ملفت للانتباه ان تعلن هيئة الحج عن عزم نحو 160 مسؤولا الذهاب الى مكة لاداء فريضة الحج، والأغرب من ذلك ان بعضهم صرح مفتخرا انه سيقوم بحملة اصلاحية حال عودته الميمونة من الحج المبرور إنشاء الله.. والسؤال هنا: الا يعد ذلك وجها من وجوه الفساد يوجب الوقوف عنده ومحاربته؟ ام ان لدولة الرئيس رأيا اخر؟
في كل عام يذهب بهذا القدر ربما او اقل بقليل منه، مسؤولون الى حج بيت الله الحرام، يرافقهم خدم وحشم وحمايات وعوائل ربما، وهناك حيث يقيم الحجاج في مقر الهيئة في المدينة المنورة تبدأ القصة كل عام، المكان هو في الاصل مستعمرة في السابق للنائب الشيخ محمد تقي المولى، ومن لا يجيد التكلم بالتركماني لا ينصح بالسكن هناك، ابنه الاكبر مديرا عاما في الهيئة وابنه الاصغر مديرا لشيء لا احد يعلمه لانه يمسك بزمام كل شيء، ذلك بالتأكيد قبل ان تسلب منهم الامجاد ويتحولون الى “صيع” يجوبون شوارع العاصمة طهران بسياراتهم الفاخرة ترافقهم ذوات الشعر الاصفر والبشرة الارية البراقة..
هناك في جناح هيئة الحج، مدعوون من شيوخ ووجهاء ومسؤولون بارزون، تقام لهم موائد خاصة هي “اوبن بوفيه” فيها ما لذ وطاب، والجناح مزود بالخدم والحشم، لا يرتاده الا من اذن له المولى (رئيس الهيئة) وقال صوابا، فيه كل السادة اعضاء المجلس الاعلى القادمون الى بيت الله، وبعض الساسة الوجهاء في الدولة.
وفي مقر العزيزية في مكة المكرمة لا يختلف الوضع عما هو عليه، فهناك ايضا خدم وحشم في الفندق ولا يسمح لاي كان ان يسكن هناك، بل لمن اذن له ايضا، وكان من المقربين، وهم بالاغلب الاعم حواشي الشيخ رئيس الهيئة..
المسؤولون لا يأتون بالمفرد، سامي العسكري مثلا ذات مرة كان برفقة زوجته وجادل كثيرا ان يقتطع لها مكانا خاصا في جناح الرجال في عرفات لانها ليست كسائر البشر يمكن ان تسكن في خيام غير مبردة ولا تحتوي “اوبن بوفيه” ومثله كل المسؤولين وابناء المسؤولين، فالحج هناك سياحة بخمسة نجوم…
العاملون في الهيئة يأتون من اجل تنسيق اداء المراسيم قبل موعد البدء بنحو شهر ويرجعون بعد تمام المراسم بالنحو ذاته، وهم بين هذا وذاك يتقاضون مخصصات ايفاد، ومثلهم بقية موظفي الدولة.
كل تلك الصورة التي رسمها المولى، ومن وراءه سماحة السيد الحيدري اعلى الله مقامهم جميعا، كانت الجموع تأمل ان يشملها تقليص العبادي او ربما اعتراضه كاقل الايمان؟ ولكنه هل يجرؤ بالفعل على القيام بذلك، هذا ما صرت اشك به فعليا..
اليوم يعلن عن عزم نحو 160 مسؤولا ضمنهم 6 وزراء، ولا احد يعرف كيف جرى اختيارهم للذهاب الى الحج، هل فازوا في قرعة الحج؟ هل سبق وان ادى بعضهم المراسيم ام لا؟ هل اخذوا اجازة فعلية من دوائرهم ام انهم سيكافأون ايضا لحضورهم علاوة على عدم التعرض لمرتباتهم؟ هل ما اخذوه من حصة هي لمواطن بسيط انشغل بالمطالبة بخدماته المسلوبة فقرر السيد المسؤول ان يشكوه للرب حضوريا في بيته؟
اين السادة المسؤولين من حملة الاصلاح واين السيد العبادي منهم، وزير الخارجية الذي لم يسجل فعلا واحدا يحسب للعراق خلال اداء وزارة متعثر منذ نحو عام واكثر، سوى انه قدم دليلا على ان هوشيار زيباري كان اهون الشرين اذا ما قورن بطاووس منتفخ ونرجسي فارغ اجوف لا يفقه حتى ما يقول… هذا المهذار يعتزم الاصلاح بعد عودته من الحج ربما لانه سيضع قائمة اصلاحاته المفترضة تحت ميزاب الرحمة والتي ستنال ممن لا سند ولا ظهير لهم بلا رحمة شأنه شأن رئيس وزراءه وحين يعود سيخرج كل المسيحيين او التركمان او اهالي المحافظات الجنوبية غير المنتمين الى حزب الدعوة او المجلس الاعلى او التيار الصدري..
على السيد العبادي ان يفهم ان محاربة الفساد انما تبدأ من الاتجار بالدين او ممارسة الطقوس لتغطية الاداء الفاسد وعليه اول ما يوجب فعله هو ان يمنع كل مسؤول بدرجة مدير عام فما فوق من اداء مناسك الحج ويسمح للمواطنين من ممارسة مناسكهم وان لا يعكر عليهم بتلك الوجوه، وان يعيد الحسابات بالسيد رئيس الهيئة واعضاء الهيئة بل وان يشدد على سماحة السيد رئيس الهيئة خالد العطية ان لا يجري عملية جراحية لاعضاء “خربانة” اخرى خلال الموسم وعلى نفقة الدولة، لان لا يكرس الشعار الذي بات يثبت كل يوم واقعية فعلية يمارسها العبادي واذنابه “باسم الدين باكونه الحرامية”…