7 أبريل، 2024 12:04 م
Search
Close this search box.

الامام الغائب وصلاحية الفقيه

Facebook
Twitter
LinkedIn

تعتبر مسالة الحكم من المسائل التي اثير حولها الكثير من النقاشات بين البشر سواء على مستوى الاديان او المذاهب او الايديولوجيات الحديثة وكلها تتمثل في نقطة واحدة هي تحقيق العدالة بين البشر ، ولان الكرة الارضية قسمت الى دول فالنتيجة اصبحت فيها حكومات ، ولكن فكرة الحكومة الواحدة للعالم فكرة تسعى لها القوى المتسلطة على العالم ومنها امريكا والصين ، وهذا التسلط يعني ان يكون هنالك دستور يحكم البشر .

هذه المسالة الخاصة بالحكم لها اطروحات كثيرة عند الفقه الامامي تتفق في مجال وتختلف في مجالات اخرى ، وقد عانى اتباع اهل البيت عليهم السلام من هذه المسالة كثيرا سواء بطبيعة حكمهم من قبل ابناء جلدتهم او من غيرهم .

ومسالة الخلاف الرئيسية هي صلاحيات المعصوم في الحكم ولاننا نعيش الغيبة الكبرى فمن له الحق استخدام هذه الصلاحيات ، بداية اقول الغيبة ليست بالامر الجديد على الشيعة ومعنى الغيبة هي عدم قدرة المعصوم في تنفيذ تشريعات السماء على البشر وهذا الامر حصل منذ بداية فترة الامامة يوم 28 صفر سنة 11 هجرية ، فكم من مسلم لم يتمكن من تنفيذ تشريع المعصوم سواء بالبعد او بالمنع وهي بعينها فترة الغيبة اليوم فاليوم نحن اتباع اهل البيت منعنا كثيرا من الالتزام بتشريع اهل البيت عليهم السلام بسبب طواغيت الارض او بسبب عدم تمكن المجتهد من الوصول الى الحكم المطلوب وفق رؤية المعصوم لانه مهما يكون اجتهاده لا يصل الى كمال تشريع المعصوم .

مسالة الحكومة الاسلامية تاخذ اسلاميتها من اصل مبادئ الحاكم عندما يصرح علينا بان القران والسنة هي مصدر تشريع الدستور وهنا من يشكل على هذا باسباب واهية ، وفي نفس الوقت هنالك من يتزمت بتنفيذ التشريعات الاسلامية بحذافيرها دون النظر الى الاختلاف الاجتماعي والحضاري للمجتمع البشري اليوم ، وبين هذا وذاك ظهرت افكار يقال عنها وسطية ، والفقهاء الامامية اختلفوا في هذا المجال كثيرا وظهرت مسالة ان يكون لهم الحكم ايام الدولة الصفوية ( 1501- 1722م) حيث ظهرت اتجاهات فقهية للامامية باراء مختلفة حول المشاركة في الحكم هي بشكل كلي ام جزئي ، والغاية من ذلك هو عودة الحاكم الى الفقيه في اصدار اي تشريع حتى يكتسب شرعيته وهذا ما جعل الفقيه نور الدين علي الكركي (ت 1533) ان يمنح السلطة الصفوية الشرعية لانها منحته كامل الصلاحيات في الحكم ، ومن هذا المنطلق هنالك من انتقد الكركي معتبرينه تجاوزا على صلاحيات الامام الغائب ، ومن اهم الاشكالات التي يطرحونها هنالك قرارات تعود لحاكم الشرع وحاكم الشرع هو المعصوم او من ينوب عنه وهنا بدات اشكالات اخرى ليظهر مصطلح صلاحية الفقيه بالامور الحسبية ، وهي القضائية والارث ومجهولية المالك والزواج والطلاق وعلى هذه الشاكلة ، ولا اعلم كيف يمكن فصل هذه المجالات عن اصل التشريعات الاخرى فلا يمكن التمسك بالعدالة الجزئية لانه هذا يعني الجزء الاخر سيكون ظالم .

السيد الخميني منح كل الصلاحيات للفقيه اي ولاية عامة بينما الشيخ محمد حسين النائيني لا يرى ذلك بل يجب ان تكون بالحسبية فقط والاخرى هي من صلاحيات الامام الغائب .

وهنا يقع البعض في دوامة الحيرة هل نبقى بدون تشريع وحكومة تحقق لنا العدالة طالما الامام غائب ؟ سؤال منطقي جدا وبسبب هذا السؤال اصبح الشيعة في كثير من المواقف محل انتقاد بل تراجع كثيرا في مواكبة التطور الحاصل في العالم .

الدين الاسلامي دين شامل لكل مفاصل الحياة وفيه مشتركات كثيرة جدا مع بقية الاديان، الاسلام والمسيح واليهود لا يقرون الزنا بينما قوانين الدول العلمانية تشرع الزنا وتمنحه حقوق وتستغفل السذج بان الاسلام فقط يحرم الزنا دون بقية الاديان . ليس من الصحيح ترك اي مجال تشريعي يخدم المجتمع باعتبار انه من صلاحية الامام الغائب ، نعم نحن نؤمن بيوم ظهوره ولكن التراث الذي خلفه لنا النبي محمد وعترته الاطهار كفيل لنا بان نجتهد فيه للوصول الى التشريع الذي يعتبر اقرب ما يمكن لوجهة نظر المعصوم ، الاسس المنطقية للاستقراء هذا الكتاب الفلتة الذي وضع الاسس السليمة للتشريعات الحديثة للمستحدث من امور الحياة يعتبر حجة على من يتهم الشيعة بعجزهم الفكري بل هنالك مؤلفات بهذا الخصوص تتناول مسالة التشريعات الاسلامية العادلة لكل البشرية .

لا اعتقد ان الامام الغائب يرضى لان يرى عجزنا في مواكبة العالم وعدم استلام زمام الامور من اجل تحقيق العدالة بين افراد المجتمع عندما تخلص النوايا فالتاريخ يذكر لنا الكثير من قادة العالم العادلين مسلمين وغير مسلمين المهم حققوا العدالة بالقدر الممكن لهم .

والعدالة المنشودة دون ان تتعارض مع تشريعات السماء تكون محل قبول دون النظر الى هوية من طبقها مسلم او غير مسلم ، فكم من مسلم عانى من ظلم حاكم مسلم لجا الى حاكم غير مسلم حقق له العدالة ، فالمسالة بكيفية صياغة تشريع يخدم الانسان مع الاخذ بنظر الاعتبار تراث اهل البيت عليهم السلام المتمثل اليوم بالامام الغائب ، فالحياة لا يمكن لها ان تتعطل بسبب تعطيل التشريعات …. للحديث بقية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب