في نظرة الى المشاريع المطروحة على الساحة السياسية يمكننا ان نتساءل: كيف يمكن للقوى التي تسيدت المشهد السياسي طيلة الفترة الماضية وثقفت طائفيا كلما اقتربت الانتخابات او تلك التي قادت حكومة الوحدة الوطنية او التوافق السياسي او شاركت فيها؛ ان تطرح الان مفاهيم سياسية جديدة من قبيل حكم الأغلبية او الأغلبية السياسية او وثيقة الثقة او حتى الاستفتاء والانفصال؟.
هل الكرة ما زالت في يدها لكي تتحكم بمشاعر الناخب وخياراته مرة اخرى ام ان الكرة هذه المرة في ملعب المواطن؛ الذي يبحث عن التغيير.. والذي تسعى القوى السياسية الحالية لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه او الاستئثار بمكاسب انتخابية اكبر او احداث التغيير بالاستغناء عن مفاهيم الشراكة والتوافق الى مفاهيم جديدة من قبيل الأغلبية السياسية التي تعني ضم قوى اخرى من مكونات او اتجاهات طائفية وقومية الى مشروعها السياسي حتى يبدو جامعا لكل مكونات البلاد ، ولما كان استمالة هذه القوى مستحيلا دون تقديم تنازلات لها ، فان هذه القوى ذاهبة الى أمرين:
الاول – تقديم تنازلات للقوى السنية والكردية والأقليات لضمها الى القائمة الجديدة او الواسعة او التفاهم معها بعد الانتخابات واستمالتها بالمكاسب أيضاً ، وهنا لم تخرج عن التوافقية التي نحن عليها الان والتي تأكل من حقوق الأغلبية لتوزعها على باقي المكونات حتى تبقى قوى السلطة في الصدارة.
الثاني – قيام القوى التي تطرح رؤى الاغلبية بالاتجاه الى إضافة قوى واهية او غير حقيقية او ليس لها وجود على الارض لتطعيم قوائمها وإظهارها شاملة ، وهنا سندخل في ميدان تهميش الآخر واقصاءه.
فما الحل اذن؟ وكيف يمكن إيقاف طموحات القوى السياسية الحالية ورغبتها الجامحة لمقاومة التغيير القادم ؟ وكيف يمكن اقناع المواطن بجدوى المشاريع المطروحة وقدرتها على احداث التغيير المنشود؟ او على الاقل ضبط ايقاع التغيير حتى يكون مقبولا ولا يحدث شرخا بين الواقع السياسي الحالي والمستقبلي بعد الانتخابات!!.
واذا كان البعض يذهب الى البحث في التغيير الشامل ، فان ذلك غير ممكن لان للقوى الحالية مشاريعها وجمهورها وطبقة المستفيدين وخبرتها في التمسك بالسلطة وهي عوامل تجعلنا ندعو الى البحث في المشروع الوطني بدلا عن التغيير الشامل او المشاريع غير القابلة للتطبيق عمليا والتي ستجعلنا ندور في نفس دوامة الازمات الحالية.
فالمشروع الوطني هو الوحيد القادر على اخراج البلاد من ازماتها المتشعبة والكفيل بجمع القوى الوطنية قبل الانتخابات او حتى بعدها في مرحلة تأسيس الائتلافات لان هذا المشروع الذي يفترض ان يمتاز: بانه لا يختص بفئة معينة دون باقي ابناء البلد اولا؛. لا يركز على رقعة جغرافية محددة ثانيا؛ بل يشمل عموم المحافظات دون استثناء. لا يحمل ثالثا؛ ايدلوجية اسلامية او يسارية بل يحمل ازمات الوطن وهموم المواطن ويبحث في حلها. وأخيرا في رابعا؛ يتم التنازل فيه ليس لمصلحة طائفة او مكون او مجموعة او شخص بل التنازل فيه للوطن الذي يمثل الخيمة التي تجمع الكل والتي نريد لها ان تزدهر وتتوحد بتجاوز الازمات والتصدعات التي اصابتها في مرحلتي الاحتلال الامريكي والداعشي.