الواجب الوطني يحتم علينا البكاء لنقص الروح الوطنية العربية ليس الا…
بيتأريخ المدن الانكليزية ذهبتُ الى عيادة الطبيب الهندي الهارب من وطنه الى المدن الانكليزية التي يظنها رحيمة, فسألتُ السكرتيرة فيما اذا استطيع ان اقابل الطبيب, فأجابت بالقبول وسألتني عن جنسيتي, فأخرجت جوازي العربي مفتخراً, معتبراً بشعارات اساتذة المدارس الابتدائية التي اعتدنا سماعها ايام رفعة العلم واحياناً اثناء الدرس.
سألتني السكرتيرة الانكليزية عن اسم الوطن الذي انتمي اليه, فهي لم تسمع عن شيءٍ اسمه العراق. او لربما سمعت بحوادث المفخخات والعبوات والانفجارات التي تحدث ليلاً نهاراً, او قد سمعت عن السجون العراقية التي كان صدام يصممها لابناء شعبه, ويخيطها عراقيون على قياسات وطنية الشعب الجائع. لكن كل هذا لا يعني الاخرون, فأغلبهم يعتبرون الاخبار او القصص السيئة مضيعة وقت ونكد يفسد عليهم صفوتهم, واظن انهم على حق.
فأجبت بخجلٍ هزني الى ما دون قدمي وكدت اشعر بأن الارض تدور بي قائلاً : عراقي..
واخيراً تذكرت الجميلة اسم هذا الوطن الذي يشيء برائحة الدخان حيث نفخت وكأنها ترى قنبلة مؤقتة امامها معلقة : (وهل انتم بخير في بلدكم؟!).
لم اتذكر الرد الذي صدر مني, لكن اتذكر وبتفاصيل دقيقة الهزات والخيبات التي اصابت الروح الوطنية التي حملوها الينا اساتذتنا في الابتدائية, لا اعرف هل العيب في الاساتذة ام في الغرباء ام لربما فينا نحن التلامذة.
الشيء الوحيد المضحك الذي رسم الابتسامة عليَ طوال يومي هو ما تذكرته الانكليزية, فهي تذكرت الصور المفخخة والفيديوهات الناسفة ونسيت المتاحف المليئة بصور تأريخنا التي تكون قد زارتها او ستزورها في لندن او باريس او ما أُنشئ اخيراً في ابوظبي. فالانكليز يشغفون بزيارة المتاحف دوماً للاطلاع على ثقافات الشعوب المترملة او للأستئناس بلوحات تأريخهم المزخرف بافراح الانتصارات فقط.
فالمتاحف جزء من الاعلام, هكذا اتذكر استاذ الدعاية درسنا عندما كنت طالباً في جامعة ديكارت- السوربون, ودرسنا ايضاً بأن الاعلام والصحافة هما السلاحان اللذان يستمران بالرمي في غضون الحرب والسلم, فالبنادق الصحفية تستمر بالرمي حتى في اوقات السلم المعلن. بالضبط كما يعمل الاعلام الاسرائيلي والمدعوم منه.
الرسالة التي ارمي ايصالها اليكم ايها الاحبة, هي ان اعلامنا العربي بشكلٍ عام والعراقي بشكلٍ خاص متهمين بسوء اطلاق رصاصات تأريخنا المجيد, او انهما يرميان برصاصٍ فاسدٍ.