دولة العراق التي تأسست على أنقاض الحرب العالمية الاولى بمباركة الدول العظمى في سبيل مصالحها , و قد ارتبطت مكوناتها بمادة لاصقة نافذة المفعول لمدة محددة بحيث تنتهي هذه الدولة عند أنتهاء مدة نفاذها ، و خاصة الشعب الكوردستاني الذي عدّه الدول كمادة
لاصقة لبقاء الدول التي تقاسمتهم (تركيا و ايران و سوريا و العراق) ، و إن أية حركة أو انتفاضة او مجرد مطالبة من لدن هذا الشعب تعد بمثابة جريمة لا يغتفر ، و خروجاً عن المبادئ الانسانية و القيم العليا ، و مارست هذه الدول سياسة كبت الاصوات و لم تسمح
بكل قواها أستئصالها من جذورها و نزع روح المقاومة من نفوسهم .
و إن العراق بلد العجائب فقد أسس نظامه السياسي بعد عام (2003) وفق نظام الاتحادي الفيدرالي في حين لم يكن هناك إلا أقليم كوردستان الذي سيق بناء العراق للنظام الفيدرالي بحوالي عشرة سنوات ، و حاول من في السلطة عدم تشكيل أقاليم أخرى بأساليب مختلفة
، بحيث كلما دعت محافظة الى إنشاء اقليم معين سارعت السلطات بتوسيع صلاحيات هيئاتها الادارية او تحمر عيونها و تطلق عبارات نارية و تبرز اوراق ضغطها في حين منح الدستور العراقي لعام (2005) الحق للمحافظات بتشكيل الاقاليم وفق السياقات القانونية
المعينة .
و من عجائبها ايضاً وجود القضاء المسيس , هذا القضاء الذي يعمل وفق ماتشتهيه السياسيين ، وقد فقدت حياديتها ، فاليوم يصدر حكماً بالبراءة لشخص كان حتى البارحة ارهابياً ، و يصدر اوامر القبض لأشخاص لهم مناصب و دور كانوا قبل أيام اوفياء و مخلصين
و غيرها الكثير , كل هذه الامور دفعت بالسنة بعد بناء قناعة لديهم بأن العيش في العراق في ظل هذا النظام بات مستحيلاً ، و رغم الدعوات المتكررة سابقاً بضرورة انشاء اقليم سني خاص إلا أنه كان يقابل بالرد ،و ذلك لأن السنة كانوا يحتكرون زمام السلطة في العراق
كلها طيلة العقود الثمانية الماضية ، و تمسكوا بأن قوة العراق في وحدتها ،و لكن كان نصيبهم الإقصاء و التهميش و السجون و النزوح و التدمير و القتل و … الخ .
بعد ان اجرى الشعب الكوردستاني استفتاءه لتقرير مصيره في (25/9/2017) ايقظ المكون السني من سباته الحالم بالعراق الواحد ليطالب بحقوقه المنتهكة طيلة الفترة السابقة لينادي بضرورة وجود اقليم سني و عقدت المؤتمرات و الاجتماعات المتتالية لرص صفوفهم
المشتتة وأنهم سلكوا طريق الشعب الكوردستانى بالمطالبة بحقوقهم مع الفارق ،و ان الحكومة العراقية التزمت الصمت ازاء هذا الاقليم و لكنه رافض عاجلاً أم آجلاً مثلما سبق و ان تأسيس الاقليم السني تدل على :-
وصول المكون السني في العراق الى قناعة بأن العراق السابق بات ضرباً من الخيال و ان من في السلطة هو الآمر الناهي و القوانين و التشريعات مجرد أداة بيد السلطات تفعل بها ما تشاء ، و ان العيش تحت سياط الدولة المركزية يكون نتائجها النزوح و المأسي و
المعاناة و الاقصاء و …)
ان نشوء هذا الاقليم سيساهم في استقرار المنطقة بشكل واضح مثلها أقليم كوردستان الذي بات عامل الاستقرار طيلة السنوات السابقة ، لانه سيكون هناك حكومة فيدرالية تحكم وتملئ الفراغ و تسد الابواب امام الجماعات الارهابية التي اتخذت هذه المناطق كحاضنة تنمو
فيها و تتطور .
بتشكيل هذا الاقليم سيعود العدد الهائل من النازحين و المهاجرين الى بيوتهم و اراضيهم بعدما اضطرو ا للعيش في الصعاب من اجل الحفاظ على حياتهم و عوائلهم و يساهمون باشكال مختلفة في بناء اقليمهم .
سيكونون جاراً حسناً لكوردستان و يبنى علاقاتهم على اساس الاحترام و الروابط الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية المتبادلة و خاصة ان المكون السني يرتبط بعلاقات وثيقة مع الشعب الكوردستاني بل هي متداخلة في مناطق متعددة ويقلل من ضغط الجوار على
كوردستان .
يساهم هذا الاقليم في التقليص من صلاحيات الحكومة الاتحادية وسلطاتها .
يدفع نشوء هذا الاقليم الى انشاء اقاليم اخرى في العراق منها اقليم البصرة و غيرها من المحافظات الجنوبية .
يساهم في زيادة دعم الدول السنية مثل السعودية و الاردن و الامارات الى الشعب العراقي و يكون عائقاً أمام المد الشيعي في المنطقة ذلك المشروع الذي يتبناه دولة ايران ، وأخيراً سيكون البداية لتهاية العراق المتمسك بالمواد اللاصقة التي مرت عليها الزمن .