ادت الخلافات الحادة بين الأحزاب الكردية والتحالف الوطني السابق الحاكم في العراق، والذي يتألف من الاحزاب الشيعية الى تفكك الحلف الاستراتيجي بين الطرفين
وتعددت ملفات الخلافات من دون أن يبدي أي من الطرفين استعداده للتنازل للطرف الآخر، بدءاً من ملف النفط والغاز مروراً بملف المناطق المتنازع عليها وصولاً إلى رواتب البيشمركة وحصة الاقليم ووضع محافظة كركوك. وعلى الرغم من محورية هذه القضايا، إلا أن نية إقليم كردستان العراق في الانفصال وقرار الاقليم بالاستفتاء الذي افشلته القوى السياسية المعارضة في العراق جاءت بعد فشل كل المحاولات الرامية للحصول على مطاليب الاكراد
وهنالك معطيات عديدة حددت حظوظ المكون الكردي في الانتخابات البرلمانية العراقية لعام ٢٠١٨، ارتبطت معظم هذه المعطيات بتداعيات فشل الاستفتاء على الاستقلال عن الدولة، الأمر الذي أدى إلى ظهور العديد من الخلافات بين الأحزاب الكردية المختلفة من جانب، وبينها وبين الحكومة المركزية السابقة في بغداد من جانب آخر. هذه المعطيات لم تؤثر فقط على فرص الأكراد في الانتخابات، ولكنها فرضت تساؤلات مهمة حول مستقبل الوجود السياسي للأكراد في عراق ما بعد تنظيم الدولة “داعش”، والدور الذي سيلعبونه في تشكيل الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات بشكل عام، لاسيما في ضوء الأزمات السياسية والاقتصادية التي عانى منها الإقليم أخيرا.
جرت العادة السياسية خلافا للدستور العمل بنظام “الديمقراطية التوافقية” منذ إقرار دستور 2005، وتفعيلها عبر نظام توافقي لـ”المحاصصة الطائفية”، نتج عن ذلك دخول الأكراد كمتغير صريح على معادلة اقتسام السلطة مع القوى الشيعية والسنية على الرئاسات الثلاث، بحيث أصبحت رئاسة الجمهورية من حصة الأكراد، ورئاسة الوزراء من حصة الشيعة، ورئاسة البرلمان من حصة السنة.
شهد الحزبان الرئيسيان -الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، الذي يسيطر على أربيل ودهوك، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يسيطر على السليمانية- خلافات برزت منذ إجراء الاستفتاء، حيث اتهم بارزاني الحزب الأخير بالخيانة في قضية الانسحاب من كركوك. وهذه كانت ابرز المشاكل والتحديات والانقسامات الداخلية التي تمت معالجتها مؤخرا بتوحيد الصف الكردي القومي بعد نتائج الانتخابات الاخيرة واعتماد ورقة تفاوضية صريحة للتفاوض على المطاليب المطروحة والتي لم تتجاوب معها الكتل السياسية الاخرى في بغداد تجاوبا واضحا وصريحا حتى اللحظات الاخيرة قبيل انعقاد الجلسة الاولى من الدورة البرلمانية الجديدة . وبقيت الامور من دون حسم ومن دون انفاق حتى على مرشح الرئاسات الثلاث للحكومة المقبلة .
ايران كانت تسعى في استمالة الأكراد لتجميع كتلة برلمانية تستطيع تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، من خلال التحالف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إلى جانب “الفتح” برئاسة هادي العامري، و “دولة القانون” برئاسة نوري المالكي. وهذا التحالف إذا ما تم وفقًا للرؤية الإيرانية فسوف يدعم مد النفوذ الإيراني في العراق، خاصة فصائل الحشد الشعبي، وهو ما يراه الأكراد في الوقت الحالي أساس معضلتهم.
وخاصة مع المالكي على خلفية حدة الازمات والمشكلات التي خلفتها ادارته السابقة مع الاقليم وفي النهاية يمكن القول إنه وبالرغم من أن المفاوضات مع التحالفات البرلمانية الأخرى لا تزال ضبابية إلى حد كبير لما تواجهه الأحزاب الكردية من تردد ومخاوف ناتجة عن أزمة الثقة التي تهيمن على الجميع جراء الممارسات السابقة، إلا أن الأكراد يمثلون رقمًا لا يمكن تهميشه أو استثناؤه من خارطة التحالفات البرلمانية بعد الانتخابات ولا يمكن حسم الكتلة الاكبر من دون الطرف الكردي والذي لم يحسم موقفه لحد الان .
فالتنافس السياسي والانشقاقات والانسحابات من الكتل الكبرى المتنافسة لا تزال قائمة رغم انعقاد جلسة البرلمان والمشهد ضبابي في تحديد الكتلة الاكبر بشكل رسمي رغم التصريحات الاعلامية للكتلتين المتنافستين على تشكيل الكتلة الاكبر.وفي خضم هذا التنافس بين المعسكرين، مازال موقف الكرد غامضا، او بانتظار تقديم العرض المغري الضامن للمطاليب من الطرف المفاوض لوضع بيضة القبان بحسم جدل الكتلة الكبرى.