الصحافة و الاعلام تكاد تكون المهنة الوحيدة التي يمكنها ان تكون مرآة لكل المهن الاخرى فمن الممكن ان تكون المؤسسة الاعلامية مستشفى أومدرسة وحتى محكمة وبرلمان وغيرها من المؤسسات التي تقدم الخدمة للانسان كذلك الصحفي و الاعلامي يمكن ان يكون طبيبا عندما يقوم بنشر معلومة والتثقيف و التعريف على طرق الوقاية و العلاج من الامراض بواسطة النشر لتصل لابسط انسان ، ويمكن ان يكون محام او مدع عام من خلال دفاعه عن المظلوم وادانة المعتدي عن طريق وسائل الاعلام وتبيان الحقائق للجميع ويمكن ان يكون معلم ورجل دين واكاديمي ومثقف ونائب في البرلمان وغيرها الكثير بواسطة الخبرة الاعلامية والادوات التي يستخدمها وتستخدمها المؤسسة والعاملين فيها لكل جزء حياتي مقابل لها لتسهم اولا واخرا في خدمة الحياة وتطوير الانسانية.
من خلال هذ المقدمة يحق لنا أن نقول أن الصحافة والاعلام عاملا اساسيان في صناعة الحياة والانسان وكذلك هما الطريق لتواصل الحضارات والثقافات فضلا عن نقل المعلومات، صحيح انه قيل ان الصحافة هي السلطة الرابعة لكنها في زماننا اكثر من ذلك اذ يمكنها ان تكون الذراع واللسان بل والعقل المفكر لباقي السلطات الثلاث الاخرى.
افضل رسالة يمكن للصحافة ان تقوم بنقلها هي رسالة الانسانية ورسالة السلام وصوت الشعوب خصوصا الذين لا يسمع لهم صوت من الفقراء والمظلومين والمغيبين في خضم صراع المصالح والمضطهدين لكي تتفاعل معها الانسانية جمعاء عسى ان تزيل الظلم والجور عنهم، في العراق مثلا عشرات القنوات الاسلامية والوسائل الاعلامية وكلنا نعرف ان الدين الاسلامي رسالة انسانية الا ان الغريب عدم تعاطي هذه المؤسسات والقنوات مع التظاهرات والاعتصامات المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد التي دعا لها السيد مقتدى الصدر بلا شك ان الامر يكون غريبا في باديء الامر تصديقه على من يعلن انه يتبنى نهج اسلامي ويبخس حق الاخرين لكنه ليس مفاجئ ابدا ففي الحقيقة هي قنوات سياسية بحتة باطار اسلامي للوصول الى قلوب المواطنين العراقيين الميالين الى النهج الاسلامي بطبيعتهم ولكن هذا التعامل من قبل تلك القنوات سيفقدها المصداقية مع المواطنين ومع الله سبحانه الذي يعلم ما تكنه الصدور اما مهنيا فمن المؤكد انها غير حرفية ولن يكتب لها الاستمرار لان المجتمعات في تطور وتثقيف مستمر وسرعة التمييز عنده ستكون ذات وتيرة سريعة ليتخذ القرار. ويبقى الامر العجيب هو سلبية تعاطيها مع التيار الصدري بل انها تبخس حتى الانتصارات والتضحيات التي يقدموها سرايا السلام في قتالهم حتى مع الإرهاب !!
اما القنوات العربية والعالمية فهي اما غافلة او تستغفل نفسها والاخرين عما يجري في العراق وعندما يحدث فيضان بسيط او هزة ارضية لا تتجاوز ثلاث درجات على مقياس ريختر في أي مكان غير العراق فنلاحظ تغطية متواصلة وعلى مدى الساعة وهذا الامر ايضا يسيء لسمعة تلك المؤسسات وخصوصا من تتباها بعالميتها وحياديتها وعراقتها في عالم الاعلام .
واخيرا رسالة الضمير الاعلامي ربما اصبحت الكثير من القيم في هذا الزمن عرضة للمساومة وقابلة للبيع والشراء لكن يبقى الضمير الانساني كنز حي ليس باستطاعة أي سوق من اسواق الساسة تصريفه بأثمانه البخسة .