18 ديسمبر، 2024 6:13 م

الاقتراض هل يحل مشاكل العراق الاقتصادية؟

الاقتراض هل يحل مشاكل العراق الاقتصادية؟

أعلن صندوق النقد الدولي يوم 18 آذار 2017 أن اجمالي الدين العراقي ارتفع بنسبة 64% من إجمالي الناتج القومي خلال العامين 2014 – 2016 ، بعد ان كان 32% والسبب يعود إلى الحرب مع الإرهاب وانخفاض أسعار النفط ، وأن الاحتياطي العام انخفض بما مقداره 7 مليار دولار خلال العامين المذكورين ليصل إلى 46/5 مليار بعد أن كان 53/7 ، عام 2014. مع تباطؤ واضح في نمو الائتمان ، والمعروف أن الدين العام للعراق قبل التوقيع على القرض الأخير مع بريطانيا والبالغ 12 مليار دولار (القروض الخارجية 69 مليار دولار والقروض الداخلية 53 تريليون دينار )أي ما مجموعه 105 مليار دولار ، وهو رقم يذكرنا بالأرقام الفلكية للديون العراقية أيام النظام السابق ، والكل يعلم أن للدول صناديق سيادية أو صناديق الادخار للأجيال القادمة ، تحافظ على الاموال وتحافظ على التصنيف الائتماني للدول والعراق كدولة نفطية كان عليه أن يقيم مثل الصناديق لأن الأسعار النفطية العالمية غير مضمونة البتة ، وأن أي اقتصادي مبتدئ سوف يشير إلى ذلك . سينما أن هناك توجه جديد للولايات المتحدة نحو الاكتفاء الذاتي من النفط ، .
إن القروض التي عقدت سابقا كانت هي الأخرى لإقامة أو ترميم البنى التحتية ، والحال رغم هذه القروض ورغم مئات المليارات التي صرفت لم يجد أي مواطن أن هناك بناء أو تغيير لهذه البنى المزعومة وابسط مثال شوارع العاصمة بغداد ولا نريد أن نعرج إلى مستشفى الشعب العام أو مستشفى الكمالية وصولا إلى مستشفيات الكرخ النائمة مخططاتها في الإدراج ، والاقتراض وبسبب التجربة السابقة لا يمكن أن يحل مشاكل العراق المالية لوجود الفساد أولا والعجز المؤلم في الموازنة العامة الذي يصل إلى حد تسديد الرواتب لموظفي الدولة ، كما وان القروض لم ولن تستخدم لأغراض أو مشاريع إنتاجية يمكن من خلالها تسديد هذه القروض وخدماتها ، لقد أخطأ النظام الجديد في عشوائية التصرف اليومي في الأموال العامة ابتداءا من عدم التمسك بآليات وضوابط الصرف الحكومي مرورا بالتعيينات العشوائية وصولا إلى التوسع غير المنطقي في استحداث الدرجات الخاصة أو التوسع في الهيئات العامة ،أو الإقبال غير المنطقي لحماية النفس وما يترتب عليه من مصروفات كان على الدولة أن لا تدخل فيها أو التوسع باستحداث الدوائر والفروع لأنشطة حكومية كان فن الأجدر معالجتها بالطرق الإدارية المتبعة سابقا مما تسبب في ترهل الجهاز الحكومي غير الكفوء أو غير المربح ،بل المعرقل لثقله وعدم إنتاجيته للقائمين بأعمالهم الاعتيادية . كما أن للتوسع في بند المخصصات والصلاحيات الممنوحة للقادة الإداريين وبشكل لا تعرفه فصول وأبواب الميزانيات العامة قبل السقوط ، والمزج بين الحياة الوظيفية للمسؤول وحياته الخاصة حمل الموازنة أعباء لا تعرفها الموازنات الفرعية كنصب المولدات لدور المسؤولين أو السيارات الخاصة لهم أو لعوائلهم أو تخصيص الدور أو بدلات السكن ، (الموظف في الدولة العراقية كان يحصل على الراتب فقط ) ولا يتم التعيين إلا بتوفير الدرجة والمحسوبة على أساس التطور أو التوسع الحكومي ،ولم تك الايفادات وسيلة للترفيه ولم تك صلاحياتها مفتوحة بالشكل الذي كان يتم سابقا ، ولم تك لأي كان صلاحية إيفاد نفسه بل يتم من قبل الأعلى وفي ضوء الفائدة والحاجة على أن يقوم الموفد بتنظيم تقرير مفصل وبالأيام والتواريخ عن تحركاته ونشاطاته خلال الايفاد والنتائج المترتبة عليه . هذه كانت الضوابط وتلك كانت التعليمات ، لقد خرق الحاكم المدني كل تلك الضوابط وسار على نهجه من هو قاصد بالإساءة أو من هو امي في علم الإدارة أو من هو فاسد أو من هو يعمل للغير ، كل تلك الجهات عملت ولا زالت تعمل على جعل العراق متخلفا وسوقا مفتوحة بلا عنوان لسلع هذه الدولة أو تلك من الدول المجاورة وغيرها من الدول الأخرى ، وأن تظل معامل القطاع العام معطلة ورواتب منتسبيها تثقل كاهل الخزينة المركزية وان يظل القطاع الخاص بلا إنتاج ولا واجهة تؤهله كي يأخذ دوره في معالجة شحة الإنتاج الوطني أو معالجة آفة البطالة وما ينتج عنها من آفات وأمراض اجتماعية تعجز القروض الخارجية في معالجتها ناهيكم عما خلفه الفساد وسرقة المال العام من توجيه مسار هذا المال نحو الخارج لغسله هناك أو يذهب للقاعدة وافراخها ، ليعود إلى العراق على شكل قروض أو مدافع هاون تفتك بشعبه ومنه.
إن من يريد مصلحة هذا البلد لم يعد له مكان فيه وان من يشجع على القروض هو المتمكن فيه ، فلا القروض بقادرة على البناء ولا المساعدات والمنح تستطيع إنقاذ الاقتصاد ، المنقذ هو الشخص المؤمن بأن العمل هو أساس القيمة وان إعادة تشغيل المتوقف هو العمل الصحيح وان الإسراف والرواتب العالية للمسؤولين والمخصصات ما هي إلا وسائل استنفاذ المال العام ، وأن الضرورة تقتضي الإعلان وبشكل واضح وصريح أن لا عائد بعد اليوم لأي موظف في الدولة إلا راتبه وما يتناسب ومستوى الأسعار ، والا سيظل المال العام شأنه شأن الماء المسكوب في الغربال لا تنفع معه الحسنات ولا القروض…….