لا شك إن الائمة عليهم السلام يمثلون خطا واحدا ومنهجا ثابتا منصوص عليه بمحكم التنزيل في اية التبليغ, يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك فان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس.
الائمة سلام الله عليهم, كلهم علويون, مجتبون, شهداء, عابدون, باقرون, صادقون, كاظمون, راضون, أجواد, هادون, عسكريون وحجج, لا يختلف أحدهم عن الاخر الا بالظروف التي احاطت به فبرزت صفة من صفاته.
مارس الامام الصادق عليه السلام دوره في خط الامامة, فالمدرسة العلمية التي اسسها ابوه الامام الباقر عليه السلام اخذت تتسع وتزداد تحت رعايته, واخذ بنشر العلوم والمعارف الالهية والطبيعية بين اتباعه وطلابه, حتى ربا طلابه عل الالاف من الافراد.
لقد استثمر الامام الصادق سلام الله عليه الظرف الذي عاصره خير استثمار, فضعف الدولة الاموية التي انشغلت بالشأن السياسي والامني بسبب حراك العباسيين, جعلها تقلل من مضايقة الامام الصادق عليه السلام, كذلك تولي العباسيين للحكم في الفترة الثانية من حياة الامام عليه السلام, ايضا جعلتهم يقللون الضغط عن الامام عليه السلام -نسبيا- كونهم اتوا بشعارات الرضا من ال محمد والطلب بثأر الامام الحسين عليه السلام.
مهد الامام الصادق عليه السلام الارضية لنشر العلم, وتوسيع المدرسة العلمية التي بناها ابوه الامام الباقر عليه السلام, فبدأ يخرج العلماء المتخصصين بعلوم الكلام والفقه والتفسير والحديث واللغة والفلسفة والعلوم التطبيقية كالكيمياء والرياضيات, فكان يعطي تلامذته الثقة في الاجابة عن المسائل التي يأتي بها المتكلمون من شتى الاديان والفرق والافكار والمدارس الفلسفية.
كان عصر اندحار الدولة الاموية وصعود الدولة العباسية ودخول القوميات الاخر في الاسلام, عصر نهضة علمية, وكثر فيه المتكلمون واصحاب الراي, واتسعت العلوم والمعارف ايما اتساع, لذا وفي ظل هذا الظرف قليل الضغوط, ابدع الامام الصادق سلام الله عليه في مناظرة هؤلاء, وتفنيد الافكار المنحرفة للفرق الضالة كالمرجئة والجبرية والمفوضة والمجسمة والخوارج وغيرهم.
الامام عليه السلام هو الأقدر على تشخيص المصلحة واستثمار الظرف, وهو يعمل وفق ما يريده الباري عزل وجل حرفيا, فهو الامام المعصوم عن الخطأ والاشتباه والزلل, وعلى نهجه سار علماؤنا الاعلام قدس الله اسرار الماضين منهم وحفظ الباقين, فحفظوا تراث ال البيت عليهم السلام بكل تفاني واخلاص وتضحية, وقدموا في سبيل ذلك ارواحهم, واعطوا دماءهم, وعزفوا عن الدنيا وملذاتها حاملين الامانة بكل مسؤولية, غايتهم فيها تسليمها الى الامام الموعود المنتظر عجل الله فرجه الشريف محفوظة من كل تحريف وشبهات.