى نيل الصعقة العقائدية والاخلاقية والمبدئية وتسارع له بعد وضوح الحق والامر بعد ان تحيا الشريعة وتعاد معالم الدين ويثبت شرع الله في ارضه هنا سنرجع الى عالم الوحي والتنزيل وهنا سنحس بعظم ديننا كما حدث مع امير المؤمنين عليه السلام عندما الامة علمت جنايتها فسارعت الى امير المؤمنين عليه السلام وشهرت سيوفها وشددت على ضرورة تولي الخلافة حتى انه رد عليهم موبخا ما معناه ان حكومتكم هذه لا تساوي عندي عفطة عنز .