23 ديسمبر، 2024 6:28 م

الاغتصاب و” فتاوى جهاد النكاح” كلاهما عدوان و استباحة من منظور الفكر السيكولوجي !!!

الاغتصاب و” فتاوى جهاد النكاح” كلاهما عدوان و استباحة من منظور الفكر السيكولوجي !!!

أنتشر جهاد المناكحة أو فتوى جهاد النكاح على هامش الأزمة السورية التي نشأت في العام 2011, في ظل صراع النظام السوري مع الفصائل المسلحة ذات الصبغة الدينية المتأسلمة بمعظمها, والتي تستهدف إسقاط النظام. وتدعو الفتوى المذكورة النساء إلى التوجه نحو الأراضي السورية من اجل ممارسة نوع خاص من الجهاد ” الجهاد الجنسي “, أي إمتاع المقاتلين السوريين وغير السوريين لساعات قليلة بعقود زواج شفهية من اجل تشجيعهم على القتال, ثم انتشرت هذه الفتوى سريعا إلى الأراضي العراقية بعد إن سيطر التنظيم الإرهابي المسمى بداعش ” التنظيم الإسلامي للعراق وبلاد الشام ” على بعض المناطق هناك, وأجبر العديد من النساء على ممارسة “جهاد النكاح “, كما اضطرت العديد من النساء إلى الانتحار للخلاص من حالات إكراههن على ممارسة هذا النوع من “الاغتصاب المشرعن ” !!!.

ويقال إن الداعية السعودي محمد ألعريفي قد اصدر هذه الفتوى في ربيع عام 2013 والتي تتضمن سفر النساء إلى سوريا لتلبية الرغبات الجنسية للمقاتلين هناك. وأشترط ألعريفي حسب الفتوى المنسوبة له تجاوز أعمار الفتيات الرابعة عشر من العمر وكونهن مسلمات. وبعد الانتشار السريع الذي حققته الفتوى المنسوبة للشيخ ألعريفي, نفي الأخير نسبة الفتوى له وقال إن حسابه في التوتير لم ينشر هذه الفتوى بل هي مفبركة. ويرى بعض المشرعين والمفتين إن هذه الفتاوى لا تختلف عن زواج المتعة في زمن بعض غزوات الرسول والتي منعت لاحقا, ثم حللت بعد ذلك في زمن الحرب والسلم وبقيت إلى اليوم احد موضوعات الخلاف بين المذاهب الإسلامية المختلفة !!!.

وبغض النظر عن إضفاء الصبغة الشرعية لهذا النوع من الممارسة الجنسية والحصول على المتعة الجنسية من قبل المحاربين فهي لا تختلف في جوهرها عن الاغتصاب الجنسي الذي يستخدم القوة الخفية والمعلنة ضد الضحية الأنثى للحصول على اللذة الجنسية من قبل الذكر. وينتشر الاغتصاب في زمن الحروب والاحتلال لأراضي الغير ليتحول إلى رمز من رموز الاستباحة للإطراف المتحاربة وإنزال الهزيمة النفسية والمعنوية في الطرف الآخر عبر النافذة الجنسية !!!.

ومن هنا تأتي شرح الرابطة الوثيقة بين الجنس والعدوان والاغتصاب. العدوان هو سلوك أو فعل يتسم بالعنف يصدر عن طرف قد يكون فردا أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصاديا وسياسيا وجسديا وماديا مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد واحد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة, ويتسع مفهوم العدوان والعنف ليشمل مظاهر ومجالات مختلفة يصعب حصرها, ولعل أبرزها كما تشير إليه الأدبيات المتخصصة في هذا المجال هو: العنف الأسري, العنف البدني أو الجسدي, العنف المدرسي, الاغتصاب بمظاهره وأشكاله وضحاياه, العنف الرمزي, العنف اللفظي أو الشفوي, العنف الديني, العنف التلقائي, العنف المادي, العنف الفوضوي, العنف الجماعي, العنف الفردي, العنف الرسمي, العنف المجرم الغير الرسمي, العنف غير القانوني, العنف المشروع, العنف المتبادل, العنف ألانحرافي, العنف السياسي, العنف الاقتصادي, العنف اللاعقلاني, العنف العقلاني, العنف الانفعالي, والعنف المنشأ ” وهو نوع من العنف تلعب وسائل الاتصال دورا بارزا في إحداثه “. وقد تطرقنا إلى ذلك ونظرياته المفسرة بشيء من التفصيل في مقال سابق لنا, بعنوان: ” العنف بين ماهيته السوسيولوجية وجذوره السيكولوجية

والتربوية “, والمنشور على صفحات ألنت المختلفة !!!. ويرى الفكر الإنساني العالمي أن ممارسة العنف والعدوان للحصول على إشباع للغريزة الجنسية هو مظهرا من مظاهر العنف الجنسي بمعناه العام, والذي يتجاوز المفهوم الضيق الخاص في الممارسة الجنسية المقترنة بالعنف, إلى مفهوم أوسع من ذلك, رغم احتوائه له باعتباره أحد مظاهره, وهو مدان عالميا بعرف وتقاليد المنظمات الإنسانية الدولية, وخاصة الأمم المتحدة والمنظمات العالمية ذات الصلة والتي تسعى في محاولاتها لوضع حد له. ويحدث العنف الجنسي العام والقائم على نوع الجنس في جميع الطبقات, والثقافات, والديانات, والأعراق, وفي الجنسين وفي كل الأعمار. ويمكن الإشارة هنا إلى أكثر أشكال العنف الجنسي انتشارا في العالم وهي: العنف الجنسي ( الاغتصاب والاغتصاب الزوجي, الاعتداء الجنسي على الأطفال وانتهاك عفتهم وزنا المحارم بهم, الاستغلال الجنسي كالاتجار بالنساء والأطفال وإجبارهم على البغاء, والتحرش الجنسي, واستخدام العنف الجنسي كسلاح للحرب والتعذيب)؛ والعنف البدني ( الاعتداء البدني, الاتجار والاسترقاق )؛ والعنف العاطفي والنفسي ( الاعتداء والامتهان, والإكراه في تحيد مكان الإقامة؛ والممارسات التقليدية الضارة ( ختان الإناث, الزواج المبكر, الزواج بالإكراه, القتل والتشويه دفاعا عن “الشرف “, وأد المولودة أو إهمالها, حرمان الفتيات والنساء من التعليم؛ والعنف الاجتماعي ـ الاقتصادي ( التميز في الفرص والخدمات أو الحرمان منها, الاستبعاد الاجتماعي كالنبذ القائم على التوجه الجنسي, والممارسات التشريعية التي تعوق أو تكرس ذلك. ويعنينا في هذا المقام حصرا هو استخدام العنف والعدوان في الممارسة الجنسية للحصول على اللذة الجنسية وإشباع الغريزة الجنسية. في علم النفس يجري البحث عن دلالات وميكانزم هذه العلاقة بين الجنس والعدوان في حالتي الصحة والمرض. ففي الحالات الاضطرابية واستنادا إلى التصنيف الأمريكي الرابع المعدل في الدليل التشخيصي للاضطرابات العقلية ( دي أس أم 4 ـ تي أر ) , وفي حالة السادية الجنسية, كنموذج اضطرابي لاستخدام العنف في الفعل الجنسي, حيث يعني حدوث تكرار خيالات جنسية شديدة أو رغبات جنسية أو سلوك جنسي يتضمن معاناة نفسية أو جسدية لدى الطرف الآخر في العلاقة الجنسية, وهذه المعاناة تسبب إثارة جنسية لدى الشخص السادي مما يؤدي إلى استخدام القوة والعنف المفرط في الممارسة مع الشريك أو الضحية, يؤدي إلى إلحاق الأذى الجسدي, قد يصل إلى درجة القتل. وفي السلوك الجنسي السادي تختلط نزعتي الجنس والعدوان أثناء الفعل الجنسي, والعدوان هنا تعبيرا صارخا عن الذكورية المفرطة, يضاف إلى ذلك أن تفريغ شحنات الجنس والعدوان في نفس الوقت يعطي للشخص السادي ارتياحا لأنه يحقق هدفين في آن واحد. والشخصية السادية تستلذ برؤية عذاب الآخرين ومعاناتهم, وبعض منهم يصل إلى درجة الإرجاز( الذروة الجنسية ) أثناء تعذيب ضحاياهم حتى وان لم يكن هناك مشهدا جنسيا. وقد اتضح أن بعض هذه الحالات لديها اضطرابات مثل الشيزوفرينيا ( الفصام ) أو اضطراب الهوية الانشطاري أو لديهم تاريخ إصابات مسبقة في الدماغ. أما في أطار السياقات الطبيعية في العلاقة بين الجنس والعدوان فهناك تداخل سايكولجي ـ فسيولوجي وتشريحي في هذه العلاقة, مما يدفعنا إلى وضع هذه العلاقة المتبادلة التأثير في إطارها الصحيح من خلال معطيات البحث العلمي. واستنادا إلى ذلك يمكن القول أن النشاط الجنسي والعدواني يستأثر بطاقة كبيرة من الجهاز العصبي والفسيولوجي إلى حد يفوق ما يتم استخدامه في الحالات العاطفية والسلوكية الأخرى, كما أن هناك تشابها كبيرا بين الاستجابات الفسيولوجية التي تحدث في العلاقة الجنسية وتلك التي تحدث في ممارسة سلوك العنف, وقد يفسر ذلك على أن النشاطين يستخدمان جهازا فسيولوجيا وتشريحيا واحد. ويمكن تفسيره أيضا من أن العلاقة الجنسية في حياة الإنسان والحيوان قد ارتبطت أصلا بالطاقة

العدوانية والتي لها أن توفر هذه العلاقة أولا. والمهم في ذلك هو أن ما يدل على الرابطة الوثيقة بين الجنس والعدوان هو أن المراكز الدماغية والمسيطرة على الدافعين هي مراكز متجاورة في الدماغ ومتداخلة بعض الشيء والواحد منها على صلة وثيقة بالآخر وكل ذلك يؤكد الصلة بين السلوك الجنسي والسلوك العدواني. ويكفي الإشارة هنا إلى بعض من جوانب هذه العلاقة المشتركة الفسيولوجية ـ التشريحية هو المتمثلة بالهيبوثلاموس ( المهاد التحتاني ), وهو التركيبة العصبية التي تقع في الدماغ المتوسط أو ما يسمى بالمخ العميق, والتي تتكون من مجموعات الخلايا تسمى الأنواء الهيبوثلاموسية, والتي من ضمن وظائفها الأساسية هو التحكم في الجنس وسلوك العدوان. وهذه العلاقة لا تعني اتسام السلوك الجنسي أو إثارة الرغبة الجنسية عن طريق التعدي وإنما تعني أيضا إمكانية استغلال احد كل من السلوك الجنسي أو العدواني الواحد بدل الآخر والحصول على الرضا من هذا الاستبدال حتى وان كان مؤقتا !!!. ويمكن الإشارة إلى ابرز ملامح وطبيعة العلاقة بين الإثارة الجنسية وبين السلوك العدواني استنادا إلى ما توصلت إليه نتائج البحث العلمي في هذا المجال, وهي ما يلي: ـ أن إثارة الدوافع أو المشاعر العدوانية يمكن لها أن تخدم في زيادة الشعور باللذة عند كل من الذكر والأنثى في العلاقة الجنسية بينهما. وقد سبق وان أشار فرويد إلى أن إيقاع الألم أو تسلمه من احد الشريكين في العلاقة الجنسية هو أمر طبيعي, طبعا إذا بقى في نطاق إحداث وتصاعد الرغبة الجنسية دون إلحاق الأذى بالآخر وبما لا يعرقل تصاعد الرغبة الجنسية ووصولها إلى ذروتها. ـ أن الإثارة الجنسية كثيرا ما تشجع على القيام بممارسة سلوك العنف خاصة إذا كان هذا السلوك مرتبطا بصورة ما بإرضاء الدافع الجنسي وهو ما يلاحظ في حالات الاغتصاب وفي بعض طقوس الزواج. ـ كما أن الإثارة الجنسية يمكن لها أن تسهل السلوك العدواني الفعلي من أفراد غاضبين نحو الغير بدون أن يكون الهدف من العدوان جنسيا. ـ وقد تبين من أبحاث أخرى بما يصحح بعض الشيء في مسار علاقة العدوان بالإثارة الجنسية, وهو أن التعرض إلى مواقف شديدة الإثارة يرتبط باحتمال اكبر بممارسة سلوك العنف, بينما الإثارة الجنسية الأخف فإنها تؤدي إلى العكس من ذلك إلى التقليل من احتمال وحدة العنف أو حتى منع حدوثه, وقد أفادت بعض الدراسات بأن الإثارة الجنسية الخفيفة تحدث من العنف والعدوان اقل مما يحدثه تعرض إلى مناظر طبيعية أو لوحات فنية تجريدية. وتفسر هذه الظاهرة من ان التعرض لإثارة جنسية خفيفة يعطي شعورا مريحا والذي له يقلل من الدافع للعنف بينما التعرض لإثارة جنسية عنيفة وخاصة عن طريق تصويرية أو استعراضية, له أن يحدث حالة من عدم الارتياح والانزعاج وهي الحالة التي تستند وتقوي الاتجاه نحو العنف والعدوان. ـ أن الإثارة الجنسية العنيفة والتي لا يتم إرضائها حالا لها أن تحدث حالة من الإحباط والتي يمكن لها أن تتحول إلى شعور بالعنف والتوتر وله أن يسهل بذلك ممارسة العدوان.

ـ كما لوحظ أن هناك علاقة ارتباطيه بين التغيرات الهرمونية وبين العدوانية, ففي الإنسان كما في الحيوان فان زيادة إفراز هرمون الاندروجين يزيد في كل من الإثارة الجنسية وسلوك العدوان, وهو واقع يلاحظ في فترة البلوغ كما يلاحظ تجريبيا بعد إعطاء حقن هرمون التستوستيرون ( وهو الهرمون الذكري من مجموعة الاندروجين ). من الناحية النظرية أن الاغتصاب الجنسي هي الحالة التي يحقق فيها الفرد, وهو عادة الذكر علاقته الجنسية اغتصابا وبقوة وبدون مطاوعة الشريك ” إذا صح تسميته شريكا أو ضحية “, ومع أن الكثير من العلاقات الجنسية خاصة في بداية الزواج هي من هذا القبيل ” وخاصة في المجتمعات العربية والإسلامية “, إلا إن التشريعات القانونية تضع هذه الممارسات بين الأزواج خارج حدود الاغتصاب حتى ولو لم تتوفر فيها المطاوعة والقبول. ومن هذه التشريعات ما يعتبر العلاقة الجنسية مع من هم دون السن القانوني ضربا من ضروب الاغتصاب حتى لو توفرت المطاوعة والقبول. ويقسم الباحثون الاغتصاب تبعا لدوافع المغتصب إلى أنواع أربعة, وهي ما يأتي: 1 ـ الاغتصاب أرضاء للنزوة الجنسية الجامحة, وهذا هو النوع الغالب من الاغتصاب ويقوم به عادة أولئك الذين يملكون دافعا جنسيا قويا لا يطاوع التأجيل. 2 ـ هو اغتصاب أصحاب الشخصية العنيفة والشرسة والذين يقومون بالاغتصاب كتعبير عن دافع التعدي والإيذاء في نفوسهم, ويجدون فيه ما يعزز سطوتهم وتسلطهم. 3 ـ اغتصاب السادي والذي لا يحقق الرضى الجنسي إلا عن طريق ممارسة التعدي والعنف والإيذاء للشريك الجنسي. 4 ـ الاغتصاب الذي يقوم به بعض أصحاب الشخصية السايكوباثية ممن يقومون بأعمال اندفاعية مضادة للمجتمع ويمارسون الاغتصاب أما كمظهر من مظاهر هذا السلوك أو كجزء من عملية إجرامية أوسع. وفي تفسير الاغتصاب ترد نظريات عدة تفسر نوعا أو آخر من أنواع الاغتصاب التي سبق ذكرها. ومن هذه النظريات أن الاغتصاب يمثل مرحلة من مراحل التدني الحضاري بالنسبة للعلاقة بين الرجل والمرأة وهي ترمز إلى رجولة الرجل وتسلطه وقوته وضعف المرأة واستسلامها, وقد نرى في بعض طقوس الزواج في المجتمعات العربية والإسلامية ما يؤيد هذه النظرة. وفي النظريات ما يرد الاغتصاب إلى شعور الرجل بأن المرأة ترغب في الاغتصاب, والمغتصب لذلك يجد في ممانعة المرأة كحافز للإمعان في المحاولة والانتهاء في الاغتصاب, وهو رأي خاطئ لأن معظم النساء لا يجدن رغبة في مثل ذلك. ولعل أكثر الآراء قبولا هي أن المغتصب يعاني من اضطراب نفسي وأن اضطرابه يقع ضمن أنماط ثلاثة هي: العنف, والسايكوباثية, وعدم الاكتمال. ففي النمط الأول يقوم المغتصب بالاغتصاب في خدمة دافع العنف والتعدي وهو دافعه الأساسي, والسايكوباثي يحتاج العنف كمقدمة لكي يقوم بالعمل الجنسي, أما الشخص الغير مكتمل, فهو الشخص الذي يخشى المقاومة, وهو لذلك يستعمل العنف في خدمة الجنس !!!!. وقد أثبتت الكثير من الدراسات النفسية على مجموعات كبيرة من الرجال المغتصبين والنساء اللاتي تعرضن لجرائم الاغتصاب, أن الاغتصاب في حقيقته ليست جريمة جنسية بل هو جريمة عنف وتعدي وعدوان يكون الهدف منها ليس

التفريغ الجنسي لحالة الكبت التي يعاني منها المغتصب, بل الهدف منها هو الإهانة والإذلال وإضعاف الروح المعنوية للطرف الذي يقع عليه فعل الاغتصاب. لذلك تقوم الكثير من الجيوش المحتلة وبأوامر من حكوماتها وكذلك الفصائل المسلحة المختلفة باغتصاب النساء والأطفال في البلاد التي يقومون باحتلالها, وممارسة هذه الأفعال باعتبارها طريقة قوية ومباشرة لإهانة الشعب وإذلال رجاله, بل ويتعمد الكثير من الجنود اغتصاب النساء أمام رجالهم إمعانا وتنكيلا بهم. وإذا كان إضفاء الصفة الشرعية للاغتصاب عبر إيجاد “فتاوى جهاد النكاح ” يرضي مرتكب الجريمة بقناعات وهمية مزيفة فأن الضحية يبقى ضحية مهما اختلفت شرعنة الفعل الذي وقع عليه !!!. ويتعرض ضحايا الاغتصاب إلى شتى صنوف التعذيب الجسدي, من ضرب مبرح وإيذاء مباشر لأعضاء الجسم وخاصة الأعضاء التناسلية, إلى جانب الآثار النفسية, إذ تعتبر جريمة الاغتصاب من أقسى التجارب التي يمكن للمرأة أن تواجهها, فحالة الخوف الشديد والذعر التي تعتري المرأة عندما يهاجمها الجاني, وخاصة عندما يكون مدججا في السلاح, فان هذا الموقف يضل عالقا بذاكرتها مدة طويلة, إذ يعتبر الخوف من أهم مظاهر الاعتداء, أما قبل ذلك فتكون فريسة للظن بأنه سيقتلها كما حدث مع غيرها من النساء اللاتي اغتصبن ثم قتلن, إلى جانب الآثار الاجتماعية وخاصة في المجتمعات المنغلقة, حيث تتعرض الضحية إلى الضياع والرفض الاجتماعي, مما يشكل ذلك مقدمات لاحقة لانحرافها, وخاصة إذا لم يجري احتضان الضحية من قبل وسطها الاجتماعي, وإذا لم يقدم لها العلاج التربوي والنفسي اللازم لتجاوز الصدمة وتسهيل اندماجها اجتماعيا !!!!. هذا وتعتبر جرائم الاغتصاب المشرعنة وغير المشرعنة من الوسائل المرفوضة دوليا في الحروب, واعتبر الاغتصاب يرقى إلى مستوى جريمة الإبادة. وهذه الجريمة خرق للقوانين الدولية ويحاسب مقترفوها وتوجه إليهم تهمة جريمة حرب, أو جريمة ضد الإنسانية, أو جريمة إبادة للجنس البشري على حسب ظروف الحالات !!!!.