6 أبريل، 2024 7:22 م
Search
Close this search box.

الامام علي ، في مواقفه بين الصواب و غير الصواب ………….!

Facebook
Twitter
LinkedIn

إنه لسوء الطالع ، قد خرج في عهد ، تزامنَ وقته مع دينٍ ، قد سلب الارادة و طغى على المجموع و أجهض التفكير و تضادَدَ مع مَن تعارض مع توجهاته ، و كان التسقيط و التنكيل قائما و بقوة حتى بلغ الامر ان يُساء الى عم النبي و غيره بنعته بابو لهب لمجرد إبداء آراء مختلفة او اعتراض على فكرة معينة بل وصل الامر الى التسفيه و الاساءة الى زوجته و في داخل نصوص يُفترض انها على قدر من القداسة لتكون مثلا أعلى لنا.
لقد فاتته فرصة الخروج من التشرنق في الدين و التمترس خلف جداره فقد حباه الله بنعمة الشجاعة و غرس في لبه البلاغة و الفصاحة و الامانة و العقل الرشيد و التفكير السديد و الحكمة الفائقة ليجسّد نظريته في الفكر و الفلسفة و الحُكم ، بينما نجد ان الالتصاق بالدين و التمسك بالعائلة و التقيد بالقربى أفقدته التوجه الانساني السليم و أضفت على حركته الجمود لذا كان عليه ان يتحرر من ربقة الدين ، كما ان الكثيرين قد ناصبوه العداء بسبب إنتمائه للدين الاسلامي و تابعيته له في كل افكاره و تطلعاته مما انعكس سلبا على خطوات تقدمه و ألحق به انتكاسات متتالية.
كان بامكانه ان يجعل من سيرته عنوانا للسلام و ان يتخطى دور السيد المسيح في عالميته لدعواته السلمية لان الجوانب الانسانية مهما رجحت في حياة الانسان إلاّ ان الدين حتى لو كان دوره ضئيلا فانه يتغلب عليها و يحد من دورها ، كان عليه ان يتجنب سفك الدماء التي سالت على يديه بغزارة و مثلّت الجانب المظلم في حياته فكان لايتورع في حصد الارواح عند الاختلاف مع مَن يختلف مع مبادئه و عند التعارض معه في قناعاته و اعتبرها شجاعة و فيض من الرجولة و انهمك اكثر و زاد في القسوة حتى كثر أعداءه وورث روحه الانتقامية و الدعوة الى العنف و السيف ابناءه و ذريته باستثناء ولده الحسن.
كانوا يرفعون شعار الدم تحت ذريعة استرجاع الحقوق لاهلها متذرعين بوصم الاخرين بالخروج عن الطاعة و التنكب عن الجادة القويمة و اتهامهم بما يحلو لهم بكافة التهم و بشتى التهم منها القردة و الخنازير و قذف امهاتهم و التنكيل باعراضهم فاوجدوا الثغرات للمقابلة بالمثل ، كان عليه التمرد على الواقع المُعاش و الخروج الى فضاء الانسانية بدلا من تطويق نفسه بالدين و حدوده الضيقة ، و كان بامكانه التحليق في مديات أرحب لكنه لم يفعل و كان عليه ان يخرج من الدائرة الضيقة و من المحاصصة و التوافقات و البيعات و من تاثيرات ذوي القربى.
إن ترسيخ مبدأ الافضلية و الولاية الالهية للتصدي للحكم و الهرولة و اللهاث لاستلام السلطة و اعتمادها ركيزة في معارضته لانظمة الحكم و التي إعتمدها بعده ولده الحسين قد جرّت الويلات في اتباعه و الى اليوم ، ان مبدأ الولاية و الوصاية عملا بالامامة التي اعتبرها قرينة للنبوة قد مهّدت الى إثارة الفتن و قيام الانتفاضات التي تبعتها مجازر بشرية ازهقت الارواح البريئة بعد التغرير بها.
كان للامام فرصة ان يتسلق قامة المجد بانسلاخه عن الدين و تبعاته و عن الغيبيات و تداعياتها التي تبعث على الاراجيف و الكذب ، إن مسار الخط البياني لمسيرة الامام علي قد شابها الكثير من المبالغة بسبب اقتران افكاره و اهدافه مع المفاهيم الدينية بينما كان بامكانه ان يكون عظيما في الفلسفة و الفكر حاله حال الفلاسفة في التاريخ الذين اختطوا الطريق في سبر غور الكون و معالمه و عوالمه و الولوج الى تفاصيل النفس البشرية ، و لكنه هدر طاقاته الانسانية في الحروب و الاحقاد و الفتن و كان بامكانه تسخيرها لخدمة المعاني الانسانية.
ان العرب و مع كثرة الغزوات و الحروب آنذاك إلاّ أنهم و هم المعروفون بصدقهم و فصاحتهم و دقتهم في الوصف ، لم يتجرؤوا أن يصفوا أحدا ما بقتّال العرب غير الامام علي ، لان سيفه كان يقطر دماً ، و هذه مثلبة كبرى ، لذا كانت حياته حافلة بالفوضى و الصراعات و اللا إستقرار و الاحقاد و تفتيت وحدة المجتمع حينما تقاسمها مع خصومه بين موالٍ و معادٍ شأنه شأن الاحزاب و الفرق التي تسعى الى التشرذم و التفريق بين الناس و استمرت الكوارث لغاية يومنا هذا حيث شهدنا فصولا قاسية في مراحل متعددة من تاريخنا.
فهل هنالك قراءة عقلانية واعية متجردة لتلك اللحظات في جميع مواقفه لترسم الجوانب المشرقة و الحالكة على حد سواء ، و آثارها البعيدة دون المبالغة و تغليب العاطفة ، و دون فقدان المعيار الصحيح في التقييم ….. (أستبعد ذلك !)
و أخيرا يحق لنا القول ، أنه و بفضل القرابة القريبة ، لو لم يكن (محمد) نبياً لما كان (علي) إماماً …

*** تجربة و حكمة : مَن حزَّ رأسَ رجلٍ ، فلينتظر الى مَن يحزُّ رأسه !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب