23 ديسمبر، 2024 6:06 ص

الامام علي.. وليد الكعبة الوحيد ونبراس الحق والصراط المستقيم

الامام علي.. وليد الكعبة الوحيد ونبراس الحق والصراط المستقيم

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا علي أنه من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك فقد فارقني ) – الحديث 962 كتاب فضائل الصحابة للامام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل .

 

وأخرج الطبري في تفسير قوله سبحانه:إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية (البينة: 7) باسناده عن أبي الجارود،عن محمد بن علي،قال: قال ‏النبي (ص): (أنت يا علي وشيعتك) – تفسير الطبري:30/ 146 .

 

كما كتب ابن الصباغ المالكي في فصوله عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية(البينة: 7) قال النبي (ص) لعلي (ع): (أنت وشيعتك تأتي يوم القيامة،أنت وهم راضين مرضيين،ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين) الفصول: 122.

 

هذه المقامات العالية والدرجات الرفيعة لم ولن تكن لأحد غير أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام أخي رسول الله (ص) ووصيه وخليفته من بعده دون فصل بأمر من الخالق الجبار ذلك الذي أصطفاه ليولد في جوف الكعبة دون غيره ، ليجمع له مع طهارة مولده شرف محل الولادة ، ويخصّه بمكرمة ميزه بها منذ ساعة مولده عن سائر البشرية جمعاء. وهذه من العجائب التي أضافت صوتاً ضارباً في تاريخ الكون وأحداثه الفريدة التي تفتح الأعين على ما تخفيه من أسرار الهية جمة.

 

هكذا كان مولد الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) الحق المبين والصراط المستقيم، في البيت العتيق في الكعبة الشريفة حيث كان يوم الجمعة المصادف الثالث عشر من شهر رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة وقبل البعثة بعشر سنين أي حوالي عام 600 م (23 قبل الهجرة) ، وقيل : ولد سنة ثمان وعشرين من عام الفيل – أنظر اعلام الورى 1 : 306 ، إرشاد المفيد 1 : 5 ، عليٌّ وليد الكعبة للأوردبادي وكشف الغمَّة.

 

يروى إنَّ أُمَّه فاطمة بنت أسد لمَّا ضربها الطلق ، جاءت متعلِّقة بأستار الكعبة الشريفة ، من شدة المخاض ، مستجيرة بالله وَجِلةً ، خشية أن يراها أحد من الذين اعتادوا الاجتماع في أُمسياتهم في أروقة البيت العتيق أو في داخله ، فانحازت ناحية وتوارت عن العيون خلف أستار بيت الله الحرام ، واهِنةً مرتعشة أضنتها آلام المخاض؛ فألصقت نفسها بجدار الكعبة وأخذت تقول “يا ربِّ ، إنِّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنِّي مصدِّقة بكلام جدِّي إبراهيم وأنَّه بنى البيت العتيق ، فبحقِّ الذي بنى هذا البيت وبحقِّ المولود الذي في بطني الا ما يسرت عليَّ ولادتي”.

 

قال يزيد بن قعنب : فرأيت البيت قد إنشقَّ عن ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا وعاد إلى حاله ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنَّ ذلك من أمر الله تعالى ، ثُمَّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليه السلام – المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 3: 201 وتاريخ الطبري 2: 56 ـ 57 و تاريخ اليعقوبي 2: 23.

من المعلوم: أن للكعبة باباً يمكن منه الدخول والخروج، ولكن الباب لم ينفتح، بل إنشق الجدار ليكون أبلغ وأوضح وأدل على خرق العادة، وحتى لا يمكن إسناد الأمر إلى الصدفة.

 

والغريب: أن الأثر لا يزال موجوداً على جدار الكعبة حتى اليوم بالرغم من تجدد بناء الكعبة في خلال هذه القرون، وقد ملأوا أثر الانشقاق بالفضة والأثر يرى بكل وضوح على الجدار المسمى بالمستجار، وغالبية الحجاج يلتصقون بهذا الجدار ويتضرعون إلى الله تعالى في حوائجهم.

 

روى الكثير من رواة الحديث والتأريخ هذه المنزلة الرفيعة والدرجة العالية لمكانة الامام علي (ع) وولادته الفريدة في البيت العتيق خاصة كبار المؤلفين والعلماء والرواة مصرحين بذلك بعبارات شتى تدل على حصر هذه الفضيلة للامام (ع) بضرس قاطع .

 

وإليك نصوصها: “لم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه ، إكراما له بذلك وإجلالا لمحله في التعظيم” والتي رواها الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي (ت 658 هـ ) عن الحاكم أبي عبد الله النيشابورى (321 ـ 405 هـ) – كفاية الطالب : 407.

 

وقالها أيضا : الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي ، الشيخ المفيد (ت 413) – الإرشاد : 9.. وكذلك الحافظ يحيى بن الحسن الاسدي الحلي ، المعروف بابن البطريق ( 533 ـ 600 هـ) – عمدة عيون صحاح الاخبار : 24.. وايضا رواه الشيخ الثبت أبو علي محمد بن الحسن الواعظ الشهيد النيسابوري ، المعروف بابن الفتال ، من علماء القرن السادس – روضة الواعظين : 76 .

 

ورواه كذلك الشيخ الوزير بهاء الدين أبو الحسن علي بن عيسى الاربلي (ت 693 هـ) – كشف الغمة 1 : 59.. والامام جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (648 ـ 726 هـ) – نهج الحق وكشف الصدق : 232.. وايضا السيد المحدث جلال الدين عبد الله بن شرفشاه الحسيني ، المتوفى نيف وثمانمائة من الهجرة – منهج الشيعة في فضائل وصي خاتم الشريعة : 7 .

 

وكذلك الشيخ المحدث الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، من أعلام القرن الثامن الهجري – إرشاد القلوب : 211.. والشيخ المؤرخ النسابة جمال الدين أحمد بن علي الحسني ، المعروف بابن عنبة (ت 828 هـ)- عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : 58.. والعلامة المحدث السيد ولي الله بن نعمة الله الحسيني الرضوي ، من أعلام القرن التاسع الهجري – كنز المطالب وبحر المناقب : 41.

 

ورواه كذلك العلامة محمود بن محمد بن علي الشيخاني القادري الشافعي المدني ، من أعلام القرن الحادي عشر والعالم اللغوي الشيخ فخر الدين الطريحي (979 ـ 1087 هـ) – جامع المقال : 187.

 

يروي الفيلسوف الاسلامي الكبير الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر قائلا: حينما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلّف أمة ومجتمعا ودولة… والمقصود من الدولة هي القيادة التي كانت تتولى، تزعم التجربة في ذلك المجتمع، والاشتغال على تطبيق الإسلام وحمايته مما يهدده من أخطار وانحراف.

 

الانحراف الذي حصل يوم السقيفة، كان أول ما كان في كيان الدولة، لأن القيادة كانت قد اتخذت طريقاً غير طريقها الطبيعي … حيث نمى واتسع حتى أحاط بالتجربة نفسها، فانهارت الزعامة التي تشرف على تطبيق الاسلام … وحينما تنهار زعامة التجربة ينهار تبعاً لذلك المجتمع الإسلامي، فاذا لم تبق زعامة التجربة لترعى هذه العلاقات وتحمي وتقنن قوانين لهذه العلاقات، فلا محالة ستتفتت هذه العلاقات، وتتبدل بعلاقات اُخرى قائمة على أساس آخر غير الاسلام، وهذا معناه زوال المجتمع الإسلامي – وهو الأمر الذي حصل بالفعل .

 

الأمة التي عاشت الاسلام زمناً قصيراً، لم تستطع أن تستوعب من هذا الدين الحنيف ما يحصنها وما يحدد أبعادها ويقويها و يعطيها أصالتها وشخصيتها وروحها العامة وقدرتها على الاجتماع على مقاومة التميع والتسيب والانصهار في البوتقات الأخرى … وذلك بحكم أن الانحراف قصّر عمر التجربة، وزوّر معالم الاسلام الحقيقي… وأخذت الأمة تتنازل عن عقيدتها وأضاعت على نفسها رسالتها وآدابها وتعاليمها.

 

إن الذين (يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله) لم تطاوعهم نفوسهم لقبول فضائل الامام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، وهذه أولها بما فيها من دلالات عميقة ، فحاولوا تشويهها بشتى الاساليب، تمريرا لسياسة أصحاب السقيفة ومن بعدهم معاوية على حياة الامام المسلوب الحق في التصدي لفضائل الامام علي عليه السلام، تلك السياسة التي دبرها وعممها معاوية بن أبي سفيان في مرسوم سلطاني يقول فيه: “برئت الذمة ممن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته”.

 

قال الراوي: فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها! فظهر حديث كثير موضوع، وبهتان منتشر! – شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ 11|44 عن كتاب “الاحداث” لأبي الحسن علي بن محمد المدائني.

 

وبهذه الجرأة والصلافة ملأوا كتبهم بالأكاذيب الكثيرة ، والفضائل المجعولة ، والأحاديث الموضوعة. وحيث لم يطالوا إنكار فضيلة المولد الشريف للإمام علي عليه السلام لوضوحه واشتهاره، بل تواتره والاتفاق عليه.

 

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي خير البشر ومن أبى فقد كفر (تفسير فرات: ٤٩٦ / ٦٥١، تاريخ دمشق: ٤٢ / ٣٧٢ / ٨٩٧٠ و ح ٨٩٧١، كنز العمال: ١١ / ٦٢٥ / ٣٣٠٤٥، شرح الأخبار: ١ / ١٤٤ / ٨١، المناقب للكوفي: ٢ / ٥٢٣ / ١٠٢٦، كشف الغمة: ١ / ١٥٦، المسترشد: ٢٧٢ / ٨٣ ، تاريخ بغداد: ٣ / ١٩٢ / ١٢٣٤، تهذيب التهذيب: ٥ / ٢٥٠ / ٧٣٧٩ ولسان العرب: ١٥ / ٢٧٨)؛ وقال الرسول الأكرم (ص): حب علي عبادة، والنظر الى وجه علي عبادة (المستدرك على الصحيحين ج3 ص141، ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ مدينة دمشق ج2 ص398، والوصابي في أسنى المطالب الباب الثاني عشر ص75، والبدخشي في نزل الأبرار ص39، و مستدرك الحاكم – كتاب معرفة الصحابة – ذكر إسلام أمير المؤمنين علي- حديث رقم: 4681 و 4682 و4683، والطبراني – المعجم الكبير – من إسمه عبدالله، وإبن شاهين – شرح مذاهب أهل السنة – فضيلة لعلي (ع) و… آخرين غيرهم.

 

هو ميزان الأعمال، قسيم الجنة والنار، ساقي الكوثر، وصي النبي دون فصل، إمام المسلمين وأمير المؤمنين؛ الحد الفاصل بين الحق والباطل، والعدالة والظلم، والحقيقة والانحراف، والحكم الاسلامي والسلطة الأموية؛ سيف العدالة السماوية، ناصر المستضعفين وقاهر المتجبرين الظالمين، رافع لواء الاسلام وقاتل صناديد العرب الجهلة الكفرة و…