روى المؤرخون أنّ رجلا من الحُجّاج توهّم أن هميانه قد ضاع منه، فخرج يُفتّش عنه، فرأى الإمام الصادق عليه السلام يصلّي في الجامع النبوي فتعلّق به، ولم يعرفه، وقال: «أنت أخذت همياني؟».فقال له الإمام عليه السلام بعطف ورفق: ما كان فيه؟ فقال الرجل: ألف دينار.
فأعطاه الإمام عليه السلام ألف دينار، ومضى الرجل إلى مكانه، فوجد هميانه، فعاد إلى الإمام معتذرا منه، ومعه المال، فأبى الإمام عليه السلام قبوله، وقال له: شئ خرج من يدي فلا يعود إليَّ، فبُهر الرجل وسأل عنه، فقيل له: هذا جعفر الصادق، وراح الرجل يقول بإعجاب: «لا جرم هذا فعال أمثاله» وفي رواية اخرى سال الامام لم اعطيتني المال ولم يكن مالي عندك ؟ فقال الامام عليه السلام عندما بدا صوتك يعلو خشيت ممن يسمعك فيعتقد ان تنكرت لمالك وينشر الخبر بين المسلمين فحتى ادفع هذه الاشاعة سلمتك المال .
ان الفترة التي اتيحت للامام الصادق عليه السلام في نشر علوم اهل البيت عليهم السلام استغلها باقصى ما يمكن في قوله وفعله وكان ينظر الى الاحداث نظرة ثاقبة لدرجة ان النتائج تاتي كما يتوقعها الامام ،وكثيرة جدا الروايات التي صدرت عنه عليه السلام لاسيما التي تخص المجتمع الاسلامي ، على سبيل المثال هنالك شخص لا يملك مالا فكر بامر معين حتى يجمع المال فابتدع مذهبا وجعل الناس تصدقه وتجمع له الاموال وبعد مدة تنبه الى نفسه وعلم بعظيم ذنبه فاراد ان يتوب فجاء الى الامام الصادق عليه السلام وطلب منه ان يقبل توبته ، فقال له الامام توبتك غير مقبولة الا اذا جعلت من يتعبك يتوب ويعود الى رشده ، ولانه عجز عن ذلك فذنبه لا يغتفر .
الامام الصادق يعلم ما يترتب على اي قول او فعل يصدر منه او من غيره وله نظرة ثاقبة للاحداث ،قيل ان الخليفة العباسي المنصور ، ارسل الى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) رسالة قال فيها : لم لا تغشانا ( اي تزورنا) كما يغشانا سائر الناس؟.فأرسل اليه الصادق (عليه السلام) يقول : ما عندنا من الدنيا ما نخافك عليه ، ولا عندك من الآخرة ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمةٍ فنهنيك عليها ، ولا في نقمة فنعزيك بها ؛ فلم نغشاك؟
فأرسل اليه المنصور قائلاً : تصحبنا لتنصحنا.فارسل اليه الصادق (عليه السلام) يقول : (من أراد الدنيا فلا ينصحك ، ومن أراد الآخرة فلا يصحبك).
هذه العبارة هي تجسيد لمقولة لاخير في امة علماؤها على ابواب حكامها ، والامام الصادق يعلم بماذا سيتحدث المسلمون عندما يرون الامام يزور الخليفة .
عندما توفى ولده اسماعيل لم يدفنه لثلاثة ايام واستدعى اكثر من ثلاثين رجلا من اصحابه وجعلهم يرون جثمان اسماعيل وقال له هل هو حي ام ميت فقالوا وشهدوا انه ميت ، وبالرغم من ذلك ظهرت طائفة تدعي انه حي .ولولا شهادة اصحاب الامام عليه السلام لكانت الامور لا يحمد عقباها .
عندما اغتال الخليفة العباسي الامام الصادق عليه السلام طلب من والي المدينة ان يقتل من يوصي اليه الامام ، ولم ينفذ امره والي المدينة وعندما ساله الخليفة لماذا ؟ قال لقد اوصى باربعة انت احدهم ، ففوت الفرصة من ان يقتل وصيه الامام موسى الكاظم عليه السلام .
تراث الامام الصادق عليه السلام اخذ طريقه عند علماء ومفكري الغرب ، ومدرسته لم تقتصر على الفقه بل كل العلوم وما جابر بن حيان ابو الكيمياء الا احد طلابه .
كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي فيه النصوص التي استنبطت منها الاحكام فان اغلبها عن الامام الصادق عليه السلام .وان الشيعة يقال عنهم الجعفرية هي نسبة الى الامام جعفر الصادق وهذه التسمية تدل على ان هنالك مذاهب ظهرت في عصره ومن بعده فسمي الامامية بالجعفرية لتميزهم عن غيرهم .