18 ديسمبر، 2024 10:01 م

الاعلام بين المهنية والتسيس ؟!!

الاعلام بين المهنية والتسيس ؟!!

في سابقة لافتة أعلنت مجموعة إعلامية في بيان لها نشرته عدد من المواقع الالكترونية الاخبارية ، انهم تعرضوا لضغوط من قبل المؤسسة التي يعلمون بها أجبرتهم على الإعلان عن انتمائهم الديني ، وتدخلات وصلت الى حد التوجه الديني والتقليد ، إذ عمدت قناة الاتجاه الفضائية الى إنهاء خدمات عدد من الاعلاميين الذين يعلمون في القناة او في موقع الاتجاه برس ، حيث استغني عن عدد من المنتسبين في القناة ، والسبب هو محاولة فرض توجهات سياسية وحزبية معينة ، الامر الذي حدا بهولاء الى الاستقالة ، والبعض الاخر تم الاستغناء عنه ، بعيداً عن السياقات الإدارية والمهنية ، كما ان القناة سعت الى استخدام اُسلوب واجراءات أشبه ما تكون تحقيقاً عن توجهات والانتماء السياسي ومراجع التقليد ، بل وصل الامر الى التدخل وتوجيه صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ، ومحاسبتهم عن اي نشر لاينطبق وتوجهات القناة ، الامر الذي جعل الاعلاميين يعلنون في بيان لهم الأسباب الحقيقة وراء الاستغناء عنهم .

ان مثل هذه الإجراءات التي تمارسها بعض وسائل الاعلام بحق منتسبيها لا تمت الى الاعلام المهني والكلمة الصادقة بصلة ، وعلى الرغم من تطور وسائل الاتصال فان نظريات الاتصال الإعلامي تطورت هي الاخرى لتصبح أكثر استيعابًا لوجود إعلام متحيز، يدافع عن فكرة بعينها في مقابل أفكار أخرى، لا سيما بعد أن تحول الإعلام في كثير من الأحيان إلى آلية أساسية تستخدمها معظم التوجهات السياسية من أجل الترويج لأهدافها وتوسيع قاعدة المؤيدين لها ، ولكن مع هذا كله لا يستدعي الامر استغلال العقول الاعلامية من اجل ترويج لتوجه سياسي وحزبي ضيق ، الامر الذي يجعل الاعلامي المهني الحر في خطر .
هذا التسييس المتصاعد لأدوار وسائل الإعلام وتوجيها بما يتلائم والفكر السياسي يواجه انتقادات واسعة من جانب خبراء الاعلام من جانب والمتلقي من جانب آخر ، لا سيما في ظل الدور الذي يمارسه الإعلام خلال الفترة الماضية في تشكيل الرأي العام، وكشف المخططات الرامية لتمزيق البلاد أرضاً وشعباً ، وتوضيح سير المعارك اليومية ضد داعش ، وتكوين راي عام للقضايا الاستراتيجية والمصيرية المؤثرة على مستقبل البلاد وعلى عكس ما تُروِّج بعض الاتجاهات من أن التسييس يعد سمة من سمات التطور ، فإن المعطيات الموجودة تشير إلى أن تلك الظاهرة باتت حاضرة في أكثر وسائلنا الاعلامية ، والتي باتت تنعكس بالسلب على الحيادية والمهنية الاعلامية والتي بتجرد ينبغي ان تتميز بها تلك الوسائل والقنوات الاعلامية .

اعتقد وكما يرى بعض المحللين ان مثل هكذا أساليب تهدد الاستقلالية الاعلامية وتنذر بجعل الإعلام مهدد ومجير ، ويوجه بصورة سياسية وحزبية ضيقة ، وعلى الرغم من هذا التضييق والتسييس بوسائل الاعلام ولكن تبقى هناك أخلاقيات المهنة التي تكون هي الأصل في كل شيء، وليس الإعلام فقط ، وهذا واقع رسالة الإعلام ولسان حاله هو الحق فإن ابتعد عنه فعلى الإعلام السلام فهل سيجد طريقا للتحرر من عبودية المال ليرجع لهدفه السامي ليكون صوت الشارع كما كان ، وحماية الكلمة الصادقة والمهنية الاعلامية في البلاد .