الاعتراف ، ومستقبل الدولة الفلسطينية .

الاعتراف ، ومستقبل الدولة الفلسطينية .

يعرف الدكتور حسن الچلبي ( أستاذ القانون الدولي في جامعة بغداد سابقا ) في كتابه القانون الدولي العام ( ص 265) الاعتراف .. بأنه العمل الدولي الأول الذي يضع ويقرر اسس كيان الدولة في الحياة الدولية . فالدولة كما رأى لا تظهر في النطاق الدولي وتمارس نشاطا في هذا المجال إلا بعمل دبلوماسي وقانوني قوامه انصراف أرادة الدول نحو قبول وحدة سياسية جديدة عضوا في المجتمع الدولي ، وهذا التوجه في القبول يسمى بالاعتراف .

الامم المتحدة والدولة الفلسطينية .
جاء قرار الجمعية العامة للامم المتحدة المرقم 181 لسنة 1947.. تنفيذا لوعد بلفور وزير خارجية بريطانيا لعام 1917 الذي تعهدت بموجبه حكومة جلالة ملك بريطانيا باقامة دولة لليهود على أرض فلسطين ، وما قرار الجمعية العامة إلا تقسيما لأرض فلسطين التاريخية بين دولة يهودية واخرى فلسطينية ، فهو اذن قرار تقسيم بموجب القانون الدولي ، وفي اثر القرار وبعد 11 دقيقة اعترفت الويلايات المتحدة كأمر واقع بالدولة اليهودية ، وبعد ذلك توالت الاعترافات باسرائيل على إنها دولة برغم أنها لم تكن قد حازت بعد على شروط العضوية الكاملة في المجتمع الدولي . بالمقابل لم يعمل العرب على اعلان دولتهم ، الامر الذي غاب بموجبه الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية ، وقد حثت بعض الاطراف العرب بالشروع باعلان الدولة الفلسطينية ، غير أن العرب لم يعترفوا بقرار التقسيم ، وقامت حرب عام 1948 بين العرب واسرائيل ، وبعد انتهاء  الحرب لصالح اسرائيل تشرذمت الاراضي الفلسطينية بين مصر في غزة والاردن في الضفة الغربية . حتى حرب عام 1967 حيث استولت اسرائيل على كافة الاراضي الفلسطينية ، وانتقلت القضية الفلسطينية من قضية إقامة الدولة إلى قضية تصفية الاحتلال ، وتغير الوضع القانوني بمجمل القضية ، وفي عهد الراحل ياسر عرفات تم التباحث مع اسرائيل بشأن إقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة اسرائيل استنادا لقرار الجمعية العامة انف الذكر ،  اضافة القرار 242 لعام 1967 الصادر عن مجلس الامن القاضي بانسحاب اسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة والذي لم تنفذه اسرائيل ، بل اخذت تعمل على بناء البؤر الاستيطانية في القدس والضفة الغربية وتعمل  بقوة جيش الدفاع على مساعدة المستوطنين للتوسع بالاستيلاء على المزيد من الأراضي وتجريف البساتين وكان ذلك هو السبب الأساس لقيام أحداث 7 أكتوبر عام 2023 ، وأحداث الضفة الغربية .
الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية .
يعد الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية حرقا للقانون الدولي ، واتفاقيات جنيف الرابعة ، لذا فان المجتمع الدولي يطالبها بالانسحاب من تلك الاراضي ، والعودة إلى مباحثات اسلو من اجل السلام وقيام الدولة الفلسطينية ، غير أن تعنت اسرائيل ، وأمعانها بالقتل والتهجير دفع بالعالم اجمع نحو التركيز على قيام دولة فلسطينية ، وفي عام 1988 أعلن المجلس الوطني الفلسطيني قيام دولة فلسطين ، وطالب المجتمع الدولي بالاعتراف بها ، وفي 29 نوفمبر عام 2012 اعترفت الامم المتحدة من خلال قرار الجمعية العامة المرقم 67/19. بدولة فلسطين كعضو مراقب ورفع من درجتها،  ويخولها القانون الدولي الدخول في اتفاقيات دولية مهمة ، او الدخول إلى المنظمات الدولية .
أن الاعتراف الدولي المنتظر في ايلول من هذا العام في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة بالدولة الفلسطينية سيعزز من موقف المفاوض الفلسطيني ، وسيكون عامل ضغط حقيقي على اسرائيل لان تتخلى عن مواقفها المتشددة بشأن الاحتلال ، والدخول في مفاوضات من باب دولية أكبر ، وربما بتأييد من كافة دول العالم باستثناء خمسة منها وعلى رأسها الويلايات المتحدة .
أن الاعتراف الدولي الجاري حاليا هو يميل الى جوهر الاعتراف المنشئ ، الذي يحمل الدول على الاعترااف بدولة ما دون ان تكتمل كافة الشروط القانونية ليقامها ، سييما وان الدولة الفلسطينية تحوز على كافة شروط قيام الدولة ( برغم الاحتلال).منها وجود الأرض والشعب والسلطة الفلسطينية ، اما السيادة فان المجتمع الدولي يعترف بها برغم الاحتلال .
أن القضية الفلسطينية وقيام دولتها أصبحت الآن قضية دولية ، ما هو مطلوب من العرب طول النفس ، والمتابعه الجادة ، وان اليمين الاسرائيلي يواجه صعوبة في البقاء ويواجه عالم يريد قيام الدولة الفلسطينية واحلال السلام وفقا لما أستقر عليه القانون الدولي العام .