23 ديسمبر، 2024 5:02 ص

الاعلام الداعشي افرز رسالة تلقاها نظيره العربي وصدرها بلا وعي

الاعلام الداعشي افرز رسالة تلقاها نظيره العربي وصدرها بلا وعي

لا شك ان كل مقومات انجاح  الدولة وديمومتها كان مخططا لها واخذ لها حيز ضمن مشروع تنظيم داعش في العراق وسوريا على العكس من مشروع القاعدة الذي اغفل الكثير من الجزئيات التي اعطت زخما هائلا للدولة الا اسلامية فيما بعد, فالقاعدة وجدت لغرض محاربة السوفيت في افغانستان واغراض اخرى تختلف تماما عن تنظيم الدولة فهو المولود حديثا من رحم القاعدة مدعوما من انظمة عربية وضعت كل امكاناتها المادية والاعلامية في خدمة التنظيم لأنها ارادت له التوسع وان يكون البعبع الذي يقض مضاجع خصومها متى ما شاءت, فهو الوليد المدلل لدى دول الخليج باستثناء عمان وجزء من المنظومة السياسية الكويتية وامريكا واسرائيل وتركيا, كل يستغله بحسب مصلحة معينة فجندوا له ماكينة اعلامية رهيبة تستطيع اسقاط دول دون قتال , وبالعودة لمقومات النجاح نجد ان داعش اعتنى بجزئيتين مهمتين كانتا الاهم في مسيرة التنظيم هما الجانب العسكري والجانب الاعلامي وارتبط الجانب الاول بالثاني ارتباطا وثيقا حيث ان القدرة القتالية للتنظيم تم قولبتها ووضعها في (رسالة اعلامية ) قوامها الجبروت اللامتناهي والبطش اللامحدود وزرع الخوف في نفوس الاعداء قبل اشهر من الوصول المفترض.
الرسالة التي انتجها التنظيم جاءت وفق (نظرية القهر) التي تعتمد على القهر و الترهيب للأعداء قد نظر لها اكاديميين مختصين في الاعلام وهذا يحسب للتنظيم عكس القاعدة و حتى اعلام الدول العربية الذي بقي يترنح دون وضع مفهوم اعلامي يواجه النظرية التي افرزت ماكنة اعلامية هائلة مفهومها العام تبلور باستخدام الوسائل الحديثة في صنع الرسالة مع تغليب اللغة اللا معهودة للإنسانية اجمع وهي لغة القتل المروع مع اخراج سينمائي هوليودي قد لا يمكن لمؤسسات اعلامية عربية مجاراته بعد سنين. كل ذلك خلق رسالة مؤثرة استخدم لتصديرها كل الوسائل الاتصالية و وظفها بطريقة جديدة لزرع رسالته في ذهن كل افراد المجتمعات التي استهدفها فعمل جاهدا على النزول بكل ثقله الى وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال مخاطبته المجتمعات بطريقة مختلفة باستخدامه للجيوش الالكترونية حدثت اكبر عملية اتصال فكانت النتائج مبهرة لدرجة ان نسب تجاوب المستهدفين من الرسالة كانت بنسب متفاوتة وبذلك استطاع تجنيد الكثير وحصل على تبرعات ودعم بطرق مختلفة . ان رجع الصدى لرسالة التنظيم وصل للرأي العام العالمي وروج لما يريده من أيديولوجيات استعرض فيها قوته وقدرته ونجح في اظهاره بصورة مغايرة عن الحقيقة الصورة البشعة التي لا تقهر لدرجة ان الحكومات اصبحت مهزومة من الداخل وهذا ما حدث فعلا في العراق في عام 2014 بعد اجتياح 3 محافظات عراقية خلال ايام معدودة . هذه الرسالة اظهرت الحكومات عاجزة عن حماية مواطنيها وبالتالي ظهر التنظيم لمؤيديه القوة التي لا يمكن ايقافها و الدولة  التي يمكنها حماية مواطنيها ورعاية مصالحهم بأريحية كبيرة وبذلك استطاع محاكات العقول العربية والعالمية بطرق جديدة .
هنا برز الاعلام في مفهوم الدولة الحديثة للتنظيم كسمة بارزة للثبات فهو يعي تماماً أهمية الإعلام في تحقيق أهدافه وانتصاراته، لذلك عمل جاهداً على التواصل مع الجمهور ومحاولة معرفة صدى رسالته الاعلامية فكان للعرب دور كبير في الدورة الاتصالية هذه كونهم هدف والهدف هو المتلقي المباشر وايضا هم الضحية واراضيهم المراد السيطرة عليها فبالتالي لا بد من تفاعل وتداخل مع كل الرسائل المطروحة لكن المشكلة هي ان الاعلام العربي اكتفى بالتلقي والتصدير بدون وعي ولم يبادر برد فعل يقلل زخم الرسالة الداعشية التي ادت في بعض الاحيان قتل المقاتل اعلاميا بالترويج السلبي ليقول ” احد المقاتلين اني لا أخاف جنود الخلافة وان كان قتلهم لي سيكون ب(القيدة)” هذه الشجاعة المفرطة ما هي الا محاولة لتغطية الرعب الناتج عن التهويل الذي يسبق المعركة مع جنود التنظيم الامر الذي لم يواجهه الاعلام العربي بطريقة مثلى أي لم يكن هناك اعلاما مضادا فهو في هذه الحالة متورط لدرجة كبيرة دون وعي في الترويج للتنظيم من خلال نقل الرسالة الاعلامية التي انتجها التنظيم والتي تحوي على ممارسات ترهيبية تستنزف القوة الذهنية للمقاتل والتورط كان عن طريق الاهتمام الكبير بإخبار التنظيم والتقصي عن التحركات والمعارك اول بأول في محاولة لنشر السبق الاعلامي وايضا نشر بعض الاعلاميين اخبارهم على صفحات التواصل الاجتماعي الامر الذي يؤدي الى مشاهدات  مليونيه من قبل المواطنين مما انعكس سلبا على نفسية المواطن وبالتالي المقاتل ايضا .واتضحت الهوة بين اعلام التنظيم واعلامنا من خلال قيام القنوات الاعلامية لعمل برامج تحليلية للعمليات الارهابية للتنظيم وذلك ذا مردود سلبي اذ يعتبر دعاية مجانية فما يريده التنظيم هو نشر ممارساته اللاإنسانية وهنا على الاعلامي التلاعب بالأخبار بطريقة تخدم مقاتلينا وقد لا يعد ذلك عيبا بل يتعدى الى حنكة فنية في ممارسة الاعلام و ذلك يتطلب وعيا اعلاميا يجب ان يعبئ لدى الجميع .
 النتيجة المؤسفة هي  استمرار هذا الوعي المتناقص للأعلام لفترة طويلة حتى بعد ولادة نظرية (منتصر منتصر حتى انتصر) انتهجها الحشد الشعبي فحارب بها المفاهيم التي تهبط معنويات مقاتلينا الا انها لم ترتقي لان تكون اعلاما  مضادا ونهج يوازي النظرية التي اعتمدها التنظيم فهي مجرد ممارسات اعلامية تغلب الجانب العقائدي عليها قطفت ثمارها على المستوى القريب ودعمت بانتصارات ميدانية ادت الى تقهقر السمعة المرعبة للتنظيم التي كانت ابرز نقاط قوته في حربه المشؤومة