28 ديسمبر، 2024 1:11 م

الاعتداء على الطفولة هدم لاخر معاقل الانسانية الاعتداء على الطفولة هدم لاخر معاقل الانسانية

الاعتداء على الطفولة هدم لاخر معاقل الانسانية الاعتداء على الطفولة هدم لاخر معاقل الانسانية

لم تقبل تلك المرأة المغسلة أن تجري عليها الماء, فقد أخافها ازرقاق جلدها, وخشيت أن تكون تلك الطفلة بنت الأربع سنين, قد أصيبت بمرض فتاك, فخافت على نفسها العدوى, ولعلها معذورة في خوفها, فجمع من النساء والأطفال في خربة لا تصلح للعيش مطلقا, مؤهلين جميعا للإصابة بشتى أنواع الأمراض, ولكن عمتها الصابرة أكدت لها, إن تلك الزرقة ليست سوى سياط جلاوزة السلطان, حيث أرادوا لها أن ترفع ثقل التعب والقيود التي كبلت جسد هذه الطفلة, المذهولة بمشهد ذبح أبيها وإخوتها أمام عينها, فلهيب السياط قد يرفع الم التعب لتلك الأجساد النحيفة.
نتذكر الإمام الحسين عليه السلام في كل عام, لأهداف شتى, من ضمنها, إيقاظ الضمائر وتنبيهها من الغفلة, والانحراف الذي ساق جمع من الناس إلى قتل هذا الإمام العظيم, ثم أداء الصلاة التي جاء بها جده عليه السلام, الانحراف الذي سول للبعض, ان يطلق كلمات الحماسة لتشجيع من لديه وازع من دين- منحرف- بقوله : يا خيل الله اركبي ودوسي صدر الحسين, فداست تلك الحوافر صدراً لم يفارق صدر رسول الله صلى الله عليه واله, وكأنهم يريدون, أن يدموه بعدأن شرحه ربهم تبارك وتعالى, الانحراف الذي أباح للقوم حرق خيام بنات رسول الله, وترويع أطفاله, في مشهد يخلوا من شتى أوجه الغيرة والحمية, بعد تقهقر كل معاني الإسلام لدى هذه الثلة المحاربة للأبي الثائر على كل هذا الانحراف.
تذكر مآسي كربلاء, قد يخاطب الفكر والسلوك المنحرف لدى المسلمين أنفسهم, والحذر من عودته مرة أخرى, ولكن ما جرى بعد يوم عاشوراء, يخاطب انحراف سلوك الإنسان وانحطاط القيم لديه, وهذا الأمر غير مختص بدين أو طائفة, فقد يحتاج البعيد عن المسلمين معرفة بشخص الإمام الشهيد, وموقعه, في كيان الإسلام, حتى يستشعر عِظم الجريمة التي أتى بها المسلمون, ولكنه يتفاعل بسرعة ملحوظة مع ما جرى على عيالات الحسين عليه السلام, بعد مقتله الرهيب, لو اطلع على ما وقع عليهمبعد ان وضعت الحرب أوزارها, فان ذلك يمثل إنحراف كبير في القيم الإنسانية, التي تشترك بها البشرية جمعاء .
الحيف الذي يقع على الطفولة, يعد من أهم الأمور التي تخترق حواجز الزمان, والمكان, والأديان, ليلتقي مع الضمائر البشرية, فيهزها هزا عنيفا, لان التعاطف مع الطفولة؛ يمثل المعقل الأخير لوجود الرحمة في كيان الإنسان, والمنبه عن تنازل البشر عن إنسانيتهم, ولعل من يفقدها لا يعد من جنس البشر, الا بالهيئة الخارجية, ولعل من الشواهد المعاصرة ما تعرض إليه الطفل السوري الملقى على إحدى السواحل, بعد إن هاجر مع عائلة, وما أوجدته هذه الصورة من هزة في ضمائر الشعوب والحكومات.
بعد عاشوراء كان اعتداء صارخ على آخر هذه المعاقل الإنسانية, بشكل لا يأتي به أعتى طواغيت العصور جميعا, فرقية التي لم تتجاوز سن الخامسة, كان عليها, أن تركض حافية في صحراء كربلاء, وهي مذهولة من منظر أبوها – الذي لم تفارقه من قبل – وإخوتها المجزرين كالأضاحي, بعد قضاء ليلة موحشة في تلك الصحراء المقفرة, وقد فاقم رعبها تنازع الرغبات في داخلها بين الذهاب إلى جسد أبيها, والارتماء في أحضانه, وبين الرغبة في اللحوق برأسه الذي سبقها الى أمير الكوفة, ولكن وقع السياط على جسدها الرقيق, لم يبق لها إلا خيار اللحوق بذلك الرأس الشريف, فمشت وقدماها الصغيرتان تحترقان من حر الرمضاء المحرقة, لتكمل رحلتها إلى الشخص الذي صيره انحراف المسلمين وتخاذلهم خليفة لجدها وجد أبيها ذو الرأس المرفوع على الرماح, والذي لم تلتقي به طيلة تلك المسيرة الطويلة إلا في خربة الشام حيث أسلمت روحها بين تلك الشفاه الذابلات, في مشهد يدمي القلب ويصور مدى الانحراف عن القيم الإنسانية لدى الطواغيت.
هذه الحادثة الأليمة,ينبغي ان تصل إلى إسماع جميع العالم, من خلال ما يمتلكه أتباع أهل البيت عليهم السلام, من قدرة إعلامية, ووجود سياسي, في شتى ارجاء العام, ويكون ذلك من خلال دعوة المنظمات العالمية المهتمة بشأن الطفولة, كاليونيسيف, ولجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة, للتعرف على ما جرى على آل بيت رسول الله صلى الله عليه واله, ورصد الأموال الكافية للتعاقد مع شركات العلاقات العامة, لاطلاع الرأي العام العالمي, لغرض إيصال هذه الرسالة بالغة الأهمية, وتعريف العالم بأن المنهج الإرهابي, لا يعبر عن نهج الإسلام الرحيم المتسامح بل هو انحراف خطير لم تسلم منه حتى عيال رسول الله صلى الله عليه واله