غصة الم، انتفخ منها القلب، وراح يضرب جدار القفص الصدري، وكأن القلب يهم بالخروج، فمعترك الاوجاع صار مثل صخرة اوقفت سريان الدم في شرايين الجسد، في قفار الصبر تتشظى قلوب المحبين للهفة اللقاء، حين تؤمن بما يكفر به الاخرون، ستحتاج الى الكثير من العزيمة والكفاح لتمتطي كلتا الحسنيين، حيث تزداد عقيدة ايمانك، وتلوح في ناظريك بطلان الكفر والادعاء.
العام 232 هجرية تاريخ ولادة الامام الاثنا عشر من نسل الرسول صل الله عليه واله وسلم، ولادة معصوم يتسلم زمام الامور، عصمة خصها الله لهم، وعلم منهم الوفاء دون غيرهم، فألهمهم اسرار الملكوت، واودعهم خزائن علمه، بعد ثمانية وعشرون عام انطلاقا من العام الهجري 232 ، تعود ايادي بني العباس وخلفاء الكفر والزيف ، لتطفىء بصيص مصباح خصه الله بأية التطهير، كان العالم 260 هجرية هو انطلاق عصر الاختبار، اختبار صبر الشيعة ومدى ايمانهم وتمسكهم بغيبة امامهم ومنجي الامة، ومحي الشريعة.
نعيش هذه الايام ذكرى استشهاد الامام الحسن العسكري عليه السلام، احد الائمة الاطهار، ولو بحثنا على وجه السرعة في صلب حياة الامام، نجد ان العسكري عاصر ثلاث من خلفاء بني العباس اصحاب الحكم كما يدعون انذاك، مدة امامة الحسن لم تتجاوز الثلاثون سنة، في مطلع حياته كان شاهد لحكم المعتز احد الخلفاء العباسيين، وبعد وفات المعتزعاصر المغتصب للخلافة عفوا اعني المهتدي، ونال الامام حرية الشهادة مسموم كما هي عادة بني العباس الغدر والمكر،على يد المعتمد بالله، له من ابيه الامام الهادي عليه السلام اخوين، الاول وهو محمد الملقب سبع الدجيل صاحب المرقد والمقام المشهور في سامراء العراق، والاخر يقال اسمه جعفر .
ان تمركز الامام العسكري في ترتيب الائمة الاثنا عشر يعد نقطة التحول، ومرحلة جديدة من مراحل الامتحان اللاهي، لشيعة بالخصوص والمسلمين على وجه العموم، ونحن الشيعة نؤمن ونقر وننتظر ونترقب ظهور صاحب الامر الامام الغائب بأمر من الله وحكمته جل وعلا، حيث يعيد كفة الميزان وينشر العدل والسلام في بقاع الارض اجمع.
الحسن العسكري، وجه من اوجه التاريخ، ومعلم من معالم الارض، وعالم من علماء الخلق، لم تنصفه ايدي التاريخ، فترى خفاء بني العباس والاموين وغيرهم ممن سلبوا احقية ال محمد بالحكم والخلافة، سيرهم التي تفوح منها رائحة القتل والدم، يمجدون ويعظمون، وبقية الله في الثقلين ومورث علم الرسالة، يتناقل المؤرخون بضع من روايته واحاديثه، ووصف لجدران التي حبس بينها الامام، لم ينصف العسكري حتى من شيعته.
ان للعسكري فضائل وحكم واقوال وعلم ودراية وفراسة وجميع مقومات الامامة والعصمة، تغذى وترترع في احضان الدين، كما هو حبنا للحسن العسكري سرمدي، ايضا حقدهم وبغضهم وكرههم وعدائهم لنسل الزهراء عليهم السلام ساري وابدي، وخير دليل تلك المخططات التي طالت مرقد وضريح الامامين العسكرين في سامراء وتفجير القبه الشريفة، وعودة لتكرار فشلهم وتدمير مابقي من المنارة، ونحن على قول السيدة زينب عليها السلام؛ والله لا تمحوا ذكرهم ولا تميتوا وحيهم.