9 أبريل، 2024 6:25 ص
Search
Close this search box.

الاعلام وتحديات اصلاح الواقع

Facebook
Twitter
LinkedIn

يتعرض الاعلاميون (على اختلاف طبيعة عملهم المهني) لكل انواع الضغوطات، وعلى الرغم من تباينها في الاطر والجوانب والازمنة، إلا أنها باتت تشكلُ تحدياً آخر يضاف الى التحديات الكبيرة التي ما انفكت تواجههم في كل ساعة وحين، والمطلوب ازاء ذلك من الدولة بسلطاتها التنفذية والتشريعية والقضائية توفير المناخات والبيئة المهنية الامنة للإعلاميين بشكل خاص، والمثقفيين والادباء والفنانين والمبدعين بشكل عام، من المخاطر التي تواجههم والتي تصل حدّ التصفيات الجسدية التي يتعرضون لها بين فترة واخرى، ويبدو هناك من يريد انهاك واضعاف ومحاصرة الإعلام الوطني الحر الشريف وقتله بعد أن فضح نواياهم الشريرة، وسلط الضوء على الحقائق وكشف عن الجرائم التي ترتكب بحق العراقيين والمعاناة التي يواجهونها وفي مقدمتها جرائم الفساد وسرقة المال العام، وعزم الإعلاميين العراقيين على مواجهة افة الفساد ومافياتها، واعلان الحرب على التطرف والتكفير والارهاب معا، مُتَحَدِّين بذلك من يريد فرض السيطرة والهيمنة عليهم وتحييدهم وتحجيم أدوارهم والتأثير على مواقفهم واغلاق مؤسساتهم وصحفهم بشتى الطرق، وكل هذه التحديات التي يوجهونها لا تزيدهم إلا إصراراً على فتح الأبواب على بعضها والتمسك بالديمقراطية والوقوف بوجه كل ماهو مشبوه وعدم القبول بتبريره.

مهام وتحديات

كل هذه الظروف والمناخات الصعبة التي يتعرض لها الاعلام الوطني بكل مؤسساته العامة والخاصة تلزم الدولة على أن تتحمل مسؤولياتها وتقوم بواجباتها تجاه حماية الاعلام وحماية المثقفين وتعزيز دور الاداب والفنون والقائمين عليها ودعمهم ماديا ومعنويا وتحسين اوضاعهم وتعزيز دورهم المهني وحماية منظوماته ومؤسساته المهنية الوطنية، ليتمكن من التواصل والانفتاح على الإعلام الدولي و إيصال صوتهم الحر في الدفاع عن حقوقنا المشروعة لان الإعلام احد الركائز الأساسية في بناء الدولة والمجتمع من خلال تسليط الضوء على المنجزات الوطنية في مجالات تحقيق الأمن وتكافئ الفرص والعدل والانصاف في المجتمع عن طريق تفعيله لدور الانظمة والقوانين واحترامها والتمسك بها خاصة وظروفنا الاستثنائية الوطنية تتطلب اكثر من اي وقت مضى تطوير أجهزتنا ومؤسساتنا الإعلامية بشكل عام لتواكب المتغيرات التي يشهدها البلد، وإعطاء خصوصية التطوير والتحديث للسياسية منها، لتتمكن من الارتقاء في تصريف مهامها لتصبح بمستوى الأحداث الوطنية المتصاعدة في تحمل مسؤولياتها والعمل بدقة وبوضوح وايجابية اكبر لإظهارالمشهد الإعلامي الوطني الذي يخدم الجميع بدون استثناء لان الإعلاميين أصحاب الحرفة والخبرة والمهنة الإعلامية الإنسانية النبيلة يشكلون النخب التي بمقدورها الارتقاء بالمجتمع وبناء الرأي العام الايجابي الوطني المتوازن، ومن هذا المنطلق ينظر ويستمع المواطنون إلى الإعلام والإعلاميين قبل كل شيء لمعرفة مايجري بين السياسيين ومعرفة ما يدورعلى الساحة الوطنية من أحداث وممارسات ما يتطلب من اجهزة الإعلام أن تحتمي وتتحصن بمهنيتها وعلميتها في الاداء و التمسك بالانضباط والالتزام بالدقة قبل طرح ونشر الاراء والمعلومات والحقائق ووضعها بين يد المواطنين لمساعدتهم على اتخاذ قراراتهم الوطنية وصولا لبناء راي عام رصين.
لان من اولويات عمل الاعلام ومهامه نقل الحقائق وبشكل تفصيلي لتجنب عمليات تشويه الواقع ونشر الاشاعات من قبل الاعلام المؤدلج المشبوه، ونحن نعيش اليوم التقنيات الحديثة الهائلة التي احدثت ثورة في الاعلام وانتجت وسائل التواصل الاجتماعي التي فتحت كل الابواب التي لها علاقة بالإعلام واستخداماته على الرغم من بعض الانتقادات الموجهة لها بسبب ما يشوبها من فوضى وعدم الوضوح والمصداقية في احيان كثيرة وعلى الرغم من ذلك اصبحت حقيقة رائدة خاصة في المجتمعات الديمقراطية بعد أن أصبح الانترنيت إعلام الحاضر والمستقبل المتجدد بكل متغيراته و هذه التغيرات تتطلب من الإعلاميين أن يعرفوا مواقع أقدامهم، وينتقلوا انتقالة نوعية متميزة، رافضين تقييد حرية الراي والرأي الاخر خاصة في هذه المرحلة بشرط ان تصب هذه الحرية في المصلحة الوطنية والإنسانية والمجتمعية بكل مفاصلها وتفاصيلها، ومن هنا يأتي التأكيد على دور الاعلام ليسير جنبا الى جنب مع دور رسالة الجامعات والمعاهد والمدارس اي مع دور التربية والتعليم بلْ ويكونُ اكثرَ دقة في بعض الاحيان، ومن هذه المنطلقات يأتي الاهتمام بالتعددية وضمانة الحريات من خلال الدور المتميز والفعل المتحقق بواسطة الإعلام المهني العلمي الحر الذي يعتمد البرامج الرصينة النابعة من قواعد ومنطلقات المصالح الوطنية العليا، ولكي لا يفشل الإعلام في تحقيق اهدافه الخاصة والعامة يتطلب من الأساتذة والتدريسيين الإعلاميين والأكاديميين وكل المعنيين بالإعلام من اصحاب الخبرة والتجربة النظر إلى الواقع الحقيقي من اجل الارتقاء بالأداء الاعلامي وتحديث بنية مؤسساتنا الاعلامية والاهتمام بالمواضيع النظرية والعملية مؤكدين على اهمية دور ورعاية المواهب الاعلامية، وتعزيزها بالثقافة الإعلامية الخاصة والعامة واساليب العمل المهني الميداني وقواعد ومنطلقات أسسه الصحيحة واضعين في أولويتها متطلباتنا الوطنية في بناء الانسان والدولة ومواجهة التحديات الشاخصة على الساحة وهذا المنجز يقع على عاتق المؤسسات الاعلامية الوطنية وفي مقدمتها المؤسسة الاولى في البلاد المتمثلة بشبكة الاعلام العراقي وبكل امكانياتها ومفاصلها ومؤسساتها المقروءة والمسموعة والمرئية، وهي لا تألو جهدا في تحقيق ذلك، بالتعاون مع معاهد وكليات الاعلام، والعمل بجد لمغادرة ورفض التقوقع في الأطر الضيقة وبذل الجهود من اجل الانفتاح على كل الجوانب والصعد والعمل على بناء الدولة والمجتمع ونشر ثقافة التمسك بالأنظمة والقوانين واحترامها، واحترام هيبة الدولة والحفاظ على المال العام وهي عوامل تؤهل مؤسساتنا الإعلامية لخوض تلك المعركة من اجل الانتصار في الحرب على الفساد ومافياته التي تتفاعل مع التطرف والارهاب.

متطلبات الاعلام

تأتي الضرورة لحماية العاملين في الاعلام والمؤسسات الاعلامية الوطنية وتمكينها من التصدي لكل المحاولات التي يراد بها الاعتداء على الحريات الإعلامية لينطلق الإعلام انطلاقة مهنية علمية دمقراطية ومن هنا لابد من المرور وتأشير ضرورة بروز دور وزارة الثقافة واهميتها، في نشر الاداب والفنون وتفعيل اقسام الاعلام في كل وزارات الدولة بالاتجاه المهني والعلمي نحو الأفضل وكلها عوامل تساعد وتصب في صالح انشاء بنية إعلامية مهنية متطورة ترتقي إلى مستوى الإحداث والتحديات الوطنية بجدارة، وهي عوامل تمكن اجهزة الاعلام المهنية من لعب دورها وتحقيق مهامها واهدافها وستراتجياتها الأساسية في تحرير المجتمعات وفك العزلة عنها وتخليصها من آليات الدكتاتورية والقمع التي تحاول مصادرة حقوقها، وفي ظل هكذا اداء اعلامي فعال يتمكن المواطنون من اتخاذ قراراتهم الوطنية في مختلف الاتجاهات وبشجاعة لبناء حياتهم بعيدا عن المزاجية والادلجة والتبعية التي تشوه صورة الحقائق لدى المجتمع ،وهذا يلزم إعلامنا الوطني وفي مقدمته مؤسسات الاعلام العام وراس حربتها شبكة الاعلام العراقي، الارتقاء إلى مستوى ظروفنا الاستثنائية الصعبة بفنية وتقنية وبمهنية عالية لتحقيق توازن المعادلات المختلفة المطروحة على الساحة الوطنية لأننا اليوم إمام موجة عارمة متسارعة ومتصارعة في مفاصل حياتنا كافة، تقترن بإرادة الشعب ورغباته وطموحاته التي على الجميع احترامها وعدم تزويرها وتجييرها لصالح الفساد والفاسدين.
نريد حواراً يقترن بجرأة الطرح في مواجهة الإحداث لأننا وجها لوجه أمام قيم وأفكار جديدة لم نعرفها او نمر بها من قبل، وهذه التطورات والمتغيرات بحاجة ماسة الى الإعلام الفاعل الكفؤ والمؤثر في مواجهة هذه التحولات والمعادلات من خلال وضع الحقائق وبشفافية بين يد المواطنين ليدركوا أهدافهم الحقيقية واتخاذ قراراتهم وأولوياتهم المراد تحقيقها في بناء مجتمع متطور بكل مقاييس الحياة الجديدة واعتباراتها مع قدرة الحفاظ على ثوابتها الإنسانية الوطنية الخيرة وهذا هو دورالإعلام الفاعل ذو المهنية والحرفية العالية الذي نؤمن بدوره كقوة وسلطة يُعَوَّل عليها في الاصلاح والتغيير والبناء وانتزاع الحقوق وكل هذه الفعاليات والنشاطات بحاجة لدعم الدولة ودورها المعني ببناء المؤسسات الإعلامية الوطنية وفي مقدمتها شبكة الاعلام العراقي التي اصبحت اليوم بامس الحاجة لهذا الدعم لتفعيل دورها لخلق إعلام عام قادر على التغيير والإسهام الحقيقي في البناء والأعمار ومواكبة التحولات الديمقراطية التي لها القدرة على احتواء كل العراقيين، وهذا ما نتمناه لجميع مؤسساتنا الاعلامية الوطنية والعاملين فيها وتنشيط دورهم وتفكيرهم وتاملاتهم من خلال الفحص والتدقيق قبل انجاز مهامهم ليتحقق فيها الدقة والمصداقية لان ظروفنا الوطنية الحالية وما يدور من شائعات لاتتحمل اي خلل اوخطأ يزيد من هواجس العراقيين ونحن نخوض معاركنا الشرسة في ظروف غاية في التعقيد مما يلزم الاعلام والإعلاميين العمل بمهنية وحذر في نقل المعلومات، وهذا لايعني السكوت مطلقا عن الفساد والفاسدين وما يحصل من خلل في جميع مفاصل الدولة وسلطاتها ومؤسساتها السياسية والحزبية ما يجعل الاعلام امام مسؤولياته في مواصلة مسيرته وتحقيق مهامه واهدافه بشكل يضمن الحياة الحرة الكريمة والعيش المشترك لجميع العراقيين وتحت الهوية الوطنية العراقية الواحدة التي تشكل جوهر الثبات الوطني الاجتماعي بعد ان حان وقت الايفاء بالعهود التي قطعتها الدولة والبرلمان للإعلاميين والمثقفين والكتاب بشفافية وبدون تسويف بعد ان اصبحنا إمام أزمات كبيرة متعددة تتطلب من أجهزة الإعلام المشاركة الايجابية الجادة والمهنية في إدارتها والتعاون على حلها بشكل مهني يدعو ويساند تحقيق حوارات ايجابية بين الاحزاب والكتل السياسية وضمن استراتيجيات سياسية واقتصادية واجتماعية ومشاريع وطنية واضحة وصولا إلى حلول سياسية لا تتقاطع مع الدستور والأنظمة والقوانين والثوابت الوطنية لتعزيز دور العملية السياسية وفتح انسداداتها لان من أولويات مهنة الإعلام والصحافة المشاركة والإسهام في إدارة الأزمات بمهنية وحيادية ايجابية تؤكد على احترام الدستور والأنظمة والقوانين والتراث والعادات والتقاليد والعلاقات الإنسانية والتثقيف عليها.

ضرورات واقعية

ان دور الاعلام يتجسد في حل الازمات وتفكيك عقدها دون ان يكون جزءاً منها ، وهكذا منجز وفعل متحقق يتطلب جهدا كبيرا اولا من أجهزة ومؤسسات الإعلام العام المتمثل بشبكة الاعلام العراقي التي تمتلك عددا كبيرا من الكوادر المهنية المتخصصة صاحبة الخبرة وتراكماتها، ولا يغيب عن البال بانها تتحمل المسؤولية الكبرى والاولى من خلال مشاركتها في بناء الراي العام والمجتمع والدولة وتلعب الدور المهني في الحاضر الوطني الذي أصبح بامس الحاجة لصناعة سياسية اعلامية جديده لبناء راي عام قوي يتضامن مع النهضة الوطنية من خلال تضامنه مع الدولة وسياساتها في تنفيذ مشاريعها الوطنية والتعاضد معها لمواجهة التحديات على الرغم من موقف الدولة الذي لم يمكن شبكة الاعلام العراقي من تطوير اعلامها بالشكل المطلوب لاسباب كثيرة، وهنا لابد من الاشارة الى ان شبكة الاعلام العراقي لا تمثل اعلام السلطة، واقصد بالسلطة الحكومة، بل مهامها معاضدة الدولة في مشاريعها الوطنية وتنفيذ رغبات وطموحات وامال وتطلعات المواطنين، ورغم كل ما تقدم هناك مؤشرات كثيرة وواضحة تؤشر فشل الدولة في بناء اعلامها وتحسين ادائه والحديث في هذا الموضوع يتطلب الجرأة والشجاعة والتشخيص المهني العلمي الدقيق لمفاصل الضعف وعوامله واسبابه التي لامجال للخوض فيها في هذا المقال.
والحقيقة بدون هذه الجرأة المهنية في التشخيص البعيد عن المصالح الخاصة والنزاعات الشخصية والشدِّ والجذب لا يتغير ويتحسن دور الاعلام العام الذي ينتظر منه الكثير، خاصة ونحن نشتبك في حروب وعلى جبهات متعددة، اذا لابد من قيادة ثورة مهنية ثقافية توعوية لمواجهة كل هذه التحديات وهذا يعني ان الاعلام العام امام ضرورة وجود برامج ومناهج وخطط ستراتجية حقيقية لتفعيل دور مراكز الدراسات والبحوث ودوائر التخطيط والبرامج، والارتقاء بالموارد البشرية والمهنية، وهنا لابد من التاكيد على حقيقة ان الاعلام العام ليس هو ملك الدولة فقط، بل ملك المجتمع ومن الضروري اعطائه الحرية في التعبير عن خطابه الوطني كونه خدمة عامة ينطق باسم المجتمع وبالفعل نجد ان الاعلام العام اليوم امام منافس شرس هو الاعلام الخاص، وفي واقع الامر لا يوجد اعلام عام بمقدوره المواجهة والمقاتلة لوحده دون دعم الدولة كونه العضد الحقيقي لها، ولابد ان تمد الدولة يد العون له ليتمكن من تحمل مسؤوليته لأنه شريك للدولة في البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والوقوف بشكل مهني وفعال بوجه الإعلام التحريضي الاستفزازي الذي يوجه سهامه المسمومة الى صدرالوطن والمواطنين الذين هم بأمس الحاجة الى خطابات إعلامية صادقة تساعد على تهيئة الأجواء التي تحقق الاستقرار وتحمي العملية السياسية الديمقراطية التي يعمل العديد من الفاسدين واعداء الوطن على جرها واخذها الى غير مواقعها الوطنية لتنحرف.
ومن هنا جاء التركيز والتأكيد على شبكه الاعلام العراقي لتلعب دورا اكبرمن دورها الحالي بعد ان تتم عمليات الاصلاح والتغير من داخلها دون ان يتلاعب بها احد من الخارج، واقصد التدخلات الخارجية، لان شبكة الاعلام العراقي لها قانون ونظام اقر من البرلمان وصادق عليه رئيس الجمهورية واصبح نافذا في اتخاذ القرارات من قبل سلطته التشريعة المتمثلة بمجلس امناء الشبكة، وبالتعاون مع السلطة التنفذية المتمثلة برئيس شبكة الاعلام العراقي تمكنها من تحقيق اهدافها والحصول على ثقة المواطنين والدولة وبشكل يتفوق على حاضرها، وهنا لابد من تاشير بعض الملاحظات التي تدور حولها الكثير من الاحاديث والانتقادات التي انعكست على اداء الشبكة ومهنيتها واستقراراها في مقدمتها ضرورة مد جسور مهنية للتعاون والمودة بين مجلس الامناء والادارة التنفذية لتحقيق التفاهم والانسجام الفاعل المهني والايجابي بين الطرفين التشريعي والتنفيذي بعيدا عن كل الخلافات وتراكماتها والبدء من نقطة شروع مهنية جديده اكثر فعالية وتطورية و من اجل الارتقاء باداء الشبكة اكثر مما هي عليه الان ليكون بمستوى الإحداث والأزمات وتوعية المواطنين.
ورغم كل هذه الظروف والتحديات التي تواجهها شبكة الاعلام العراقي يبقى لها الدور الريادي في قيادة المجتمع كاعلام وطني عام بعد ان يرمم بناء الحياة الداخلية للشبكة من خلال تعزيز العلاقات الانسانية والمهنية الايجابية فيها.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب