لم تكن الساحة السياسية العراقية بحاجه الى إرباك أكثر بعد ان عصفت مختلف التيارات والمغامرين والنصابين والقراصنه بأبواب ونوافذ وطن لا تهدا فيه الرياح منذ ان وطأته إقدام الغرباء وجحافلهم عام 2003 ودنست الأرض والناموس والنفوس والسيادة . ولم يكن غريبا ان تتحول العواصف حتى في غير مواسمها المعهودة إلى أعاصير تنقلب الى زوابع وتسونامي أحيانا تخلف في (الاكليروس) الطائفي صراعا ومؤامرات لا تهدا أبدا وانهارا من الدم المراق على وقع الانفجارات ودوي السقوط المعرفي والأخلاقي داخل قاعات نخبه لا تقل عن الدهشة والرعب الذي تخلفه السيارات المفخخة التي أصبحت الموسيقى التصويرية لإيقاع الحياة أليوميه في ارض السواد او بلاد (ما بين القهريين ) مثلما يسميها البعض!!!!
و رغم تداعيات الحرب في الانبار واستعدادات خوض معركة الانتخابات بعد شهرين تقريبا جاء قرار السيد مقتدى الصدر بنفض يديه من كتله الأحرار واعتزال العمل السياسي ليعقد من طلاسم المسرح وضبابيته رغم ان البعض ممن تبادلت معهم الحديث حول الموضوع يصرون على ان السيد مقتدى ( مستعد للتخلي عن حياته و لن يتخلى عن حضوره السياسي ولا عن المغانم التي يوفرها له هذا الحضور) والتي ليست بالضرورة ان تكون ماديه بل إرضاء لنزعات الزعامة التي بات يعيشها أسوه بكل ساسه العراق منذ الأزل والى اليوم !!!
سؤال استباقي راود الكثيرين ومفاده ما معنى (التيار الصدري) ؟ هل هو حزب او تجمع سياسي شيعي يضم كل من ادعى تقليد الشهيد الصدر الثاني قولا وفعلا وسلوكا أي الجماعة التي رافقته وسايرته وسارت معه وأتباعهم وأشياعهم ؟.. ام انه تجمع لأناس تعلقوا بالشهيد الصدر ومواقفه عاطفيا دون ان تكون هناك رؤية استراتيجيه لمشروع بناء ألدوله ونهضتها ومواجهة تحدياتها في بلد لازال بدون قانون أحزاب والتي لا يعدوا بعضها مجرد دكاكين او تكايا سياسيه او أسماء قيادات فقط .؟؟؟؟
كان السؤال الذي طرحته على الكثيرين من داخل البيت الصدري وخارجه وبعضهم كان من بين قياداته الأولى التي فضلت الانسحاب او الصمت لم يقدم لي أجابه واضحة ودقيقه وجوهره: الم يكن بالإمكان ان يقدم السيد مقتدى على أزاحه هؤلاء( المارقين ) باجتماع على طريقه (مجلس قياده الثورة) باقتلاعهم دون الحاجة للانسحاب و بدون هذه القنبلة الإعلامية والضجيج الذي لا يعفي احد من المسئولية حتى قائد التيار نفسه الذي سبق له أن اتخذ قرارات ألعزله وعدل عنها مما يؤثر على شخصيته ومصداقيته ؟؟؟
أم أن السيد مقتدى الصدر كان يحلم بان تخرج جماهيره بمظاهرات تطالبه بالعدول عن قراره على غرار ما حصل لعبد الناصر بعد هزيمة حرب حزيران يوليو 67 ؟؟؟؟19وشتان بين الموقفين…. والقائدين !!!!!
ثم هل أقدم الصدر على خطوته هذه لأنه اعتقد ان الوقت بدا ينفذ من يديه لصالح المالكي والحكيم وأراد ان يستبق الإحداث لان رصيد تياره بدا يتراجع بعد ان اكتشف فخ المادة 38 من قانون التقاعد وسبق له ان أصم انفه وأغلق عينيه مكرها على فضائح الاعرجي وغيره من إتباعه الذين برعوا في استغلال مواقعهم للإثراء السريع والتخفي وراء الديماغوجية؟؟
لكن ربما غاب عن باله في زحمه الانفعال انه لن يستطيع ان يخرج على الناس برداء ابيض كالكفن الذي ورثه عن والده وقد ثبت لدينا بالدليل القاطع أن هناك من نبهه منذ تسع سنوات وحتى قبل اندلاع الحرب الطائفية عام 2006 بان بعض من تسللوا لتياره واخترقوه ارتكبوا من المحرمات والمعاصي ما يشوه سمعته وسمعه ألشيعه أيضا وسمعه تياره وأسرته التي يقول انه يحرص على كرامتها وهي رمز وارث للعراق جميعا وإتباع أهل البيت على وجه الخصوص!!!
ثم ما هو السراء وراء (الاستقالة – المسرحية) لعشره من نواب التيار من البرلمان عادوا بعدها وغيروا رأيهم؟؟ الا يثير هذا سخريه الناس ويجبر العديد ممن يحترمون أنفسهم إلى الابتعاد عن مسرح الدمى وانتظار نهاية العرض البائس؟
عدا ذلك فان من يعرفون السيد مقتدى يعلمون يقينا الساحة النخبوية للتيار الصدري التي كانت هادئة نسبيا قبل قراره الأخير والتي لم يكن يعكر صفو أجوائها أي شي وكانوا وهم يستعدون للانتخابات قد نظموا صفوفهم في بغداد والعديد من المحافظات وبرعوا من خلال الإعلام في الترويج لدور (النزيه) المتباكي على بيت مال المسروق من قبل الآخرين… فلماذا لم يتشاور الصدر مع المقربين منه ويقوم بانقلاب داخلي يعلن فيه ترشيح آخرين من الوجوه النزيهة دون تخليه عن الزعامة السياسية ؟ .
أجابنا احد العارفين إن القرارات مرهونة بظروفها وبحنكة صاحب القرار وطبيعة شخصيته وهو السيد الصدر ا ويضيف (.:بتقديري انه لو لجأ للحل الثوري فإن المعزولين لن يسكتوا ويسلقون بدورهم بما لديهم من أوراق تفضح الجميع لذا لجأ للمناورة في عزلهم مع محاولة الحصول على غطاء شعبي يدعم قراراته….النواب أصحاب الاستقالات الإعلامية عرفوا أن في الأمر لعبة فقرروا مجاراتها ليسوقوا للناخبين طاعتهم ووفاءهم لقيادتهم ولكن الناس لم تنطل عليهم هذه الألاعيب المكشوفة فشاعت السخرية بطريقة الكوميديا السوداء التي أثارت سخرية الناس …لقد تحول الأعم الأغلب من الزعامات و النخب السياسية الى قرقوزات لاهم لها سوى الاستئثار بالمغانم دون مراعاة لمشاعر الشعب وتوصيات المرجعيات ))
فيما يرى آخرون ان هدف هذا القرار وخطاب الصدر الثوري الذي قلب الطاولة على الجميع هو تحقيق مكسب مفاجئ ومباغت للتيار -الذي سبق له إن وصفه بدقة بالغة- ، فإتباعه تسيرهم في الغالب العواطف الجياشة وصوره الأب الشهيد الذي سقط وولديه مضرجا بالدم متحديا طغيان صدام وهو أكثر ما يهز وجدان ألشيعه وتقديسهم … ويحركهم وجدانيا لا عقليا الخطاب الإعلامي (للبغدادية) وغيرها والتي تستغل تلك المشاعر لتحقيق أهداف انتخابيه-فرديه من خلال ذلك القرار في ظل وضع محتقن انهارت فيه شعارات وسمعه اغلب الأحزاب و القيادات السياسية الحاكمة نتيجة تراجع الوضع السياسي والطائفية والإرهاب وانتشار الفساد بشكل عام في اغلب الوزارات ا والمؤسسات وبضمتها التي يديرها إتباعه .
وبحسب ما نقل لي بعض الإخوة العارفين بما يجري خلف الأبواب المغلقة فان قراره هذا او ما أسموه هم ( المناورة) كانت تستهدف الإطاحة ببعض الرؤوس من تيارهم بعد ان تأكد للسيد الصدر أنها تجاوزت حديث الناس والانتقادات داخل كوادر التيار بل أصبحت (ملفا كبيرا) للفساد بيد رئيس الوزراء الذي فضل الصمت واجل استخدامه لتوقيت معين !!! ولكي لا يتحول الأمر الى ضجة تهز صوره التيار وسمعته فانه السيد قام بإقصائهم بشكل غير مباشر وسحب دعمهم في الانتخابات المقبلة كي لا يشغلوا مقاعد برلمانية وليتم استبدالهم بعناصر جديدة لم تصبها شبهة فساد لحد الان.
يقول احد من حاورتهم لقد ترك السيد هؤلاء دون عقاب كمن يترك فسحه لقارئ الرواية المفتوحة النهاية لان يضع لها هو نهاية يراها مناسبة لشخوصه اي ترك حرية الاختيار للشعب و هو نوع من اختباره لأمة قد وعت تصرفات من حولها وإذا أعيد انتخاب هؤلاء فان القائد ربما سيشد الرحال إما إلى لبنان او إيران.!!!!
استوقفني كثيرا مقال السيد (ثائر الدراجي) المنشور في موقع كتابات ( والذي حمل عنوان (لا تلوموه فانه لا يعلم) http://kitabat.com/ar/print/9643.html وقدم فيه شرحا تفصيليا للفساد داخل التيار و ذكر السيد مقتدى الصدر بنبوئه ا لشيخ عباس الربيعي المبكرة جدا ألمنشوره عام 2005 بعنوان (نهاية التيار الصدري) الذي توقع فيه ان يتحول تيار الفقراء والكادحين إلى( تيار سياسي فاسد بامتياز )وكان الشيخ الربيعي حينها يشغل منصب رئيس الهيئة السياسية للتيار والذي فضل لاحقا الاستقالة عندما تقاطع تماما مع السيد مقتدى بسبب نفس الأسماء التي اكتشف قائد التيار بعد تسع سنوات أنهم فاسدون مندسون أضافه إلى غيرهم… فهل يعتذر السيد مقتدى للشيخ عباس الربيعي ؟؟؟؟؟؟ .
.بعد سقوط نظام صدام في نيسان ابريل 2003 رفض السيد مقتدى الصدر الدخول في العملية السياسية بعد ملابسات حادث مصرع نجل السيد الخوئي فشكل (حازم الاعرجي وفتاح الشيخ وعلي سميسم وزيدان جثير وآخرون) قائمة وضع كل واحد منهم اسم لأحد من أقربائه لا علاقة له بتيار الشهيد الصدر الثاني فحازم الاعرجي جاء ببهاء، وعلي سميسم جاء بجواد الشهيلي ، وزيدان جثير وضع ابن عمه نصار الربيعي ، والدراجي جاء به خال السيد (حسن الصدر) من لندن، ، وعلي شكري هو الاستاذ المشرف على رسالة رئيس الهيئة السياسية للتيار، ومهند السعدي جاء به شقيقه رائد السعدي وجميع هؤلاء لم يكونوا على أي صله بتيار الشهيد الصدر الثاني، والقائمة ضمت حينها 20 برلمانيا في ما عرف (بالجمعية الوطنية) منهم (باسمة لؤي واديبة موسى وأسماء الموسوي وفتاح الشيخ وقصي عبد الوهاب وعلي الابراهيمي وسلام المالكي وفلاح حسن شنشل وناصر ألساعدي وأمثالهم).
. في مقالين كتبهما الشيخ الربيعي ( كوميديا الزواحف ونهاية التيار الصدري) ا يذكر كيف اقنع السيد مقتدى بضرورة إنهاء تلك الفوضى في الترشيح و ان تكون هناك مرجعية سياسية و أساسية للكتلة القادمة تحفظ للتيار روحه واستمراره وتضع معايير صارمة لانتقاء الكوادر المتقدمة وتشكيل الكتلة البرلمانية القادمة التي استبعد منها العديد من الأسماء القديمة وافق عليها السيد مقتدى . وفازت القائمة بـ 28 مقعدا أضيفت لها قائمة تبناها التيار سرا هي قائمة (رساليون) ضمت عنصرين هما حسن هاشم الربيعي ونصير العيساوي…. وبمجرد ان بدأ الحديث عن اختيار رئيس الوزراء حسب رواية الشيخ الربيعي فوجئت بوضع أربعة أشخاص معي في الهيئة السياسية منهم شخص مخترق من قبل المخابرات البريطانية هو ( ف . ش )، والذي دبر عملية اغتيال محافظ السماوة الأسبق فاعترضت بشدة إلا ان السيد مقتدى الصدر رفض الاستماع لي فانسحبت نهائيا !!!
ليس لدي ما أضيفه على هذه الشهادات سوى ان ما حدث ويحث يوميا في العراق وداخل البيت الشيعي بالتحديد لا يقل وطاه عما تفعله القاعدة بهذا ألطائفه من مجازر وقتل…
رحم الله شهداء العراق .