-1-
من المشكلات المزمنة عبر امتداد الايام مشكلة عزوف السلطوييين عمن يرونه دونهم من الناس …. والزهد فيهم وفي لقائهم ….. وفي قضاء حاجاتهم ..!!
ومنشأ ذلك أنّ السلطة تُفسد طباعهم وأخلاقهم، فيُخيل اليهم أنهم في (القمة) بينما الاخرون في (السفح) وأين القمة من السفح ؟!!
انّ هذه النزعة الفوقية نزعة شيطانية خبيثة ، ولن يعلو الانسان الاّ بمواقفه وخدماته الانسانية .
وحين تتأصل هذه الحالة في نفوس بعض السلطويين، تُصبح حائلاً بَيْنَهُم وبَيْنَ الامتداد الحقيقي الى قلوب الناس ، ولن يحصدوا من ورائها الاّ الخسران والندامة في نهاية المطاف …
-2-
جاء في بعض كتب الأدب :
أنَّ أبا العَيْناء– وهو أديب معروف – أَرادَ اللقاء ب (عبد الله بن سليمان) وهو من السلطويين يومذاك –
فقال :
اعذرني فاني مشغول ،
فأجابه أبو العَيْناء :
اذا فرغتَ لم أَحْتَجْ اليكَ،
وما أَصنعُ بك فارغاً ؟
وأنشد :
فلا تَعْتَلِل بالشُغْل عنّا فانما
تُناطُ بك الآمال ما اتصلَّ الشُغْلُ
-3-
انّ الاعتذار البارد من قبل (عبد الله بن سليمان) كان وبالاً عليه ، وقد سجّل التاريخ عليه ذلك وبقى موقفه مُستَهْجَنَاً ، جيلاً بعد جيل …
-4-
انّ مراجعة الناس للمسؤولين ليست ناشئة من فراغ،وانما هم مدفوعون اليها تحت ضغط الحاجة ، والعناية بهذه الحاجات هي من صلب شغل المسؤول فما معنى الاعتذار عن ذلك بالشغل ؟!!
وقديما قيل
(ولا بُدَّ للخسران من باردِ العُذرِ)
-5-
قيل :
اتصلت شخصية عراقية محترمة بأحد السلطويين الكبار فأجابه بعض زبانيته قائلا :
اننا لسنا في حسينية !!
وكأنه يريد القول :
ان باب المساجد والحسينيات مفتوح للجميع ، وبلا عوائق ، أما مكاتب المسؤولين الكبار فانها مُقفلة مغلقة، ولا يفتح الباب الاّ وفق حسابات خاصة لايعرفها الا الراسخون في فنّ التعسيروالتنفير …
-6-
كان بالامكان ان يكون الجواب رقيقاً شفّافا ، بَدَلَ ان يكون غليظا بعيداً عن رحاب الآداب والأخلاق …
وليس الذنب ذنب صاحب الجواب البائس والوجه العابس فقط وانما هو ذنب من اختاره ووضعه في موضعٍلايستحقه، لحساباتٍ ما أنزل الله بها من سلطان ….!!
-7-
ومن الظواهر المؤسفة في العراق الجديد تصاعد شكاوى المواطنين من طرز التعامل معهم في الدوائر والمؤسسات الرسمية ،
وهذا مؤشر سلبي للغاية :
ذلك ان المسؤول لايخرج عن كونه خادماً للمواطنين، بينما هم لايرون منه الا العناية بنفسه وأهله وحزبه ، ومصالحه ، ومستقبله ..!!،
والاهمال الصريح الفصيح لمطالبهم وحاجاتهم ..!! والتقصير الكبير في تقديم ما يلزمهم من خدمات ….
-8-
انّ اجندة المسؤول الحريص على النجاح في أداء عمله، لابد ان يكون فيها تخصيص الوقت المناسب لاستقبال المواطنين ، بنية الوقوف على حاجاتهم، ومن ثم العمل على إسعافها ضمن الامكانات المتاحة ، وبهذا تتعمق الصلة بين الطرفين ، وينفتح باب التعاون بينهما وصولاً الى تحقيق الأهداف المنشودة …