23 ديسمبر، 2024 5:39 ص

الاعلام الحكومي … علامات تعجب خارج التغطية الصحفية !!

الاعلام الحكومي … علامات تعجب خارج التغطية الصحفية !!

من المثير للعجب المهني في صحافة اليوم عدم ظهور تطبيقات متجددة في الاعلام الحكومي لملاحقة الحدث والتعامل مع وقائع محلية وإقليمية ودولية تعنى بها الدولة ككل وتحديدا ما يطلق عليه بدوائر العلاقات والاعلام في مختلف الوزارات العراقية.

مصدر هذا العجب متعدد، الأول ان الكثير من الجهات العراقية ذات العلاقة بالحدث تتعامل معه بأسلوب ردود الأفعال وليس مصدرا للخبر، وابسط مثال على ذلك ما حدث في أفغانستان ضد السفارة العراقية في كابل، فلم يصدر البيان عن وزارة الخارجية الا بعد انتشار الحدث في مختلف وسائل الاعلام الدولية ، ومثله مثل الكثير من الاحداث التي يتم تجاهلها من مقر الدبلوماسية العراقية دون أي تعليق مثل زيارة السيد مقتدى الصدر الى السعودية او زيارة السيد المالكي الى موسكو ، فهل عدم صدور بيانات او اعمام صحفي من مقر الخارجية العراقية عن هكذا احداث نموذجا لفهم الدبلوماسية العراقية في التعاطي مع وسائل الاعلام المحلية ام انه تجاهلا مقصودا في تعريف من هو العدو الرسمي للعراق الجديد في نموذج نظام المحاصصة المتعارف عليه ؟؟

المثال الثاني، ما يصدر من بيانات عن الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلد، فهناك احصائيات عن معدلات التضخم والبطالة والفقر والنمو والتنمية المستدامة التي تصدر عن وزارة التخطيط لكنها تعلن متأخرة عن موعدها المقرر ، والكثير من وسائل الاعلام المحلية لا تنشر هذه الاخبار في مواقع بارزة ولا يتم تداولها في نشرات الاخبار ، وهناك الكثير من المعلومات تختص بها وزارة المالية بموجب قانون الموازنة العامة لا تنشر فيما ينص هذا القانون على شفافية صرف أموال الموازنة العراقية لكي يتعرف عليها المواطن ، فهل يستطيع أي صحفي استقصائي ان يقارن بين مصروفات مكاتب الرئاسات الثلاث وبين مصروفات أي وزارة عراقية تعنى الخدمات العامة ، عندها يمكن الحديث عن وجود شفافية وفي نقل المعلومات ، وهي مهمة من مهمات مواصفات الجودة (( الايزو)) في تطبيقات الحكومة الالكترونية التي وقعت الحكومة العراقية عليها منذ عام 2007 اتفاقات مع البنك الدولي !!

المثال الثالث، يتمثل في تقارير الأجهزة الرقابية والتصريحات التي تصدر عنها، فتقارير ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ومكاتب المفتشين العامين، ما زالت غير قادرة على اقناع الصحفي، والمواطن على حد سواء ، ان هذه الأجهزة قد عملت ما يتوجب عليها عمله في محاربة الفساد المتفشي في عموم الجهاز الحكومي بل وفي الكثير من مفاصل القطاع الخاص، واذا تم مقارنة هذه التقارير السنوية مع ارقام عدم قدرة الدولة على تقديم الخدمات العامة للكثير من المواطنين الذين يصنفون بكونهم تحت او على خط الفقر الخدمات الأساسية المذكورة في حقوق الانسان التي يعترف الدستور العراقي بشرعيتها .

مثل هذه التقارير والتصريحات لا تقدم للصحافة العراقية أي معلومات يمكن توظيفها في نشر قيم النزاهة وثقافة مكافحة الفساد، وأكثرها يتعامل مع وسائل الاعلام وكأنها مجرد موظف في اقسام العلاقات والاعلام، فيما المطلوب ان تتعامل هذه الأقسام فيما تصدره من تقارير واخبار مع وسائل الاعلام بكونها الشريك في صناعة النزاهة المجتمعية المرجوة، وليس العكس.

هذه نماذج على سبيل الحصر لا الجمع، تطرح علامات تعجب صحفية كبيرة عن اليات عمل دوائر العلاقات والاعلام في أجهزة الدولة، والمفترض ان توظف هذه الأجهزة التي تجمع في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تحت عنوان عريض ب( الاعلام الحكومي) نماذج اكثر إيجابية وابداعا ، توظف البعد الاكاديمي وتجارب الدول المتقدمة في التعامل مع تقنيات تحدث يوميا في وسائل التواصل الاجتماعي ، فيما يبقى الخبر في أساس مهنة الصحافة ، فان عدم مبادرة هذه الدوائر في التعامل معه كمصدر للأخبار ، يؤكد ان العراق الجديد خارج التغطية !!