الاصطفافات التي جعلت من رئيس الحكومة خصماً لها كانت في اساسها نابعة ومؤيدة من احزاب السلطة ذاتها لعدم تاييدها لتولية منصب رئاسة الحكومة اصلاً ، فهل من الممكن ان يحرص “هؤلاء” على ان يقدموا له وزراء “قادرين” على ان يحققوا له سمعة طيبة توضح مقدار فشل من سبقه في رئاسة الحكومة؟
الجميع يقرون بفشل الحكومة و بتخبط رئيسها وهو ما يظهر جلياً في ” اجراءات التقشف” التي اضرت بالمواطنين والاصلاحات “الخجولة” التي طالت السادة المسؤولين.
بعد التجاهل شبه الكامل من قبل الحكومة للمطالب العامة تحرك التيار الصدري او “تيار الشعب” كما اراه اليوم، و كان له السبق السياسي و الشعبي في اعلان البراءة من التشكيلة الحكومية التي لم تقدم شيئاً ملموسا خلال الفترة السابقه خصوصاً بعد ظهور مشاكل عديدة على السطح نذكر منها ضعف الاداء الامني و الخدمي و بشكل عام فان الحراك الذي يقوده زعيم التيار يوضح حجم الاستياء الشعبي العارم الذي يمكن ان يعود بالبلاد الى المربع الاول و يلغي العملية السياسية برمتها الا ان المسؤولية الوطنية و التاريخية توجب على قيادات التيار والجهات المتحالفة معه المحافظة على كيان الدولة و هذا لن يتحقق الا بالانضباط العالي وسلمية الاعتصام وهو الامر الذي لمسناه في الايام الماضية لوجود رغبة حقيقية في تصحيح المسار ولكن ينبغي التساؤل عن “الخطط البديلة” للتيار في حال لم ينجح الاعتصام في تحقيق التغيير؟
وهذا السؤال لا يمكن الاجابة عنه لغاية هذه اللحظة..!!
حال الشعب اليوم كمن يبحث عن ماء نقي في بحر مالح خصوصا و قد اشيع ان رئيس الحكومة خاطب نفس الكتل السياسية لـ”ترشح” وزراء جدد لا نعرف عنهم شيئاً و لا نعلم مدى نزاهتهم و وطنيتهم وهذا الامر يمثل اضاعة للوقت بكل ما في الكلمة من معنى خصوصاً في ظل غياب دولي عن كل ما يجري داخلياً وكانهم ينتظرون ان يشربوا “صافيها” و هو ما اعتقده شخصياً بعد اشادة “القنصل الاميركي” بالبصرة ببطولة الحشد الشعبي وعدم وجود “مانع” من مشاركته في تحرير الموصل بحسب التصريح، هذه العبارة لايمكن تجاهلها بهذه البساطة ويبدو انها تشير الى خطة اميركية لمرحلة قادمة.
التحالفات هي الاساس في اي تشكيلة وزارية فلا يمكن لاي جهة ان تتحمل لوحدها مسؤولية بناء او اعادة اصلاح عملية سياسية لبلد انهكته الحروب لعقود طويلة وما يزال يعاني الامرين بسبب الارهاب والفساد واعتقد ان التظاهرات المدنية كانت خطوة اولى لاثبات حجم التأييد الشعبي العام للاصلاحات و هذا الامر كان ينبغي على الحكومة ان تفهمه جيداً لان تجاهله يؤدي بالجميع الى مالا يحمد عقباه.
الفرصة اليوم مؤاتيه للتغيير والاصلاح شريطة توفر النية الحقيقية والتوافقات السياسية اللازمة لانجاح هذا الامر ولا ننسى ان التوافقات التي ننتظرها تختلف جذرياً عن التوافقات التي رسم حدودها دستور الدولة الذي انشأه المرضى لخلق الفوضى فهذا الدستور المنقوص هو الذي وضع رئيس الحكومة في موقفه المحرج اليوم والذي لا يسمح له بأن يخرج بتشكيلة حكومية غير خاضعة لاحزاب السلطة الامر الذي لم يتمكن من ان يحرز فيه اي تقدم رغم محاولاته التي “تبدو” كثيرة لان الامر ببساطة يمس موازين القوى في بلد لا لغة فيه سوى لغة الرصاص.