مثَّل الإمام علي عليه السلام, الركن الأهم في الإسلام, فهو المُصَدِق الأول, والمؤمن الأول, والفدائي الأول, والمدافع الأول, والمضحي الأول, في سبيل الرسالة المحمدية الأصيلة.
كان المولى أمير المؤمنين عليه السلام الأول في كل شيء, وليس لأحد سابقة عليه في ايمان أو جهاد.
بذل أمير المؤمنين علي السلام كل غالي ونفيس في سبيل اعزاز الإسلام, وبناء الدولة الإيمانية الحقيقة, البعيدة عن الفتك والقتل والغدر, والبعيدة عن الفساد والمحسوبيات.
أسد الله الغالب نال الوصاية بعد النبي الأكرم صلى الله عليه واله بجدارة, فأمير المؤمنين فُرِضَتْ إمامته على الناس بنص التنزيل المحكم “إنما وليكم الله ورسولُهُ والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون”, وهذه الآية التي لا خلاف في تفسيرها, بأن من تصدق بالخاتم وهو راكع هو أمير المؤمنين علي عليه السلام, ولم تُسَجَّل هذه الحادثة لغيره, وقد حصرت الآية الولاية على المسلمين بالله وبالرسول صلى الله عليه واله, وبإمامنا علي عليه السلام.
المسار الطبيعي بعد رحيل النبي الأكرم محمد صلى الله عليه واله هو أن يستلم زمام قيادة الأمة الامام علي عليه السلام, كونه منصوص عليه في التنزيل, لكن الحاسدين والحاقدين والمنحرفين انقلبوا على الشرعية الالهية, واسترهبوا الناس, فاستغلوا انشغال المولى علي عليه السلام بتجهيز النبي صلى الله عليه واله واختطفوا الخلافة بحجج واهية, ومؤامرة خبيثة على الرسالة.
انزوى الامام علي عليه السلام وصبر حفظا للرسالة من الاندثار, بسبب الاخطار الداخلية المتمثلة باليهود والمنافقين, والخارجية المتمثلة بالروم والفرس المحيطين بالدولة الاسلامية الناشئة, لكنه سلام الله عليه بقي مراقبا لمسار الأمة صادحا بالتصحيح.
بعد تخبط الأمة وتشتتها -وهو النتيجة الطبيعية لانحراف الأمة- وبعد مقتل عثمان بن عفان, جاء الناس نادمين لمولانا امير المؤمنين عليه السلام, مطالبين اياه باستلام قيادة الامة, وبعد الضغط الشعبي استلم الامام عليه السلام القيادة, بعد خمس وعشرين عاما من التيه والضياع الذي عاشته الأمة نتيجة لانحرافها عن النهج المحمدي.
استلم الإمام عليه السلام القيادة, وأعلن خطته وسياسته الجديدة, التي تختلف جذريا عن سياسة سابقيه, فأعلن أن الناس سواسية, لا أفضلية لأحد على أحد إلا بالتقوى, ولا تميز بالعطاء لأحد على آخر, كما إن المناصب لن تكون دولة بين الأغنياء, بل هي لمن لهم الصدارة في التدين والسيرة الحسنة.
هذه السياسة لم ترق للحزب الأموي الذي يحن لإرث عثمان –خصوصا معاوية- فبدأت سياستهم المناهضة للإمام سلام الله عليه باستغلال الإعلام, للتشويش على سياسة الامام سلام عليه, ولشخصه ولسيرته, وبدأوا يضعون الأحاديث المكذوبة في ذم الإمام روحي فداه, وأوهموا الناس بأن علي عليه السلام من طلّاب الدنيا, وأنه خرج عن الدين وإنه حتى لا يصلي.
هذه السياسة الخبيثة والإعلام المنحرف صنعت مجاميع مبغضة ومعادية للإمام صلوات الله عليه, ومن هذه المجاميع كانت الخوارج تقف في مقدمة أعداء الامام المفترض الطاعة.
استطاع معاوية –السياسي المنحرف- من أن يستغل هذا الخلاف, ويضيف إليه حقده وكرهه للأمير صلوات الله وسلامه عليه, أن يألب الأعداء, ويحفز حقدهم للانقضاض على سياسة النجاح المتمثلة في شخص الامير صلوات الله عليه.
خَطَطَ تجمع الشر لاغتيال الحق كله, فعمدوا لاستغلال أفضل حالات الأمام العبادية, حيث شهر الطاعة, شهر رمضان, وفي أثناء الصلاة وخلال سجوده, هوى اللعين بن ملجم لينفذ أشنع جريمة عرفتها البشرية بسيفه المسموم, ليخضب هامة المولى علي عليه السلام بالدماء, في بيت الله, وفي ليلة القدر, لينادي سيدنا بذاك النداء الذي بقي صرخة على مدار الدهر, تجسد حقيقة المولى أبي الحسن عليه السلام حين قال “فزتُ ورب الكعبة”
فالسلام عليك يا أمير المؤمنين يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.