أمضيت الليل ساهرا مسهد ا تتراءى لي مختلفات الرؤى وتتداخل في ذهني مقاطع الاحاديث والعبارات التي قيلت فيما سبق من السنوات وعجبت من نفسي كيف تعرفت وبسرعة نسبية الى شخص غاب عنا مذ حداثة سني ولم اخطأ المعرفة رغم ما طرأ عليه من تغير الملامح بفعل سنوات الزمن وايضا كيف كان لترشيحي لهذه الدورة من دور في تعرفي اليه.
تناولت دفتر ملاحظاتي الصغير وسجلت بضع كلمات ولكني في نهاية الامر شعرت بخطأ وقعت فيه وهو انني لم اسجل رقم هاتفه كما لم ازوده برقم هاتفي لذا عولت على ان امضي اليه في مكان عمله مرة اخرى .
بعد يومين وحين سنح لي وقت الفراغ مضيت اليه وقد طرأ على فكري هاجس اني ربما لا أجده …يمكن ذلك فقد يغير مكان عمله تخلصا من لقائي به ثانية وليس غريبا ان يحدث ذلك فهو قد اخفى نفسه ووجوده لسنوات طوال ولم يهتدي اليه حتى اقرب المقربين وتساءلت مع نفسي اي امر جلل حدث لهذا الشخص جعله يقدم على مافعل من امر.
لم يدم تساؤلي طويلا ولم اكن مصيبا في امكانية ان يخفي نفسه عني لأني ما أن وصلت الى مكان اللقاء الاول الا ورايته يقف جوار عربته الصغيرة وهو منشغل بمحادثة مجموعة من الزبائن لذا وقفت بعيدا عنه مسافة خطوات وما ان انتهى من البيع حتى هتفت قائلا:-
لم يزد على هذه الكلمات شيء ,احسست ان قلقا يساوره حول امكانية تزويدي برقم هاتفه لذا قلت مستدركا
اردت ان اواصل الحديث لكنه قاطعني قائلا:-
اردت بعد الكلمات ان امضي فاستوقفني وطلب اليَّ ان ارافقه الى بيته وهناك سيستضيفني ويخبرني حقيقة امره.
لم اجد ضيرا في قبول عرضه بل وشعرت بسعادة غامرة لأنه اولاني ثقته واهتمامه واطمئن الى سلامة طويتي واعتبرني اهلا للحفاظ على العهد وامينا على السر.
……………..
يدفع عربته الصغيرة واسير الى جواره …نعبر الدروب ونمضي في الازقه وبعد فترة ليست بالقصيرة توقف عند باب بيت صغير قديم واخرج من جيبه مفتاحا وفتحه ودفع عربته الصغيرة الى داخل البيت وبعد ان ابعد العربةعن الباب قال لي وهو يشير لي بيده :-
دخلت البيت الصغير المكون من غرفة واحدة تكدست فيها الاغراض المختلفة ولكنها مرتبه بشكل ينم عن تدبير وذوق ففي صدر الغرفة سرير عليه فراش مرتب وملائة نظيفة وتحت السرير بضع صناديق صغيرة ضمت الحاجيات المختلفة التي يبيعها وعلى جانبالسرير وضعت تسريحة تعلوها مرآة كبيرة مزينه ببضع باقات من الزهور الصناعية تتخللها نشرات ضوئية ملونة وفي الادراج قناني عطر وادوات زينة مغلفة ومعدة للبيع اما على الجانب الثاني من السرير فقد وضعت مكتبة صغيرة تضم بضع كتب ومجلات وبجوارها كرسي وطاولة صغيرة عليها دفاتر وعلبة اقلام للكتابة ومصباح للقراءة .
قدم لي الكرسي الوحيد وهتف قائلا:-
جلست وانا اطالع عناوين الكتب في المكتبة الصغيرة وكانت مختلفة منها الادبية والتاريخية والعلمية فبادرته السؤال
–هل قرأت هذه الكتب …؟
كان يتحدث بحرقة وألم فأثر بي حديثه وندمت على انني اقدمت على ذلك السؤال الذي اثار شجونه واحزانه ,لذا اطرقتبرأسي خجلا وندما وندت عني آهة معبرة عن ذلك الندم ففطن اليها وبادر القول:-