لا تقرأ الكثير من وسائل الإعلام العراقية زيارة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي الى دولة قطر بمنظار ايجابي، وفقاً لمنطوق التحليل السائد بأن قطر تتآمر على العراق وعمليته السياسية، مما جعل احد نواب القائمة العراقية يطالب بتطبيق ذات نبرة التصريحات على زيارة رئيس كتلة التحالف الوطني ابراهيم الجعفري الى السعودية للتعزية بوفاة الأمير سطام بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض.
وما بين الجعفري والنجيفي، تبدو خارطة علاقات العراق العربية تتخذ مساراتها ما بين علاقات متشنجة مع قطر، التي تدعم انتفاضة الأنبار، وتتهم بالشراكة مع تركيا لتهديد وحدة العراق، مقابل علاقات عراقية مرغوبة مع دول الاعتدال العربي، وأبرزها السعودية والكويت ومصر والأردن، وتحظى زيارة زعيم الجعفري، الى السعودية، باهتمام الأوساط السياسة والشعبية العراقية، اذ ربما تكون هي البادرة الأولى في مسار إذابة الجليد الذي يغلف علاقات بغداد بالرياض.
ويعد موضوع السجناء السعوديين احد مثابات عرقلة عودة العلاقات الى طبيعتها بين بغداد والرياض، والمفاوضات الأخيرة يمكن ان تنتهي ايجابياً الى التوقيع على اتفاقية تبادل المحكومين مع العراق، وفقاً لتصريح دبلوماسي سعودي بأن الاتفاقية التي تم توقيعها في الرياض ستدخل حيز التنفيذ بعد 30 يوماً من تاريخ التوقيع».
وكان مصدر رفيع المستوى في وزارة الداخلية العراقية أكد في 12 من الشهر الجاري ان وفداً عراقياً سيغادر الى الرياض خلال الأيام القليلة المقبلة للتباحث مع المسؤولين السعوديين بشأن تنفيذ عملية نقل السجناء بين البلدين، مشيراً الى أن عدد المحكوم عليهم يبلغ 167 سجيناً بينهم 57 سعودياً و110عراقيين.
كل ذلك يمكن أن يولد لا أقول محوراً عربياً للاعتدال يضم العراق والسعودية بمواجهة ما يوصف بالتطرف القطري التركي ضد العراق، لكن من المهم أن تعيد بغداد وشائج علاقاتها مع المحيط العربي، وبعد النجاحات التي تحققت مع الكويت، يبدو أن محطة السعودية تسير بذات الاتجاه الصحيح، وهو ما عبّرت عنه تصريحات مسؤولين عراقيين، منهم عضو ائتلاف دولة القانون عدنان السراج بأن زيارة وفد التحالف الوطني الى السعودية لتقديم التعزية بوفاة أمير الرياض سطام بن عبدالعزيز، تحمل في طياتها رسالة من العراق مفادها «ان التحالف الوطني وشيعة العراق يريدون إقامة افضل العلاقات مع السعودية بالمستقبل».
منوهاً الى «أن هذه الزيارة جاءت بعد ورود اشارات من السعودية بشعورها بالخطر من الدور القطري في المنطقة واتساع هيمنة الإخوان المسلمين على المنطقة العربية، مبيناً ان هذه الزيارة قد توحد الروئ بين العراق والسعودية بشأن الأحداث بالمنطقة».
ومرت العلاقات الثنائية بين اثنين من أكبر الدول العربية، بمرحلة من الجمود، تلت الغزو الأمريكي للعراق، العام 2003، لكن بوادر تحسن في هذه العلاقات بدت واضحة بعد أنباء عن «لقاءات إيجابية» عقدت بين ممثلين عن الدولتين، على هامش مؤتمر قمة الدول الإسلامية، الذي عقد أخيراً في العاصمة المصرية القاهرة.
وكان علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، تحدث عن مساع يبذلها الأخير لتقوية محور الاعتدال في المنطقة، بهدف مواجهة التطرف الذي تتسع رقعة تأثيره منذ اندلاع الأزمة السورية، قبل نحو عامين.
والسؤال.. هل يمكن تطبيق هذا الوصف على زيارة النجيفي لقطر؟ التصريحات المتلاحقة من قيادات التحالف الوطني ترى العكس، وتشدد على اهمية التفريق بين الدوحة والرياض، ما بين نوع الاعتدال العربي المرغوب، واشكال التطرف المرفوض وفقاً لمفهوم متجذر حول دعم العملية السياسية في العراق الجديد!!