قطعنا أشواطاً طويلة في نزاعات وحروب، واستنزفنا طاقات بشرية، ومادية هائلة، من دون أن نلتفت الى هدنة، أو نبحث عن لغة غير لغة السلاح، بل العكس أدمنا على تأجيج الصراعات، والتسابق نحو التسلح شرقاً وغرباً، وعلى وقع جلجلة المعارك، تصريحات، تهديدات، مواجهات، والحرب أولها الكلام، تزاحم أهل المشورة، لرسم خطط القتال، فيما لم يتقدم مستشار واحد، من ذوي العيون الزرق، أو الصفر، أو السود، لحل مشكلتنا المستديمة مع الكهرباء، مثلاً، وكأننا بلد لايصلح الا أن يكون ساحة حرب، وكل شيء من أجل المعركة، حتى أصابتنا عدوى ” المعركة” في مفردات حياتنا اليومية، لذا لاغرابة أن تسمع وصفاً عراقياً للإنتخابات، التي هي ممارسة ديمقرطية، وتداول سلمي للسلطة، بأنها معركة وجود!!.
الإقتصاد الريعي، كل ما نعرفه، وإذا ما فكرنا جدياً بزيادة الموارد، فالسياسة السائدة ترجح رفع الصادرات النفطية، من دون أن نبحث عن خيارات أخرى، متوفرة لدينا، لكنها مركونة جانباً، لصالح المستورد.
مدار الأزمات التي تعصف ببلادنا، واحدة بعد أخرى، إقتصادية في المقام الأول، لكننا إبتعدنا عن هذا الفهم، وتبنينا رؤى غريبة، بما فيها إستحضار التأريخ لتفسير الأحداث المتعاقبة، وعليه نرى الإنفتاح الأخير للعراق مع السعودية، مهم إقتصادياً أولاً، كونه سيُخرجه من حالته النمطية، ويحرك قوى الإنتاج المعطلة فيه، عبر بناء تحالفات تجارية، وإستثمارية، والتي بلا شك ستنعكس إيجابياً على حياة المواطن، الذي عانى كثيراً، ويلات الحرب، والأرهاب، والبحث عن مصدر رزق، ولقمة عيش، فيما يجد في التحول بإتجاه التحالفات الإقتصادية، بارقة أمل لتحقيق طموحه الشخصي، في العمل، والإنتاج، الى جانب الإنتقال من قرقعة السلاح، الى البناء والعمران.
الفكرة، لاتنحصر بالسعودية، بقدر ماهي الأنموذج الأقرب، وبالإمكان أن نجد شركاء آخرين، للتنمية والإستقرار، وليس للهدم والدمار.