تابعت محاضرة دينية مهمة جدا للعلامة الشيخ فاضل الصفار, يتحدث فيها عن معنى قتل الامام الحسين عليه السلام صبرا, وقد ذكر مضامين مهمة عن ما حصل في ذلك اليوم الحزين, حيث ذكر الشيخ الى ما اشار اليه الامام السجاد عليه السلام في بعض كلامه.. حيث قال: “أنا ابن من قتل صبرا, وكفى بذلك فخرا”, فان قتل الصبر له معنيان هما الاقرب لهذا النص, المعنى الاول ان يؤخذ المقتول وتقيد يداه ورجلاه فلا يستطيع الدفاع عن نفسه فيتم قتله, اما المعنى الثاني فهو اكثر وجعا وقسوة, وهو ان يعذب المقتول بشتى انواع التعذيب حتى يموت, وهذا الثاني هو الذي نزل بالامام الحسين عليه السلام, حيث قتل بالتعذيب,
لكن هذا القتل صار فخرا للامام الشهيد, وصار وساما على مر الزمان, فاضحى سيدا للشهداء.
فالإمام الباقر عليه السلام يفصل كيفية القتل صبرا التي حصلت للامام الحسين عليه السلام, وقد جاءت بذلك مرويات كثيرة, فلما هدد جيش اللعين عمر ابن سعد الإمام الحسين بالقتل, قال الامام الحسين عليه السلام لمحاوره: “ما أهون الموت في سبيل نيل العز وإحياء الحق, وليس الموت في سبيل العز الا حياة خالدة” , ثم ذكرت كلمة هي منهج وتعليم لكل أهل الإيمان.. حيث قال: “وهل تقدرون على اكثر من قتلي, مرحبا بالقتل في سبيل الله, ولكنكم لا تقدرون على هدم مجدي ومحو عزي وشرفي, فاذن لا نبالي بالقتل”.
المجد والنبل والشرف والمكارم التي بها علو الشأن, أنها صفات الخلود, وهي تزداد مع الشهادة, ومن أسماء الله عز وجل المجيد يعني عالي الشأن , سيد الشهداء يخبر اعداءه بان بهذا القتل يعلو شانه, فكلما مر الزمان ذكر الامام الحسين يزداد علوا, وهذا ما اخبرت به العقيلة زينب في خطبتها امام الطغاة: “فوالله لن تمحوا ذكرنا”.
الظاهر ان اعداء الامام الحسين في واقعة الطف سعوا بكل وسيلة متاحة لاطفاء نور الإمام الحسين عليه السلام, متفقين ان القتل يجب ان يحققوه, والا فالهزيمة ستصيب معسكرهم, مع انه شخص واحد امام جيش بالالاف, يقول الامام الباقر عليه السلام في شرح كيفية قتل الإمام الحسين عليه السلام: “لقد قتلوه قتلة نهى رسول الله ان يقتل بها حتى ادنى الحيوانات , لقد قتل بالسيف والسنان والحجارة وبالخشب وبالعصا ولقد اوطئوه بالخيل بعد ذلك” …
إن اللجوء لهذه الطريقة في القتل, إنما هي حرب على الله ورسوله, وهو ينم عن حقد كبير وكفر عميق في وجدانهم.
ان هذه الادوات المستخدمة في قتل سيد الشهداء كثيرة ومتعددة , وكل واحدة هي كافية لقتله, وهم بالالاف وهو واحد, لكن استخدموها وجمعوها ليكون القتل شديدا عليه, ويشهد أنهم اوطئوه الخيل بعد كل هذه الادوات, امعانا في القسوة وفي تثبيت القتل.
قتلوه بهذه الوسائل لعلمهم انه ليس كسائر الناس لأنه امام وحجة الله, وروحه ليست كسائر الأرواح حتى بدنه كانوا يؤمنون بأنه مختلف, فاستخدموا مختلف الوسائل كي يتوثقوا من قتله, وحقيقة يجب ان نذكرها من انهم لم يكونوا يستطيعون على مواجهته رجل لرجل, فتكاثروا عليه واستخدموا مختلف الأدوات دفعة واحدة.
ونذكر أخيرا نوع آخر من التعذيب تم استخدامه بحق الامام الحسين عليه السلام من قبل جيش اللعين عمر بن سعد, وهو العطش , في بعض المصادر ان الإمام عطش فدعا بقدح من ماء فلما قربه من فمه رماه الحصين ابن النمير بسهم, فدخل فمه فحال بينه وبين شرب الماء, فانتزع الامام الحسين عليه السلام السهم ثم بسط كفيه فامتلأ دما, إن سلاح العطش كان شديدا جدا خصوصا ان الامام الحسين عليه السلام لمدة ثلاث ايام لم يصلهم الماء, حيث كانت توجيهات قائد الجيش الأموي بمنعه من الوصول للماء.
وكل ما ذكره المؤرخون في وصف عطش الامام الحسين عليه السلام فهو قليل, كان أشد أنواع العطش, واسبابه كثيرة جدا, منها:
اولا: بكى الامام عليه السلام كثيرا, فان الكثير من المواقف كان يبكي بكاءا عاليا عند فقد الابن او الاخ او الصديق, والبكاء يستنزف ماء البدن…
ثانيا: انه كان كثير الحركة والقتال وهو يستنزف ماء البدن وهو جهد كبير من الصباح حتى ساعة استشهاده عليه السلام.
ثالثا: حرارة الجو الشديدة في أرض كربلاء في يوم الواقعة احد اسباب شدة العطش.
رابعا: من الأسباب كان يخطب ويعظ بالجيش الاموي من جهة, ويوصي العيال والنساء ويسكنهم ويهدأ حالهم, ويتحدث مع أصحابه, فالكلام الكثير من اسباب العطش, وفي الروايات قبل ان يضع السيف فيهم خطب خطبته الخامسة, يعني اربعة خطب خطبها قبل الظهر, والاخيرة كان قبل مقتله وليس معه احد.
خامسا: من أسباب العطش الجراحات الروحية والبدنية , في الروايات أنه اصاباته كان 12 ألف جراح وجراحاته العظيمة 72 جرحا, حيث أحاطوا به بالآلاف وكلهم يرميه بالنبال والسهام والحجارة والخشب .
وقد شدد أهل البيت عليهم السلام بالموساة عند شرب الماء بذكر الامام الحسين عليه السلام وعطشه.