اعتمدت المحاكم العراقية مبدأ الاعتراف من قبل المتهمين كأساس لتوجيه الاتهام أو النطق بالحكم وعدته سيد الأدلة، كما جرى وفق العُرف والتقاليد بأن اعتراف الأشخاص يعد عنصراً مادياً في إثبات الحقائق وإقامة الحدود عليهم، وإذ اورد هذه االمقدمة جراء الصدمة الكبيرة التي اصابتني، جراء اعترافات النائب مشعان الجبوري عبر شاشة قناة الاتجاه الغراء بأن الطبقة السياسية جميعهم المعممين، الأفندية، واصحاب العقال، قد استلموا الرشا في عملهم وتوسطوا وتستروا على سراق المال العام.
اعتراف صادم للجميع، مازلت ابحث عن الإسباب التي تبرر هذه الفعلة من قبل نائب في البرلمان العراقي وهو يفصح عن نفسه كمرتشي بإستلامه كم ( مليون دولار) من شخص واحد، لإجل غلق ملف من ملفات ذلك السارق لأموال الشعب العراقي، فضلا عن انه رفض الافصاح عن مئات السرقات وعمليات الرشا التي لو اباحها للعلن لتعرض للقتل او التحقيق معه من قبل البرلمان العراقي.
هل نحن فعلا في بلد فيه حكومة ونظام وقانون ومجلس قضاء أعلى ونائب عام وهيئة نزاهة، ومكاتب مفتشين تملأ البلد من اقصاه إلى اقصاه، ولدينا ديوان للرقابة المالية زاد عمره عن (80) عاماً، كيف يحصل هذا ؟! وعندنا حكومة فيها رئيس وزراء، ووزراء ونواب ومحافظون، واعضاء مجالس محافظات ومدراء ومستشارون، وتحصل مثل هذه الاعترافات الخطيرة عبر قناة عراقية شاهدها الملايين من ابناء هذا الشعب العراقي، من دون ان نشهد اي اجراء لردع مثل هذه الاستهانة بالفقراء واطفال القمامة والمعوزين والثكالى. واعلن ان الكلمات تعجز عن وصف الحالة غير القول: سبحانك ربي، سبحانك ربي أنت اعلم بعبادك.